رحبت القوى المدنية والشارع السوداني بإقالة رئيس جهاز الأمن والمخابرات صلاح عبد الله، المعروف باسم «قوش»، باعتباره كان رأس الجهاز سيئ الصيت الذي يعتبره السودانيون مسؤولاً عن غالبية الجرائم التي تمت في حقهم.
لكن «استقالة» قوش، أول من أمس، التي قبلها رئيس المجلس العسكري الجديد الفريق عبد الفتاح البرهان، جاءت بضغط الشارع الذي رفض التعامل مع قوش وطالب بإبعاده فوراً باعتباره كان من أبشع رموز نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، فضلاً عن القمع العنيف الذي مارسه ضد الحراك الشعبي الأخير الذي بدأ في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، واتهام جهازه بقتل العشرات خلال الأشهر الأربعة الأخيرة. ويرى الكثيرون أن لقوش طموحات جعلته يتطلع إلى كرسي الرئاسة، ربما لاعتقاده أن أصدقاءه في المخابرات الأميركية «سي آي إيه» سيساعدونه في الوصول إلى القصر.
ولد قوش عام 1957 في بلدة «البلل»، شمال السودان، ثم انتقلت أسرته إلى مدينة بورتسودان الساحلية، وتخرج في كلية الهندسة في جامعة الخرطوم، حيث كان له نشاط سياسي ضمن جماعة «الإخوان المسلمين» ودخل اتحاد الطلاب في الجامعة، وعمل في المكتب الأمني التابع لتنظيم «الإخوان» في جمع المعلومات وتحليلها وتقديمها لقيادته.
وبعد تخرجه، واصل عمله الاستخباراتي ضمن «الجبهة الإسلامية القومية» بزعامة حسن الترابي، وبعد استيلاء التنظيم على السلطة عبر الانقلاب العسكري في 30 يونيو (حزيران) 1989 التحق قوش بجهاز الأمن والمخابرات برتبة رائد. وتدرج في الرتب حتى وصل إلى منصب نائب مدير العمليات، وهو القسم الذي يقوم بعمليات خاصة توصف بالخطيرة، لكن بعد سنوات تم إبعاده من الجهاز بعد اتهامه بالمشاركة في التخطيط لمحاولة اغتيال الرئيس المصري حينها، حسني مبارك، وتم تعيينه مديراً لمصنع اليرموك الذي قصفته إسرائيل لاعتقادها أن المصنع تابع إلى إيران.
كما يُعتقد أن قوش كان مقرباً من زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن الذي استضافته الخرطوم في منتصف التسعينات حتى عام 1998. وتردد أن قوش كان مسؤولاً عن تحركات بن لادن، كما يُعتقد أنه هو الذي اعتقل الإرهابي الفنزويلي كارلوس في الخرطوم في أغسطس (آب) 1994 رغم أن النظام السابق هو الذي كان استضافه لفترة من الزمن قبل أن يسلمه للحكومة الفرنسية.
وفي تطور مفاجئ أقال البشير مدير استخباراته 2009 وعينه مستشاراً أمنياً له، ثم أبعده لدخوله البرلمان نائباً عن دائرة «مروي». وفي 2012 تم القبض عليه واتهامه بالمشاركة في محاولة لقلب نظام البشير مع 13 ضابطاً من الجيش وجهاز الأمن، الذي عُرف بانقلاب «ود إبراهيم»، قائد الحرس الرئاسي وقتها، العميد محمد إبراهيم. ومكث قوش في المعتقل نحو عام ثم أُطلق سراحه في 2013 وعاد إلى البرلمان مرة أخرى في 2015.
وكان قوش قد لعب دوراً محورياً في الخلاف الذي وقع بين البشير والترابي في عام 1999 حين انحاز إلى البشير وسعى إلى القضاء على مجموعة الترابي، وضيّق عليها الخناق واعتقل كوادر كثيرة مقربة من الترابي.
واشتهر قوش بالفظاظة والبطش ضد القوى السياسية المعارضة، ويعتقد أنه أحد الذين أنشأوا البيوت السرية التي اشتهرت باسم «بيوت الأشباح»، والتي مورست فيها أبشع أنواع التعذيب. كما أنه حوّل جهاز الأمن إلى دولة داخل الدولة من حيث التسليح والميزانية الضخمة التي لا تُعرض على البرلمان، فضلاً عن الشركات التي يملكها الجهاز والتي خلقت له قاعدة اقتصادية كبيرة تعمل في كل المجالات، بما فيها المواد الغذائية.
وبرز اسم قوش عالمياً خلال تعاونه الوثيق مع جهاز المخابرات الأميركي «سي آي إيه» بعد أحداث سبتمبر (أيلول) 2001 حين سلم ملفات ومعلومات مهمة إلى الولايات المتحدة عن تنظيم «القاعدة».
رجل الأمن المثير للجدل صلاح قوش... استقالة أم إقالة؟
كان مقرباً من زعيم «القاعدة» أثناء إقامته في السودان
رجل الأمن المثير للجدل صلاح قوش... استقالة أم إقالة؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة