المجلس العسكري السوداني يطلب من القوى السياسية اختيار أعضاء الحكومة

عيّن مديراً جديداً لجهاز «الأمن والمخابرات» وأطلق سراح ضباط معتقلين

جانب من الاعتصام الذي لا يزال متواصلاً في الخرطوم أمس (أ. ف. ب)
جانب من الاعتصام الذي لا يزال متواصلاً في الخرطوم أمس (أ. ف. ب)
TT

المجلس العسكري السوداني يطلب من القوى السياسية اختيار أعضاء الحكومة

جانب من الاعتصام الذي لا يزال متواصلاً في الخرطوم أمس (أ. ف. ب)
جانب من الاعتصام الذي لا يزال متواصلاً في الخرطوم أمس (أ. ف. ب)

أعلن المجلس العسكري السوداني، مساء أمس، مجموعة من القرارات، شملت تعيين أبو بكر مصطفى مديراً لجهاز الأمن والمخابرات، خلفاً لصلاح قوش، الذي أُقيل أول من أمس باعتباره أحد أكبر رموز النظام السابق. ودعا المجلس القوى المدنية إلى التوافق على شخصية «مستقلة» تتولى رئاسة «حكومة مدنية»، وذلك بعد 3 أيام من إطاحة الرئيس عمر البشير.
وقال المتحدث باسم المجلس الفريق ركن شمس الدين الكباشي للصحافيين، إن الكرة الآن «في ملعب القوى السياسية، فيما يتعلق باختيار رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة المدنية»، مؤكداً أن حزب «المؤتمر الوطني» (حزب الرئيس المخلوع عمر البشير) لن يشارك في الحكومة الانتقالية. وأضاف أنه كان هناك «قرار لنظام المخلوع بفضّ الاعتصام بالقوة، وهذا ما دعانا للتدخل»، موضحاً أن المجلس سيشكّل «لجنة لتسلم أصول الحزب الحاكم السابق». وفي ردٍ على سؤال حول إمكانية فض الاعتصام بالقوة، قال الكباشي: «لو كنا نود أن نلجأ للقوة لما لجأنا إلى التغيير». وأعلن المجلس إطلاق سراح جميع ضباط الجيش والشرطة الذين شاركوا في الاحتجاجات، بينما أعفى سفيري السودان في واشنطن وجنيف من منصبيهما.
في غضون ذلك، غابت قوى المعارضة الرئيسية عن اجتماع مع المجلس العسكري الانتقالي، الذي يحكم البلاد منذ عزل الرئيس البشير، طلب فيه ترشيح «شخصية» وطنية ذات كفاءة ومقبولة، لتولي رئاسة الوزارة الانتقالية، فيما جدد «تجمع المهنيين السودانيين» تمسكه بحكومة انتقالية مدنية، ومحاسبة رموز النظام ورأسه، وحلّ حزبه، ومصادرة أمواله وأصوله. ودعا عضو المجلس الفريق أول ياسر عبد الرحمن العطا الأحزاب السودانية للتوافق على «شخصية وطنية» لرئاسة الوزارة، وقال: «نفضل أن تكون شخصية مستقلة»، وطلب تكوين «لجنة تنسيقية» مشتركة بين القوى السياسية لتحقيق رغبات الشعب.
بدوره، كشف رئيس اللجنة السياسية بالمجلس الفريق أول عمر زين العابدين أسرار إطاحة البشير، وقال: «رأت القيادة الأمنية في البلاد عزل البشير، لأنه فشل في تلبية المطالب، واعتمد على (الحلول الأمنية) بمواجهة المحتجين السلميين». وأوضح أن القيادات الأمنية قررت «عزل» البشير، وجاء اقتراح «العزل» من مدير جهاز الأمن صلاح عبد الله، ونائبه جلال الشيخ عضو المجلس العسكري الانتقالي. وشاركت في الاجتماع «أحزاب الحوار»، وهي أحزاب حليفة لحزب المؤتمر الوطني، الذي يترأسه البشير، فيما شوهد الأمين السياسي للحزب، الذي تطالب المعارضة بحلّه، عمر باسان، إلى جانب «خال» الرئيس المعزول الطيب مصطفى، الذي غادر الاجتماع قبل نهايته.
وهتف عدد من الحضور «حرية سلام وعدالة الثورة خيار الشعب»، وطلبوا من المجلس حلّ حزب البشير، ومصادرة ممتلكاته ومحاكمة رموزه، وقال مشارك: «هذا الاجتماع يمثل النظام السابق، وكل الوجوه المشاركة فيه هي الوجوه القديمة». فيما وصف سليمان أرو، من حزب «الشرق» الثورة السودانية بأنها «جراحة دقيقة، نفذها أبناؤنا لإزالة ضرس آلمنا طوال 30 سنة»، قاصداً بذلك نظام الإنقاذ.
وحيّا عضو المجلس ياسر العطا الثورة السودانية، وقال: «أحيي كل من خططوا ونفذوا الحراك الشعبي الأصيل داخل السودان وخارجه»، وتابع: «سيتحدث التاريخ عن ثورة ديسمبر (كانون الأول) المجيدة لدهور من الزمان، لأنها ستضع أسس الدولة السودانية الحديثة».
من جهته، جدّد «تجمع المهنيين السودانيين» تمسكه بمواصلة الاعتصام، وممارسة أشكال الضغوط السلمية كافة، لتحقيق أهداف الثورة الواردة في إعلان «الحرية والتغيير»، وتسليم السلطة فوراً لحكومة انتقالية مدنية. وبحسب بيان صادر عن التجمع الذي قاد الثورة، فإن الحكومة الانتقالية ستلقي القبض على البشير، ومدير جهاز الأمن صلاح قوش الحالي، ومديريه السابقين (نافع علي نافع، محمد عطا المولى، قطبي المهدي)، وقادة حزب المؤتمر الوطني، والوزراء المركزيين والولائيين، ومديري انقلاب الإنقاذ، وكل من أجرم في حق الشعب، وتقدمهم للمحاكمة، تحت تهم تقويض النظام الدستوري وإثارة الحرب على الدولة، وقتل المعارضين والمواطنين، وارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية في دارفور وجبال النوبة والأنقسنا والنيل الأزرق.
وأوضح البيان أن تهماً تتعلق بالخيانة العظمى بفصل جنوب السودان، ورعاية الفساد، والإثراء الشخصي والأسريّ، وتدمير الاقتصاد، وتخريب علاقات السودان الخارجية، ستوجه لهم. وتعهد التجمع بإطلاق سراح المعتقلين، وضباط، وضباط صف، وجنود القوات المسلحة، الذين انحازوا للثورة، إضافة إلى حجز ممتلكات وأصول وحسابات حزب المؤتمر الوطني ودوره ومقراته. وقال البيان إن الحكومة الانتقالية ستقيل النائب العام، ورئيس القضاء، ورؤساء الأجهزة القضائية، وتحل النقابات والاتحادات المهنية، وتضع يدها على أصولها وحساباتها، وتغيّر التمثيل الدبلوماسي الخارجي.
وشهدت ساحة الاعتصام اليوم إقامة «قداس الأحد»، الذي نظمه مسيحيون، أسوة بصلاة الجمعة التي يؤديها المسلمون في الميدان، تعبيراً عن التسامح الديني ومشاركة كل معتنقي الديانات في الثورة.
كما نظّم «تجمع المهنيين» مخاطبة جماهيرية، تلا خلالها رؤيته للمرحلة، فيما نظّم مطربون حفلات غنائية للترفيه عن المعتصمين.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.