إقليم كردستان يحيي الذكرى الـ31 لـ«حملات الأنفال»

أحيا إقليم كردستان العراق، أمس (الأحد)، على المستويين الرسمي والشعبي، الذكرى السنوية الحادية والثلاثين لـ«حملات الأنفال» التي اقترفها النظام السابق بحق المواطنين الكرد على مراحل استمرت أكثر من عامين، وانتهت في 14 من أبريل (نيسان) 1988، وأودت بحياة نحو مائتي ألف كردي، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن دُفِنوا جميعاً أحياء، في مقابر جماعية بصحارى محافظات المثنى والقادسية وذي قار في جنوب العراق.
ومنذ عام 1992، تُقام في الإقليم سنوياً مراسم تأبينية خاصة في ذلك التأريخ، تخليداً لذكرى تلك الأحداث وضحاياها.
وتزامنت المناسبة هذا العام مع نجاح جهود فرق البحث والتنقيب عن المقابر الجماعية، في العثور على أربع مقابر جماعية تضم رفات نحو 200 من ضحايا «حملات الأنفال»، في منطقة الشيخة الواقعة على بعد 125 كلم غرب مدينة السماوة مركز محافظة المثنى. وتوجه الرئيس العراقي برهم صالح أمس إلى السماوة لتفقد الموقع، تمهيداً لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة رفات الضحايا إلى ذويهم في إقليم كردستان.
وألقى صالح كلمة في حشد من ذوي الضحايا الذين تفقدوا موقع المقابر الجماعية، أكد فيها أن «حملات الأنفال» وغيرها من جرائم النظام السابق بحق أبناء الشعب الكردي في العراق، لا تُنسى على مر التاريخ، كونها جرائم ضد الإنسانية استهدفت القضاء المبرم على الشعب الكردي، موضحاً أن مرتكبي تلك الجرائم وفي مقدمتهم رأس النظام السابق، قد نالوا عقابهم الذي يستحقون.
وأوضح صالح أن الإجراءات المطلوبة ينبغي اتخاذها بسرعة بغية إعادة رفات الضحايا إلى مواطنها الأصلية، منوها بأن تلك الجرائم البشعة، ونتائجها الكارثية تعكس صورة جلية عن مدى الظلم والقهر الذي مورس بحق الشعب الكردي في العراق، كما تجسد حقيقة ساطعة مفادها أن الظلم لن يدوم. وأضاف: «الآن وقد زالت الديكتاتورية في العراق، فإننا نسعى للحيلولة دون تكرار المآسي مستقبلاً»، معرباً في الوقت ذاته عن الشكر والامتنان لأهالي السماوة على تعاونهم الجاد في العثور على تلك المقابر، مثلما أسهموا في إيواء واحتضان العديد من ضحايا الأنفال وإخفائهم عن أعين أجهزة أمن النظام السابق، وختم كلمته بالتعهّد ببذل كل جهد مستطاع لتعويض أهالي وأسر الضحايا». من جانبه، أكد نبيل كامل، مدير الرقابة في محافظة المثنى، أن رفع القبور الجماعية الأربعة يستدعي إجراءات إدارية وقانونية، وموافقات قضائية قد تستغرق فترة طويلة، وأضاف في بيان أن التقديرات الأولية تشير إلى أن مجموع رفات الضحايا في تلك القبور يبلغ نحو 200.
وكان فرقان صاحب (25 عاماً)، وهو أحد المتطوعين ضمن فرق البحث والتنقيب عن المقابر الجماعية ومن أهالي المناطق الصحراوية في السماوة، قد أشار إلى أن جميع الضحايا في تلك القبور هم من الكرد، وأضاف: «لقد شاهدتُ في إحدى المقابر امرأة كردية تحتضن طفلتها الصغيرة، في مشهد يهز الوجدان».
من جانبها، دعت حكومة إقليم كردستان، السلطات الاتحادية، إلى تعويض ذوي ضحايا «حملات الأنفال» مادياً ومعنوياً، إسهاماً منها في بلسمة جراحاتهم العميقة، كما قررت توزيع 11 ألف قطعة أرض سكنية، على ذوي الضحايا في مناطقهم.
يُذكر أن النظام السابق كان قد أطلق «حملات الأنفال» في 12 من مارس (آذار) 1986، وطالت القرى الأرياف في محيط محافظات كركوك وأربيل والسليمانية ودهوك، وانتهت في 14 من أبريل (نيسان) 1988 بالقضاء على 182 ألف مواطن كردي، من ضمنهم 8 آلاف بارزاني.