السعودية والبحرين والإمارات تؤيد إجراءات المجلس العسكري الانتقالي... والخرطوم ترحب

خادم الحرمين يوجه بتقديم حزمة مساعدات عاجلة للسودان

الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن
الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن
TT

السعودية والبحرين والإمارات تؤيد إجراءات المجلس العسكري الانتقالي... والخرطوم ترحب

الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن
الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن

أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، توجيهاته، للجهات المعنية في بلاده، بتقديم حزمة من المساعدات الإنسانية للسودان، تشمل المشتقات البترولية والقمح والأدوية. ووجّهت وزارة الخارجية السودانية «الشكر والتقدير لكل أشقاء وأصدقاء السودان الذين عبّروا عن مواقف التضامن والدعم والاهتمام نحو بلادنا»، وذلك استجابة للمواقف الداعمة التي أعلنتها المملكة العربية السعودية والإمارات ومصر والبحرين والأردن، وغيرها من الدول العربية والغربية، للتغيير الذي حدث في السودان مؤخراً. وقالت الخارجية في بيان، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «تتقدم الوزارة بجزيل الشكر والتقدير للأشقاء والأصدقاء الذين بادروا بمد يد العون للسودان لمواجهة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها حالياً».
وتأتي الخطوة الملكية السعودية إسهاماً من الرياض في رفع المعاناة عن كاهل الشعب السوداني، حيث أكد بيان صدر في وقت لاحق من مساء أول من أمس، بالعاصمة السعودية، أن المملكة تابعت تطورات الأحداث التي تمر بها جمهورية السودان، والبيان الذي صدر عن رئيس المجلس العسكري الانتقالي. وشدد البيان على أن السعودية، من منطلق العلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين والشعبين الشقيقين، تؤكد تأييدها «لما ارتآه الشعب السوداني الشقيق حيال مستقبله، وما اتخذه المجلس العسكري الانتقالي من إجراءات تصب في مصلحة الشعب السوداني الشقيق»، معلناً عن دعم المملكة للخطوات التي أعلنها المجلس في المحافظة على الأرواح والممتلكات، والوقوف إلى جانب الشعب السوداني، وتأمل في أن يحقق ذلك الأمن والاستقرار للسودان الشقيق، وتدعو الشعب السوداني بفئاته وتوجهاته كافة إلى تغليب المصلحة الوطنية، وبما يحقق تطلعاتهم وآمالهم في الرخاء والتنمية والازدهار.
كما أعلنت كل من البحرين والإمارات العربية المتحدة تأييدهما ودعمهما للسودان، وللمجلس الانتقالي الجديد، برئاسة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان. وفي هذا السياق، أكد الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البحرين، تضامن بلاده ووقوفها إلى جانب السودان، معرباً عن تقديره للجهود الكبيرة والمساعي الحثيثة التي يقوم بها الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس العسكري الانتقالي، من أجل تعزيز الأمن والسلم والازدهار للشعب السوداني.
وثمّن العاهل البحريني، خلال زيارته مقر القيادة العامة لقوة دفاع البحرين، المواقف الأخوية الثابتة للسودان، وحرصها الدائم على العمل العربي المشترك، ودعم الأمن والاستقرار في المنطقة، مقدراً «القوات المسلحة السودانية الشقيقة، ومشاركتها في التحالف العربي لدعم الشرعية وتحقيق الأمن في اليمن».
كانت الخارجية البحرينية قد أعلنت، الخميس الماضي، متابعة المنامة باهتمام شديد للتطورات الراهنة التي تشهدها السودان، وأكدت موقف بلادها الثابت الداعم للسودان، ولكل ما فيه الحفاظ على سيادتها وأمنها واستقرارها، وكل ما يضمن مصلحة الشعب السوداني في التقدم والرخاء والازدهار، معبرة عن تطلعها لتجاوز هذه المرحلة الحاسمة بوعي أبناء السودان، من أجل تحقيق طموحات الشعب السوداني في الأمن والاستقرار والتنمية.
ومن العاصمة أبوظبي، وجه الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس البلاد، بالتواصل مع المجلس العسكري الانتقالي في السودان، لبحث مجالات المساعدة للشعب السوداني، في الوقت الذي رحبت فيه الإمارات بتسلم الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن رئاسة المجلس العسكري الانتقالي السوداني «في خطوة تجسد تطلعات الشعب السوداني في الأمن والاستقرار والتنمية». وقالت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية، في بيان لها، إن الدولة «تتابع باهتمام التطورات التي يمر بها السودان في هذه اللحظة الفارقة من تاريخه الحديث، إذ تعرب عن ثقتها الكاملة بقدرة الشعب السوداني، وجيشه الوطني، على تجاوز التحديات، بما يحقق الاستقرار والرخاء والتنمية».
وأكدت دعمها وتأييدها للخطوات التي أعلنها المجلس العسكري الانتقالي في السودان للمحافظة على الأرواح والممتلكات، والوقوف إلى جانب الشعب السوداني، معربة عن أملها في أن يحقق ذلك الأمن والاستقرار للسودان.
وأعربت الوزارة عن تمنياتها من جميع القوى السياسية والشعبية والمهنية، والمؤسسة العسكرية في السودان «الحفاظ على المؤسسات الشرعية، والانتقال السلمي للسلطة، وضمان مستقبل أفضل لأبناء السودان الشقيق، والحفاظ على الوحدة الوطنية».
ومن جانبه، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، أمس، أن بلاده تدعم خيارات الشعب السوداني، وما يسعى إليه من رسم خريطة للمستقبل. وقال شكري، في مؤتمر صحافي مع نظيره البولندي باتسيك تشابوتوفيتش، في ختام مباحثاتهما في القاهرة أمس، إن بلاده تدعم وجود المؤسسات السودانية، ومن بينها القوات المسلحة، وقدرتها على تلبية مطالب الشعب السوداني، والحفاظ على الاستقرار ووحدة السودان ومقدراته. وأضاف أن «العلاقة الخاصة التي تربط مصر والسودان تجعلنا نرصد التطورات بشكل كثيف، ونتمنى استقرار الأوضاع، وأن ينعم الشعب السوداني بالأمن والأمان، من دون تأثير سلبي على مقدراته». وتابع: «سوف نستمر في تقديم كل الدعم للشعب السوداني، والمعابر استعادت التواصل بين البلدين، ولنا أمل في أن يتجاوز الشعب هذه المرحلة نحو مستقبل مستقر».
ومن مقرها الرئيسي في مدينة جدة، أكدت منظمة التعاون الإسلامي، أمس، متابعتها عن كثب وبكل اهتمام التطورات السياسية الراهنة في السودان، وأعربت في هذا الصدد عن تأييدها لخيارات الشعب السوداني، وما يقرره حيال مستقبله. ورحبت المنظمة الإسلامية بما اتخذ من قرارات وإجراءات تراعي مصلحة الشعب، وتحافظ على مؤسسات الدولة، وأهابت بجميع الأطراف السودانية مواصلة الحوار البنّاء «من أجل الحفاظ على السلام، والتماسك الاجتماعي في البلاد، بهدف تحقيق تطلعات الشعب السوداني في الانتقال السلمي للسلطة، وتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة، بما ينسجم مع القرارات الصادرة عن القمة الإسلامية ومجلس وزراء الخارجية». كما أعربت المنظمة عن أملها بأن تسهم حزمة المساعدات السعودية التي أعلنت عنها الرياض، وأي خطوات مماثلة من الدول الأعضاء، في تلبية احتياجات الشعب السوداني العاجلة، ودعم خياراته المستقبلية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.