انطلاق الجولة الرابعة من المفاوضات الثلاثية حول «سد النهضة» الإثيوبي

مصادر لـ {الشرق الأوسط}: مصر طلبت وقف الأعمال الإنشائية لحين إنهاء الدراسات

د. حسام المغازي، وزير المياه المصري خلال اجتماعات الجولة الرابعة من المفاوضات الثلاثية لوزراء المياه في دول مصر والسودان وإثيوبيا، لمناقشة أزمة «سد النهضة» الإثيوبي في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
د. حسام المغازي، وزير المياه المصري خلال اجتماعات الجولة الرابعة من المفاوضات الثلاثية لوزراء المياه في دول مصر والسودان وإثيوبيا، لمناقشة أزمة «سد النهضة» الإثيوبي في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

انطلاق الجولة الرابعة من المفاوضات الثلاثية حول «سد النهضة» الإثيوبي

د. حسام المغازي، وزير المياه المصري خلال اجتماعات الجولة الرابعة من المفاوضات الثلاثية لوزراء المياه في دول مصر والسودان وإثيوبيا، لمناقشة أزمة «سد النهضة» الإثيوبي في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
د. حسام المغازي، وزير المياه المصري خلال اجتماعات الجولة الرابعة من المفاوضات الثلاثية لوزراء المياه في دول مصر والسودان وإثيوبيا، لمناقشة أزمة «سد النهضة» الإثيوبي في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)

انطلقت في العاصمة السودانية «الخرطوم» أمس، الجولة الرابعة من المفاوضات الثلاثية لوزراء المياه في دول مصر والسودان وإثيوبيا، لمناقشة أزمة «سد النهضة» الإثيوبي، وسط تفاؤل بين وفود الدول المشاركة لحل الأزمة، التي تفاقمت مؤخرا مع قرب أديس أبابا من إنهاء تدشين السد العملاق على مياه نهر النيل. ويهدف الاجتماع، المستمر انعقاده حتى اليوم (الثلاثاء)، لبحث تنفيذ التوصيات الواردة في التقرير النهائي للجنة الخبراء الدوليين حول السد، الذي تقول مصر إنه يهدد حصتها من المياه، بما يصل إلى أكثر من عشرة في المائة.
وعقب جلسة المباحثات الافتتاحية، قال الدكتور حسام المغازي، وزير المياه المصري إن «الأجواء مرضية وإيجابية»، فيما أكد نظيره الإثيوبي أن بلاده «ليس لديها أي نية لإلحاق الضرر بدول المصب (مصر والسودان).
وقالت مصادر بوزارة الري المصرية لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «القاهرة تقدمت بعدد من الطلبات لأديس أبابا منها وقف الأعمال الإنشائية بالسد لحين الانتهاء من الدراسات وتنفيذ توصيات الخبراء حول السد، ومنها ما يتعلق بحجم السد وارتفاعه، وتقليل السعة التخزينية إلى 14 مليار متر مكعب، بدلا عن 74 مليار متر مكعب، وأنها تنتظر ردا رسميا عليها».
وشكلت دول مصر وإثيوبيا والسودان لجنة، ضمت أربعة خبراء عالميين وستة خبراء محليين (من كل دولة خبيران)، قامت بدراسة المشروع لمدة عام كامل، وأصدرت تقريرا في يونيو (حزيران) الماضي، تناول الأضرار المحتملة للسد، وتوصيات للعمل بها لتجنب هذه الأضرار، لكن أيا منها لم ينفذ حتى الآن.
وقال وزير الموارد المائية المصري، في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للمفاوضات أمس، إن بلاده لم تكن أبدا، ولن تكون ضد التنمية في دول حوض النيل طالما أنهم يهدفون إلى تحقيق التنمية المشتركة والمستدامة من النهر والإدارة المتكاملة لموارده المائية من أجل تحقيق المنافع المتبادلة وتحقيق الرخاء لشعوبنا، مشيرا إلى أن جهود مصر مستمرة على الصعيد الثنائي مع دول الحوض النيل، رغم التحديات الاقتصادية التي تواجهها في السنوات الماضية.
وتبلغ حصة مصر من مياه النيل، 55.5 مليار متر مكعب، لكنها تعاني من عجز مائي كبير. وشدد مغازي على أن بلاده ستدعم باستمرار مختلف جوانب عملية التنمية في منطقة حوض النيل، لكنها تتطلع لإقرار حق شعبها في الحياة، موضحا أن مصر لها ظروف خاصة جدا بشأن الجفاف وندرة مياه الأمطار، والاعتماد الكلي على مياه النيل من قديم الزمن، وأن لديها مخاوف بشأن تأثير عمليات بناء وملء وتشغيل مشروع سد النهضة على دول المصب.
وتابع الوزير: هناك احتياج لإعداد بعض الدراسات طبقا للموصى به في التقرير النهائي للجنة الدولية للخبراء، للتأكد من أن أي مشروع للمياه على نهر النيل أو روافده سوف يخضع لدراسات مستفيضة من جانب المنتفعين والدول المتأثرة استنادا إلى المعايير الدولية والممارسات الشائعة، مع أهمية الوضع في الاعتبار عامل الوقت كعامل ضاغط وهام.
وأكد الوزير أن هذا الاجتماع له أهمية كبيرة بالنسبة لدول حوض النيل لتفعيل الخطوة المتفق عليها بخصوص تنفيذ التوصيات الواردة في التقرير النهائي للجنة الدولية للخبراء، عادا أن التعاون والتنسيق هما أفضل الطرق لتحقيق الأهداف الإنمائية في إقليم حوض النيل، من حيث تحقيق المنافع المشتركة وتجنب الآثار الضارة للجميع.
وشهدت الأزمة، التي تصاعدت على مدار العامين الماضيين، انفراجة عقب لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس وزراء إثيوبيا هيلي ماريام ديسالين، على هامش القمة الأفريقية في يونيو الماضي، أكدت خلاله الدولتان التزامهما بالحوار والتعاون واحترام القانون الدولي.
وقال مغازي «إننا نعول على دعم قوي من جميع الأطراف من أجل التوصل لاتفاق يمكن أن يحقق الرفاهية لجميع دولنا لإعطاء مثال للعالم أجمع أن المياه تعد حافزا للتعاون وليست مصدرا للصراع، وأن تكون نتائج هذه المفاوضات مساعدة في وضع أرضية مشتركة بين الدول الثلاث يكون منها الخير للثلاثة دول، ونواة للتعاون الاستراتيجي بين بلادنا بدلا من أن يكون مصدرا للتوتر».
من جانبه، أكد وزير الطاقة والمياه الإثيوبي ألمايوتيجنو، أن بلاده ليست لديها أي نية أو رغبة لإلحاق الضرر بمصر والسودان، مشيرا إلى أن الجولة الرابعة لمفاوضات سد النهضة منوط بها تنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدوليين، مؤكدا التزام الحكومة الإثيوبية كذلك بإنجاح المفاوضات.
وقال الوزير الإثيوبي إن الجولة الرابعة من المفاوضات جاءت نتاجا للقرار المشترك للدول الثلاث، بشأن تنفيذ توصيات الخبراء، مضيفا أن الدول الثلاث اتفقت على وضع آلية لمتابعة تنفيذ التوصيات، وما أسفرت عنه الاجتماعات الثلاثة السابقة، وأن الأطراف الثلاثة قدمت مقترحاتها خلال الاجتماعات السابقة فيما يتعلق بالإطار الخاص بإنشاء لجنة الخبراء الوطنيين، داعيا للتركيز على الموضوعات التي لم يتم الاتفاق عليها خلال جولات المفاوضات السابقة.
وأشار إلى أن الحكومة الإثيوبية تؤكد بوضوح انضمامها لكل من مصر والسودان في مناقشة موضوع سد النهضة بمنتهى الشفافية، مؤكدا ضرورة إنشاء اللجنة الوطنية لسد النهضة تضم خبراء من الدول الثلاث.
وأضاف أن حكومة بلاده قدمت الكثير من التسهيلات فيما يتعلق بتنفيذ مشروع السد، كما أكد قبول إثيوبيا لتقرير اللجنة الدولية وتوصياته، خاصة ما يتعلق بالخزان، ومعدلات سلامة وأمان السد، وذلك في وقت قياسي.
في السياق ذاته، أكد وزير الموارد المائية السوداني معتز موسى، أهمية التعاون والتنسيق بين دول حوض نهر النيل، والعمل على تجاوز كافة المشاكل والعقبات التي تواجه مشروعات التنمية لدول حوض النيل الشرقي، داعيا للاستفادة المثلى من الموارد المائية المتاحة من نهر النيل لمواجهة الاحتياجات المستقبلية.
ودعا موسى الدول الثلاث لأن تراجع مواقفها بشأن السد من أجل التوصل لفهم مشترك في إطار روح التعاون، ورؤى للسير للأمام، مشيرا إلى أن الوقت حان للتوصل لاتفاق بشأن سد النهضة الإثيوبي، وتحقيق التعاون الكامل لدول الحوض.
وشدد على التزام السودان بتعزيز ضمان نهضة دول الحوض وخاصة حوض النيل الشرقي، من خلال المزيد من التعاون والتفاوض لتحقيق التنمية المستدامة والمتساوية والعادلة لدول الإقليم.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم