البرلمان المصري لحسم استمرار السيسي رئيساً حتى 2030

«النواب» يصوت نهائياً على تعديل الدستور اليوم

TT

البرلمان المصري لحسم استمرار السيسي رئيساً حتى 2030

يحسم البرلمان المصري، اليوم (الثلاثاء)، بتصويت نهائي من أعضائه، مصير تعديلات على مواد بدستور البلاد ستفضي إلى استمرار الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي في سدة الحكم حتى عام 2030.
ويأتي التصويت بعد ارتباك لافت خيم على مسار مناقشة التعديلات وصياغتها خلال اليومين الماضيين، فيما يتعلق بالمدة الرئاسية، إذ تغيرت المقترحات التي تقدم بها ائتلاف الأغلبية البرلمانية (دعم مصر) قبل أكثر من شهرين، وكانت في صورتها الأولى تقضي بالسماح بترشح الرئيس الحالي لفترتين رئاسيتين مقبلتين بشكل انتقالي، لكن «لجنة الشؤون التشريعية» عدلت المقترح، وظهرت الصيغة النهائية لتسمح بترشحه لمرة واحدة، وكذلك منحت الصورة النهائية للتعديلات الحق للرئيس بإضافة عامين إضافيين لفترته الرئاسية، بتطبيق زيادة المدة الرئاسية من 4 إلى 6 سنوات بأثر رجعي على السيسي، لتنتهي فترته الحالية في عام 2024، في حين كان هو قد انتخب في عام 2018، على أساس أن تنتهي مدته في عام 2022.
وجاءت الصيغة النهائية للمادة الانتقالية المتعلقة بوضع الرئيس الحالي على النحو التالي: «تنتهي مدة رئيس الجمهورية الحالي بانقضاء 6 سنوات من تاريخ إعلان انتخابه رئيساً للجمهورية (2018)، ويجوز إعادة انتخابه لمرة ثانية (فترة مدتها 6 سنوات، وفق تعديل لمادة أخرى)».
ووافقت «تشريعية البرلمان»، مساء أول من أمس، على مقترح التعديل في المادة 102 من الدستور، فيما يخص تمثيل المرأة في البرلمان بنسبة 25 في المائة، وينص التعديل على أن «يشكل مجلس النواب من عدد لا يقل عن أربعمائة وخمسين عضواً، ينتخبون بالاقتراع العام السري المباشر، على أن يخصص ما لا يقل عن ربع عدد المقاعد على الأقل للمرأة».
وكذلك تسبب الخلاف بشأن إنابة رئيس الدولة لوزير العدل في رئاسة «المجلس الأعلى للجهات والهيئات القضائية» في إعادة طرح المادة للمناقشة بين أعضاء «اللجنة التشريعية».
ونشب جدال بين رئيس البرلمان، علي عبد العال، ومعدي صياغة التعديلات، إذ نوه عبد العال بعدم جواز ترؤس مسؤول تنفيذي (وزير العدل) لمجلس يضم ممثلي الهيئات القضائية، واعتبر أن ذلك «يمس باستقلال القضاء».
وانتهى الخلاف حول هذه المادة بالوصول إلى صيغة تسمح لرئيس الجمهورية، في حالة غيابه، بأن يفوض من يراه «من بين رؤساء الجهات والهيئات القضائية».
وفي الشأن القضائي أيضاً، ستصوت الجلسة العامة للبرلمان، اليوم، على تعديل المادة 193 التي تنظم طريقة اختيار رئيس المحكمة الدستورية، وتشير (في صورتها الحالية) إلى أن اختيار رئيس المحكمة ونوابه وأعضاء هيئة المفوضين يكون باختيار الجمعية العمومية لها، ويصدر الرئيس قرار تعيينهم، لكن المقترح يسعى إلى منح رئيس الدولة سلطة اختيار رئيس «الدستورية» من بين أقدم 5 نواب، كما يعين نائب رئيس المحكمة.
وانتهت الصيغة النهائية بشأن المادة 189 من الدستور إلى أن «يتولى النيابة العامة نائب عام، يصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية، من بين ثلاثة يرشحهم مجلس القضاء الأعلى (...)»، بينما تشير الصيغة الحالية للمادة إلى أن «يتولى النيابة العامة نائب عام يختاره مجلس القضاء الأعلى (...) ويصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية».
وعلى صعيد التعديلات المتعلقة بدور الجيش، وافقت «اللجنة التشريعية» على تعديل المادة (200 - الفقرة الأولي) التي تنص على أن «القوات المسلحة ملك للشعب، مهمتها حماية البلاد والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها، وصون الدستور والديمقراطية، والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها».
وقال الدكتور علي عبد العال، في أثناء المناقشات مساء أول من أمس، إن «مدنية الدولة» تنصرف إلى معني «أنها ليست دولة علمانية أو عسكرية أو دينية»، وأثبت هذا في مضبطة الاجتماع، ثم قال إن «الدستور بتشريعاته كافة بمنأى عن العلمانية، ولا يشير إلى الاقتراب من كلمة العلمانية».
واقترح رئيس مجلس النواب طرح «مدنية الدولة» لتصويت نواب اللجنة، وتثبيت أن النص لا ينصرف إلى العلمانية، لافتاً إلى أن المحكمة الدستورية تستخدم للتفسير: الحكمة التشريعية، وأعمال التحضير، والظروف التي كتب فيه النص؛ وأن كلمة «المدنية» الواردة في المادة (200) لا تنصرف إلى علمانية الدولة.
كان تعليق عبد العال رداً على ما أثاره نواب حزب «النور»، ذي التوجهات السلفية، الذين رفضوا الإشارة إلى «مدنية الدولة» في التعديلات، وعدوا ذلك تناقضاً مع النص الدستور على أن «الإسلام دين الدولة».
كما حذفت التعديلات في صيغتها النهائية كلمة واحدة من المادة المتعلقة بمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، إذ تقول المادة القائمة إنه «لا يجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري، إلا في الجرائم التي تمثل اعتداءً (مباشراً) على المنشآت العسكرية، أو معسكرات القوات المسلحة، أو ما في حكمها»، غير أن الصيغة التي يجري التصويت عليها حذفت كلمة «مباشراً» من المادة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم