الحياة حلوة... مليئة بالسكريات

أبحاث عالمية لوضع «خريطة شفرة السكر» في الجسم لمكافحة الأمراض

«المصافحة الجزيئية».. عندما يخترق الحيمن جدار الخلية المكون من السكريات
«المصافحة الجزيئية».. عندما يخترق الحيمن جدار الخلية المكون من السكريات
TT

الحياة حلوة... مليئة بالسكريات

«المصافحة الجزيئية».. عندما يخترق الحيمن جدار الخلية المكون من السكريات
«المصافحة الجزيئية».. عندما يخترق الحيمن جدار الخلية المكون من السكريات

ادعى كاميل كوديولا الباحث في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، أن الخطوة الأهم في حياة الإنسان تبدأ عندما يخترق الحيوان المنوي (الحيمن) جدار البويضة المكون من السكريات. ولا يستطيع أي كائن آخر من الالتحام بالبويضة سوى الحيمن لامتلاكه الأدوات الكيميائية الصحيحة التي تمكنه من اختراق جدار البويضة، ثم تكوين الجنين.
- «المصافحة الجزيئية»
وقد سمى كوديولا هذه العملية: «المصافحة الجزيئية» Molecular Handshake. وهي ليست الوحيدة التي تحدث عند تكوين الجنين بل إن كل خلية من خلايا جسم الإنسان لها غلاف من السكر فريد في تكوينه. ولأجل أن يلتحم أي شيء بالخلية لا بد له أن يميز السكر في جدارها وهذا ما يحدث فعلا عندما تدخل البكتريا أو الفيروسات داخل الجسم وتسبب المرض، وكذلك عنما تتسلم الخلايا الجذعية الأوامر في تحديد النسيج الذي ستنمو فيه.
ويقول بروس تيربل الباحث في الكيمياء من جامعة ليدز في المملكة المتحدة: لو تصورت أنك خلية بكتريا وتحاول الوصول إلى إحدى خلايا جسم الإنسان فكأنك نازل بالمظلة في غابة من الجزيئات الكيميائية على سطحها. وأول شيء ستواجهه هي الفروع الكثيرة من السكريات المرتبطة بغشاء الخلية بواسطة جذوع البروتينات. أو ما يشبه مظلة من الأغصان وعليك التمسك بها لكي تصل إلى الأرض.
تدعى هذه البروتينات باللكتينات lectins ولها فجوات داخلية تستقر فيها السكريات المحددة بشكل مريح وقد عرف العلماء هذه البروتينات منذ أكثر من مائة سنة والآن بدأوا بإنتاج أنواع صناعية جديدة منها لمواجهة داء السكري.
وفي بداية هذه الألفية بدأ العلماء بتشخيص السكريات التي تزين بعض أنواع الخلايا. وتحديدا وفي عام 2002 جاءت تين فيزي الباحثة في جامعة إمبريال كوليدج في لندن بفكرة تثبيت المئات من جزيئات السكر على طبق ومن ثم غسلها بجزيئات اللكتين والجزيئات الأخرى وملاحظة أي منها سوف يرتبط أو يلتحم.
- «شفرة السكر»
وكان العلماء قد نجحوا في إنجاز أطلس لبعض أنواع الخلايا مثل الخلايا المناعية والخلايا الجلدية على أساس الشفرة الوراثية، وهم الآن يسعون لإنجاز «أطلس السكر». ولسنوات عديدة كنا نعرف أن السكريات ذات أهمية أساسية في عالمنا الحيوي كما هو الحال مع الحمض النووي دي.إن.إيه DNA، والبروتينات. وحديثا جدا بدأ العلماء التركيز على السكر الموجود على سطح الخلايا ودوره في الارتباط مع عوامل النمو أو العوامل المسببة للأمراض مثل البكتريا والفيروسات أو عوامل أخرى ذات أهمية طبية.
وتعتبر شفرة السكر «sugar code» أكثر تطورا حتى من الشفرة الوراثية للحمض النووي «دي.إن.إيه» حيث إن الأخير يتألف من أربع قواعد نتروجينية (أدينينA، ثيمين T، سايتوسين C، غوانين G) فقط مرتبطة فيما بينها، بينما هناك أكثر من مائة نوع مختلف من السكر يمكن أن يرتبط مع بعضها بطرق عديدة وعند ذلك سوف تتكون سلاسل بأشكال مختلفة يستفاد منها كأدلة تشخيصية.
- مكافحة داء السكري
تعد السكريات خطرة لأكثر من 422 مليون إنسان مصاب بداء السكري حول العالم الذي يؤدي إلى زيادة في سكر الغلوكوز في الدم وبالتالي يؤدي إلى مخاطر صحية عديدة على مدى الحياة. وقد دأب العلماء لفترة طويلة على إنتاج مادة بديلة للأنسولين وهو الهرمون الذي ينظم التمثيل الغذائي للسكر.
وكانت أكثر التحديات تتمثل في تصميم جزيئة متسلمة ذات فجوات داخلها تستطيع تمييز الغلوكوز دون غيره من السكريات. وقد فاز العالم أنتوني ديفز من جامعة بريستول في المملكة المتحدة بالتحدي وذلك بتصنيعه لمستقبل لجزيئة الغلوكوز وبعد سنوات عديدة من العمل الشاق وتحديدا في عام 2012 استطاع فريقه من بناء مستقبل يرتبط بجزيئة الغلوكوز بصورة انتقائية وبشكل لافت. وعند اختبارها في الدم ارتبطت بها المئات من أجزاء الحمض النووي دي.إن.إيه، مما جعلها غير صالحة. بعد ذلك قام ديفز بتطوير أبحاثه باستخدام تصاميم الكومبيوتر حتى توصل إلى واحد من المستقبلات يرتبط به الغلوكوز فقط ولا يرتبط به أي سكر آخر. وقد سجل براءة اختراع، ويجري تطويرات على أمل أن يكون الأنسولين المحضر قادرا على الارتباط بالغلوكوز دون غيره من السكريات في الدم.
- «أطلس السكر»
كان مصطلح غلايكوم glycome يستخدم، ولا يزال، للتعرف على السكريات الموجودة على سطح الخلايا في جسم الإنسان ترتبط بها فيروسات نقص المناعة المكتسب HIV وفيروسات أنفلونزا الخنازيرH1N1 أثناء الإصابة بها.
ومن المعروف أن أكثر من نصف البروتينات في جسم الإنسان لها زوائد سكرية لكن لا يعرف شكلها بالتحديد لذلك بدأ مشروع «غلايكوم البشر» human glycome في نهاية عام 2018 بدعم من العالم الكيميائي ريتشارد كامنغس الباحث في كلية الطب في جامعة هارفارد الأميركية وغوردن لوك من جامعة زغرب في كرواتيا، الهدف منه تحديد تسلسل جميع السكريات في جسم الإنسان. يختلف الغلايكوم من عضو إلى آخر ويمكن تشبيهه بأطلس السكريات في الجسم وبناء عليه يمكن تصفح الأطلس لترى فصلا عن الدماغ وآخر عن الطحال وهكذا. وهناك بعض الفصول من الأطلس على وشك الانتهاء فعلى سبيل المثال أصبحت معظم أنواع السكريات في حليب الأم معروفة لأنها حرة وغير مرتبطة لذلك يسهل التعرف عليها، وهي خطوة ساعدت على تركيب حليب الأطفال. وعلى هذا الأساس يؤكد كيمنغ على أن رسم خريطة السكريات أمر غاية في الصعوبة إلا أنه لا بد من العمل على تحديدها.
وكان بيتر سبيرغر وهو الآن مدير معهد ماكس بلانك لأبحاث الغرويات في بوتسدام في ألمانيا بابتكار جهاز سمي غلايكونير Glyconeer يقوم بربط السكريات مع بعضها حسب رغبة المستخدم. وفي النهاية أي شخص يرغب في استخدام هذا الجهاز يمكنه أن يكتب رموز السكريات وهي ذات فائدة كبيرة في إنتاج اللقاحات حيث إن معرفة الغلايكانات التي تغلف الميكروبات المسببة للأمراض هي بداية جيدة لإنتاج اللقاحات حيث إن بعضها أساسي للجهاز المناعي في تحديد تلك الغلايكانات وقتل الميكروبات. وتحتوي بعض لقاحات الأنفلونزا والتهاب السحايا على مركبات سكرية ويمكن الاستفادة من هذه التقنية في تطوير لقاحات لأمراض أخرى مثل الملاريا.
- «خريطة شفرة السكر» تبشر بعلاجات واعدة
> يعكف العلماء في الوقت الحاضر بمساعدة «خريطة شفرة السكر» وتطويراتها، للاستفادة منها طبيا في مجالات أخرى فمثلا يمكن أن تتغير السكريات في الخلايا السرطانية وعندها يصعب تمييزها عن سواها من قبل الأدوية المستخدمة في العلاج. وهذا يفسر عدم استجابة بعض النساء لعلاج سرطان الثدي بواسطة عقار الهرسبتين كما يقول العلماء.
ويدعي وينفريد رومر من جامعة فريغبرغ في ألمانيا أنه لو كان باستطاعته تثبيط تفاعلات اللكتين بالسكر وإيقاف الميكروبات من الوصول إلى خلايا جسم الإنسان، فسوف يكون هناك بديل للمضادات الحيوية حيث قام ومساعدوه بالبحث عن مثبطات اللكتين في بكتريا تسمى Pseudomonas aeruginosa وهي من البكتريا المسببة للإصابات الخطيرة في المستشفيات، وتكون مقاومة للعديد من المضادات الحيوية. وقد حصلوا على نتائج واعدة في تثبيط نحو 90 في المائة من حالات دخول البكتريا إلى خلايا الجسم. وإضافة إلى ذلك فإن أكثر الأمور إثارة في العلاج بالخلايا الجذعية هو ما يتعلق بشفرة السكر، إذ من المعروف أن الخلايا الجذعية يمكن أن تنمو إلى أي نوع من الأنسجة لكن في كثير من الحالات قد تنحرف تلك الخلايا عن مسارها وهنا تكمن الخطورة، لذلك استخدم العلماء بروتينات معينة أطلقوا عليها اسم عوامل النمو تقوم بتوجيه الخلايا نحو المسار الصحيح.
إلا أن السكر الموجود على سطح الخلية في جسم الإنسان يجب أن يتوافق مع عوامل النمو لكي تكون فعالة وهنا تكمن أهمية معرفة شفرة السكر على سطح الخلية. وتتح أبحاث حل شفرة السكريات على سطح خلايا جسم الإنسان آفاقا حديثة في مجالات العلاج، حيث إن كل عضو في الجسم يمتلك تشكيلة من السكريات، والمهمة كبيرة جدا لعمل خريطة لهذه الاختلافات مثل عمل أطلس لسكريات الخلايا.


مقالات ذات صلة

10 علامات تحذيرية من ارتفاع ضغط الدم... وكيفية التعامل معها

صحتك ارتفاع ضغط الدم تحدٍّ كبير للصحة العامة (رويترز)

10 علامات تحذيرية من ارتفاع ضغط الدم... وكيفية التعامل معها

بعض العلامات التحذيرية التي تنذر بارتفاع ضغط الدم، وما يمكنك القيام به لتقليل المخاطر:

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك المشي اليومي يسهم في تعزيز الصحة ودعم الحالة النفسية (رويترز)

6 فوائد صحية للمشي اليومي

أكدت كثير من الدراسات أهمية المشي اليومي في تعزيز الصحة، ودعم الحالتين النفسية والجسدية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك زيوت البذور يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون (رويترز)

للوقاية من سرطان القولون... تجنب استخدام هذه الزيوت في طهي الطعام

حذَّرت دراسة من أن زيوت البذور -وهي زيوت نباتية تستخدم في طهي الطعام، مثل زيوت عباد الشمس والذرة وفول الصويا- يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق يعاني الكثير من الأشخاص من كثرة التفكير وقت النوم (أ.ف.ب)

كيف تتغلب على كثرة التفكير وقت النوم؟

يعاني كثير من الأشخاص من كثرة التفكير ليلاً؛ الأمر الذي يؤرِّقهم ويتسبب في اضطرابات شديدة بنومهم، وقد يؤثر سلباً على حالتهم النفسية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

«نيويورك تايمز» تتحدث عن محنة العلماء الفلسطينيين

صورة من جامعة «بيرزيت» لطلاب دراسة الفيزياء الفلكية
صورة من جامعة «بيرزيت» لطلاب دراسة الفيزياء الفلكية
TT

«نيويورك تايمز» تتحدث عن محنة العلماء الفلسطينيين

صورة من جامعة «بيرزيت» لطلاب دراسة الفيزياء الفلكية
صورة من جامعة «بيرزيت» لطلاب دراسة الفيزياء الفلكية

لعقود من الزمن كان السعي وراء مهنة علمية في الأراضي الفلسطينية محفوفاً بالمخاطر. ثم هاجمت «حماس» إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مما أشعل حرباً في قطاع غزة مستمرة منذ أكثر من عام.

حوار مع علماء فلسطينيين

ومع قصف إسرائيل وغزو غزة في حملة للقضاء على «حماس»، تم تدمير المدارس واضطر الطلاب إلى مواصلة دراستهم عن بُعد أو وقفها تماماً. أما الأطباء فقد عملوا في ظروف متدهورة على نحو متزايد. وشعر الفلسطينيون خارج المنطقة أيضاً بآثار الحرب.

وقد تحدثت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أربعة فلسطينيين يعيشون في غزة والضفة الغربية والخارج، حول الصراع الذي يَلوح في الأفق بشأن أبحاثهم العلمية وعملهم الطبي: كما كتبت كاترينا ميلر(*).

د. أسيد السر

من فلسطين الداخل... نحو هارفارد

* أسيد السر (32 عاماً): في عام 1948، انتقلت عائلة الدكتور أسيد السر إلى غزة من حمامة، وهي قرية على أرض أصبحت الآن جزءاً من إسرائيل. وقال السر، وهو طبيب مقيم في الجراحة العامة وباحث في تكساس، إنه أكمل دراسته في كلية الطب في غزة عام 2016، ودرس في جامعة أكسفورد لبعض الوقت، ثم انتقل إلى جامعة هارفارد عام 2019 لإجراء بحث حول جراحة الصدمات الطارئة.

وقال إن الدراسة في أوروبا والولايات المتحدة تختلف عن الدراسة في غزة. فالوصول غير المحدود إلى الكهرباء والمياه والإنترنت أمر مفروغ منه، والسفر، في الغالب، غير مقيد. وقال: «كان هذا صادماً بالنسبة لي».

في غزة، اختار والدا السر مكان العيش بناءً على المكان الذي سيكون لديهم فيه وصول ثابت إلى الإنترنت، حتى يتمكن هو وإخوته من متابعة دراستهم. بالنسبة إلى الكهرباء، كان لديهم مولد للطاقة. وإذا نفد غازه، كانوا يعتمدون على الألواح الشمسية والشموع والبطاريات.

وتوفر الدراسة في الخارج مزيداً من الفرص. لفعل ذلك، كان على السر التقدم بطلب للحصول على تصاريح من الحكومات في إسرائيل ومصر والأردن وغزة. وقال إن العملية قد تستغرق شهوراً. واستغرق الأمر منه ثلاث محاولات للحصول على القبول في أكسفورد. تقدم بطلب للحصول على ما يقرب من 20 منحة دراسية وفاز بواحدة. ومع هارفارد، استمر في التقديم. وقال السر إن هذه المثابرة شيء تعلمه من العيش في غزة.

كان السر في تكساس في 7 أكتوبر 2023. لكنَّ عائلته عادت إلى منزلها في غزة، وتعيش بالقرب من مستشفى الشفاء. في العام الماضي، داهمت إسرائيل مستشفى الشفاء. ثم انتقلت عائلة السر المباشرة منذ ذلك الحين إلى الجنوب، ودُمرت منازلهم في غزة، كما قال، فيما كان يواصل تدريبه الطبي في تكساس.

د. وفاء خاطر

فيزيائية بجامعة بيرزيت

* وفاء خاطر (49 عاماً). نشأت وفاء خاطر في الضفة الغربية، وهي منطقة تقع غرب نهر الأردن تحتلها إسرائيل منذ عام 1967. ثم انتقلت إلى النرويج لمتابعة دراستها للدكتوراه في الفيزياء بجامعة بيرغن.

أتيحت لها الفرصة للبقاء في النرويج بشكل دائم، لكنها عادت إلى الضفة الغربية للتدريس في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، في أثناء الانتفاضة الفلسطينية الثانية ضد الاحتلال الإسرائيلي. تتذكر قائلةً: «قال لي جميع زملائي النرويجيين في ذلك الوقت: هل أنتِ مجنونة؟ لكنني قلت لهم: «هذا هو الوطن، وأنا في مهمة».

والآن، تعمل خاطر أستاذة في جامعة بيرزيت، وهي من أوائل الفلسطينيين الذين مارسوا مهنة دراسة طبيعة وسلوك الجسيمات دون الذرية. وقالت: «لم يتخيل كثير من الناس أبداً أن هناك علوماً توجد في فلسطين».

وأضافت أن غياب مجتمع بحثي صحي في الضفة الغربية المحتلة يحد من فرصها للتعاون العلمي، لذا فقد سعت إلى بناء شبكة. وقد دعت زملاء أوروبيين للتحدث في جامعات الضفة الغربية، ودفعت طلاب الفيزياء الفلسطينيين لحضور برامج بحثية صيفية في الخارج.

وقالت إن البحث النظري يمكن أن يزدهر في الضفة الغربية، لكنَّ «الفيزياء التجريبية ليست لها أي فرصة تقريباً». وأوضحت أن الجامعات تكافح لدفع ثمن المعدات والبنية الأساسية للمختبرات، وتعتمد على التبرعات.

مرصد جامعة بيرزيت

وقد افتُتح في عام 2015، وهو أحد المرافق الفلكية القليلة في الضفة الغربية. موَّله رامز حكيم، رجل أعمال فلسطيني - أمريكي. وقالت خاطر: «كانت هذه هي المرة الأولى التي يمكن فيها لطلابنا رؤية تلسكوب والنظر إلى السماء».

حتى عندما يتم تأمين التمويل، قد يكون من الصعب استيراد الأدوات التجريبية إلى الضفة الغربية وغزة، لأن بعض المعدات اللازمة للبحث يمكن استخدامها أيضاً لأغراض عسكرية. تصنف إسرائيل مثل هذه السلع على أنها «استخدام مزدوج» وتتطلب إذناً للمدنيين في الأراضي الفلسطينية لشرائها.

التدريس عن بُعد في الضفة الغربية

بعد هجوم 7 أكتوبر، بدأت خاطر وأعضاء هيئة التدريس الآخرون في جامعتها التدريس عن بُعد. وقالت إن زيادة نقاط التفتيش في الضفة الغربية، نتيجة للوجود العسكري الإسرائيلي المتزايد بعد هجوم «حماس»، جعلت من الصعب على الطلاب والأساتذة حضور الفصول الدراسية شخصياً. استؤنفت التدريس وجهاً لوجه بشكل محدود في الربيع الماضي. ولكن بعد ذلك في أكتوبر، بعد وقت قصير من شن إيران هجوماً صاروخياً على إسرائيل تسبب في سقوط الشظايا على الضفة الغربية، أعلنت بيرزيت أن واجبات التدريس والإدارة ستنتقل عبر الإنترنت من أجل السلامة.

أمضت خاطر الصيف في تدريس دورة فيزياء عبر الإنترنت للطلاب في قطاع غزة. وقالت إن تسعة عشر طالباً سجلوا، لكن أكثر من نصفهم تركوا الدراسة لأنهم يفتقرون إلى الكهرباء المستقرة أو الوصول إلى الإنترنت.

د. ضحى البرغوثي

طبيبة وابنة عالم في الفيزياء الفلكية

ضحى البرغوثي (25 عاماً). درست الدكتورة ضحى البرغوثي، وهي طبيبة باطنية في الضفة الغربية، الطب لمدة ست سنوات في جامعة القدس. أنهت عامها التدريبي أو التدريب بعد التخرج في أكتوبر من العام الماضي، قبل أسبوع واحد من اندلاع الحرب.

كان مستشفى «المقاصد» في القدس، حيث تدربت البرغوثي، على بُعد بضع دقائق فقط سيراً على الأقدام من منزلها. ولكن حتى قبل الحرب، كان عليها أن تغادر مبكراً لساعات للتنقل عبر نقاط التفتيش المطلوبة للوصول إلى العمل في الوقت المحدد. بعد 7 أكتوبر 2023، داهم جنود إسرائيليون مستشفى «المقاصد»، واعتقلوا المرضى من غزة وأقاربهم.

في أكتوبر الماضي، اعتُقل والد ضحى، عماد البرغوثي، وهو عالم فيزياء فلكية في جامعة القدس، ووُضع قيد الاعتقال الإداري، وهي ممارسة تُستخدم لاحتجاز الفلسطينيين دون توجيه اتهامات رسمية، للمرة الرابعة.

بعد اعتقاله الأول في عام 2015، منعته السلطات الإسرائيلية من مغادرة الضفة الغربية، وهو ما قالت ضحى البرغوثي إنه قيَّد فرصه في التعاون العلمي.

في بيان لصحيفة «نيويورك تايمز»، قال الجيش الإسرائيلي إن عماد البرغوثي اعتُقل بسبب شكوك في «العضوية والنشاط في جمعية غير قانونية، والتحريض والمشاركة في أنشطة تُعرِّض الأمن الإقليمي للخطر». فيما صرّح عالم الفيزياء الفلكية بأنه ليس منتمياً أو مؤيداً لـ«حماس».

بعد ستة أشهر من الاعتقال، أُطلق سراح والدها فيما وصفته البرغوثي بـ«ظروف صحية مروعة»، بما في ذلك فقدان الوزن الشديد، والاشتباه في كسر الأضلاع وتلف الأعصاب في أصابعه.

د. رامي مرجان (الى اليسار)

مركّبات جديدة مضادة للسرطان

* رامي مرجان (50 عاماً). وصف رامي مرجان، الكيميائي العضوي في الجامعة الإسلامية في غزة، حياته المهنية بأنها طريق مليء بالعقبات، حيث قضى سنوات في محاولة إنشاء مجموعة بحثية وقليل من الأدوات العلمية أو المواد الكيميائية التي يمكن استخدامها لإجراء تجارب متطورة. وكتب في نص لصحيفة «التايمز»: «ليست لدينا بنية أساسية للبحث».

يركز مرجان على إنشاء مركَّبات جديدة ذات تطبيقات محتملة في الأدوية المضادة للبكتيريا والفطريات والسرطان. وهو يستخدم التخليق متعدد الخطوات، وهي تقنية تخضع فيها المركّبات المبدئية لسلسلة من التفاعلات الكيميائية لتحويلها إلى المنتج النهائي المطلوب. تتطلب هذه العملية استخدام المذيبات والأجهزة لتحديد التركيب الكيميائي للمركب في كل خطوة، ولكن لأن كثيراً من هذه الأدوات تعدها إسرائيل معدات ذات استخدام مزدوج، فإن مرجان وزملاءه غير قادرين على أداء ذلك بشكل صحيح.

«غزة أجمل مكان في وطني»

تمكن مرجان من نشر بعض أعماله في المجلات الأكاديمية. لكنه قال إن نقص الموارد في غزة حدَّ من إنتاجه البحثي مقارنةً بأبحاث زملائه في الخارج.

وقد حصل على الدكتوراه من جامعة مانشستر في عام 2004، ثم عاد إلى غزة. وقال: «أردت أن أنقل الخبرة والمعرفة إلى شعبي». أجبره العنف على إخلاء منزله في مدينة غزة والانتقال إلى دير البلح، وهي مدينة في الجزء الأوسط من غزة تعرضت لإطلاق النار حيث استهدف الجيش الإسرائيلي ما قال إنها «مراكز قيادة وسيطرة» لـ«حماس» هناك.

واعترف مرجان بأن قراره العودة إلى القطاع منعه من تحقيق أحلامه في مهنة علمية. لكنه لم يندم على ذلك، وقال: «غزة هي أجمل مكان، وهي جزء صغير من وطني».

* خدمة «نيويورك تايمز»

اقرأ أيضاً