أمانة عامة تنبثق عن قمة أردنية ـ قبرصية ـ يونانية

أكدت التمسك بحل الدولتين والقرارات الدولية ومبادرة السلام العربية

الملك عبد الله يتوسط رئيسي اليونان وقبرص في القمة الثلاثية  التي عقدت أمس في العاصمة الأردنية (إ.ب.أ)
الملك عبد الله يتوسط رئيسي اليونان وقبرص في القمة الثلاثية التي عقدت أمس في العاصمة الأردنية (إ.ب.أ)
TT

أمانة عامة تنبثق عن قمة أردنية ـ قبرصية ـ يونانية

الملك عبد الله يتوسط رئيسي اليونان وقبرص في القمة الثلاثية  التي عقدت أمس في العاصمة الأردنية (إ.ب.أ)
الملك عبد الله يتوسط رئيسي اليونان وقبرص في القمة الثلاثية التي عقدت أمس في العاصمة الأردنية (إ.ب.أ)

أكدت القمة الأردنية - القبرصية - اليونانية التي انعقدت في عمان أمس (الأحد)، دعم حل شامل وعادل ودائم للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي يتم التوصل إليه عبر المفاوضات وعلى أساس حل الدولتين، ووفقاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبادرة السلام العربية، ويضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط 4 يونيو (حزيران) عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل.
وشددت القمة التي انعقدت تحت رعاية العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس ورئيس وزراء اليونان ألكسيس تسيبراس، على دعم جهود الملك الأردني الوصي على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، في حماية الأماكن المقدسة في المدينة والحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم في القدس.
وانبثق عن القمة الثلاثية التوافق على تأسيس أمانة عامة ثلاثية مشتركة مقرها قبرص، للتنسيق الدائم بين الدول الثلاث في القضايا المشتركة السياسية والاقتصادية.
وشدد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، من جانبه، على دور قبرص واليونان في مواجهة التحديات في المنطقة، وقال: «نتطلع إلى كيفية المضي قدماً في حل الدولتين والعملية السلمية التي يتطلبها ذلك، إضافة إلى النظر إلى التحديات في سوريا، والعراق؛ إذ تجمعنا رؤى مشتركة».
وتابع: «أود أن أعيد التأكيد على العلاقة القوية والالتزام الكبير من قبرص واليونان بدعمنا في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس. وهذا أمر عزيز على قلوبنا جميعاً، وأثمن حكمة دولتيكما والدور المهم للكنيسة اليونانية الأرثوذكسية في القدس والضفة الغربية، وفي بلدنا أيضاً».
من جهته، جدد الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس التزام بلاده من أجل العمل على تحقيق السلام والاستقرار والأمن والنمو والازدهار في المنطقة». وتابع قائلاً إن «هذا النهج مبني على إيماننا المشترك بضرورة التوصل إلى حلول سياسية استناداً إلى القانون الدولي، والاحترام الكامل لسيادة واستقلال وسلامة أراضي الدول، وعلاقات الجوار الطيبة».
وقال إن «دولنا الثلاث تشترك أيضاً في الموقف نفسه، بأن التعامل مع أثر أزمات اللجوء والهجرات يتطلب التضامن والتشارك في تحمل المسؤولية. وفي هذا الصدد أود أن أؤكد لكم أننا سنستمر في العمل مع شركائنا في الاتحاد الأوروبي لضمان دعم الأردن سياسياً واقتصادياً لتمكينه من التعامل مع تداعيات أزمة اللجوء والضغوطات الكبيرة التي سببتها على الاقتصاد والبنية التحتية».
وتابع قائلاً إن «توقيع مذكرتي التفاهم في قطاع التعليم، وبين مؤسسات الاستثمار في بلداننا، بالإضافة إلى منتدى الأعمال الثلاثي الذي يعقد لأول مرة اليوم، كل ذلك يمثل تطوراً مهماً لاستكشاف الفرص المهمة في بلداننا ومنها التجارة والاستثمار والسياحة والتعليم والأبحاث والابتكار». وقال: «أعتقد أن قرار تأسيس أمانة عامة دائمة مقرها قبرص سيسهم في تطوير الآلية الثلاثية للتعاون بشكل أكبر، بهدف ضمان الاستفادة من كامل إمكاناتها وزخمها».
بدوره، اعتبر رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس أن الأردن يمثل أحد أهم عوامل الاستقرار في المنطقة، «بالإضافة إلى السلام والتعايش السلمي في إقليمنا». وقال: «نحن في اليونان وقبرص، كدولتين تقعان على واجهة الاتحاد الأوروبي، ندرك جيداً أن التحديات المتعلقة بالأمن واللاجئين في الشرق الأوسط هي تحديات تواجه أوروبا ككل أيضاً». وأشاد تسيبراس بدور الأردن المحوري في سوريا، ودعم الشعب السوري، ودوره في عملية السلام في الشرق الأوسط.
وكان وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي، قد استبق القمة الثلاثية، بلقاء تنسيقي مع نظيريه القبرصي نيكوس خريستودوليدس واليوناني جيورجيوس كاتروغالوس، أعقبه اجتماع رباعي انضم إليه وزير الخارجية العراقي محمد الحكيم.
وجرى خلال القمة الثلاثية الاتفاق على توسيع التعاون بين الأردن وقبرص واليونان في قطاعات حيوية تشمل الطاقة والزراعة والسياحة والصحة والتعليم والتجارة والاستثمار وتكنولوجيا المعلومات. كما تم الاتفاق على تشجيع القطاع الخاص في الدول الثلاث، لإقامة مشاريع مشتركة تبنى على الفرص التجارية المتاحة، وتعزيز تبادل الخبرات ونقل المعرفة بين الأردن وقبرص واليونان.
وتنعقد اليوم (الاثنين) قمة برلمانية في منطقة البحر الميت بحضور رؤساء مجلس النواب الأردني والقبرصي واليوناني، تعزيزاً للقاء الثلاثي الذي جمع رؤساء الدول وما صدر عنه من بيانات، لصالح أهداف السلام، والاستقرار، والازدهار في المنطقة.
وفي سياق الاجتماع الرباعي الذي ضم وزير خارجية العراق، أكد الوزراء الأربعة أهمية مأسسة التعاون المشترك بين دولهم، وفتح آفاق جديدة لكثير من المجالات وأهمها الاقتصادية، والاستثمارية، والسياحية، كما تم بحث آخر المستجدات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك. وأكد الوزير الأردني خلال الاجتماع أهمية دعم العراق والوقوف إلى جانبه في عملية تثبيت الاستقرار وإعادة الإعمار بعد النصر الكبير الذي حققه بتضحيات جسام على «العصابات الداعشية»، بحسب تعبيره. وأكد الوزراء حرصهم على زيادة التعاون واتفقوا على الاجتماع في بغداد في موعد يتفق عليه لمتابعة خطوات تعزيز التعاون.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.