معرض «قصص حول رومانوف» في متحف روسيا الوطني

انطلاقاً من فكرة أن اللوحات الفنية والرسومات تشكّل مرجعاً تاريخياً؛ يساهم، إلى جانب المخطوطات التاريخية، في عرض تفاصيل مراحل محددة من تاريخ الدول والشعوب، نظّم المتحف الوطني الروسي معرضاً خاصاً عن حقبة حكم الإمبراطور نيكولاي الأول؛ قيصر روسيا الخامس من سلالة «رومانوف»، الذي حكمها منذ عام 1796 وحتى 1855. ويضم المعرض الذي حمل اسم «قصص حول رومانوف» 500 لوحة فنية متنوعة، تلقي الضوء على شخصية الإمبراطور نيكولاي، وخصائص مشاركته في تطوير الثقافة، وفي حياة المجتمع، وحياة القصر، والعائلة، وكيف انعكس ذلك كله على الإبداع الفني. ومن شأن المعرض أن يلقي الضوء على ازدهار الفنون بمختلف ألوانها، في حقبة تميزت بالاستبداد والقمع، وشهدت أهم الحروب في تاريخ روسيا القيصرية.
ولعل اهتمام النقاد بالفن في عهد نيكولاي الأول، يعود إلى طبيعة تلك الحقبة، والتناقض الذي تميزت به؛ إذ اعتمد نيكولاي الأول في حكمه نهج سيادة مطلقة للملكية في المجالات العسكرية والمدنية، مع انتشار للبيروقراطية، وظهور جهاز رقابة قمعي، وتعزيز لصلاحيات الأمن والدرك، وقمع لأصحاب الفكر التحرري، وعرفت بأنها حقبة حكم استبدادي، عاشت خلالها روسيا الهزيمة في حرب القرم عام 1853، ويُقال في بعض الروايات إن تلك الهزيمة كانت السبب الذي دفع بالإمبراطور نيكولاي الأول للانتحار بجرعة سمّ تناولها. على النقيض من هذا الوجه السوداوي لطبيعة الحكم، وبموازاته، عرفت تلك المرحلة وجهاً مشرقاً، وتميزت بتطور وازدهار الفن والعمارة والصحافة والنقد الأدبي، حتى إن الإمبراطور نفسه كان يحب الرسم، ولا يزال بعض اللوحات موجوداً حتى الآن؛ بينها بورتريهات، ورسومات كاريكاتورية، رسمها نيكولاي بيده.
وجاء المعرض من روح تلك المرحلة، وفي مساحة منه، تم عرض مجموعة من بورتريهات للإمبراطور نيكولاي الأول، وبعض مساعديه، وأعضاء من عائلته، ورحلات الصيد، من إبداع رسامين ونحاتين مهرة، وإلى جانبها رسوم ولوحات فنية ومنحوتات من الحياة اليومية في القصر، وأخرى عن أحداث سياسية وعسكرية. ورسم اللوحات المشاركة في المعرض عدد كبير من الفنانين الذين عاصروا حقبة نيكولاي، وعاش بعضهم في قصره، وبينهم الإنجليزي جورج داو، والألماني فرنس كوريغر، والروسي أوريست كيبرينسكي، وإلى جانب لوحات خلفها الكونت فيودور تولستوي. ومع أن اللوحات تبدو للوهلة الأولى كأنها تعرض «عظمة» نيكولاي الأول، و«أمجاد عهده» و«إنجازاته العظيمة»، إلا إن المعرض لم يتجاهل حقيقة الأزمات المأساوية التي طرأت على المسار التاريخي لروسيا في عهده، وبرز هذا عبر قسم خاص يعرض مجموعة لوحات لمشاهد من جبهات الحروب التي خاضتها روسيا بقيادته، وبقي بعضها صفحات مؤلمة في التاريخ الروسي.