جلسة سيئون تمنح البركاني مطرقة الراعي وتستعيد البرلمان اليمني بالأغلبية

بحضور هادي والحكومة والقضاء والسفراء

TT

جلسة سيئون تمنح البركاني مطرقة الراعي وتستعيد البرلمان اليمني بالأغلبية

قالت جلسة سيئون كلمتها أمس، وكانت شاهدة على استعادة مؤسسة التشريع اليمنية المختطفة بحضور الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ونائبه والحكومة وسفراء عرب وأجانب ورئيس البرلمان العربي، ومنحت الجلسة النائب سلطان البركاني مطرقة يحيى الراعي الرئيس السابق للبرلمان اليمني.
وفي الوقت الذي توافد فيه نواب اليمن إلى مدينة سيئون وسط وادي حضرموت تلبية لدعوة هادي منذ يومين لعقد جلسة غير اعتيادية لمجلس النواب (البرلمان)؛ كان قادة الميليشيات الحوثية يتوعدون في وسائل إعلامهم كل نائب سيحضر الجلسة بالقتل ومصادرة الأموال.
استنفرت الجماعة الحوثية كل عناصرها في الداخل والخارج بما في ذلك لجوؤها لطيران مسير لاستهداف سيئون أملا في أن يؤدي ذلك إلى عرقلة استعادة البرلمان اليمني من قبل الشرعية، طبقا لمصادر برلمانية.

- نصاب مكتمل
حاولت الجماعة الحوثية التأثير على ثلة من النواب الموجودين خارج البلاد. جعلتهم يختلقون مبررات وصفها مراقبون بـالواهية لعدم حضور الجلسة، إلا أن نحو 141 نائبا، يشكلون أغلبية النواب، كانوا عند الموعد أمس لاستعادة برلمانهم في سياق الجهد الدؤوب لإعادة مؤسسات الدولة اليمنية المخطوفة كافة والقضاء على الانقلاب.
منح النواب الحاضرون أصواتهم بالتزكية للنائب سلطان البركاني رئيسا للبرلمان، ولنوابه الثلاثة، محمد علي الشدادي وعبد العزيز جباري ومحسن باصرة، وفقا لما توافقت عليه القوى السياسية والحزبية مسبقا بالتشاور مع الرئيس هادي ونائبه، وهو الأمر الذي يعني استعادة السلطة التشريعية إلى صف الشرعية حكومة وسلطة قضائية، حيث لم يبق للحوثيين في صنعاء المختطفة سوى مطرقة رئيس مجلس النواب السابق يحيى الراعي المتدثر بعمامة الانقلاب، وفق وصف ناشطين يمنيين.
وفي حين كان الرئيس هادي يهبط من الطائرة الرئاسية التي أقلته إلى سيئون صباح أمس لحضور الجلسة وإلقاء كلمته التي تضمنت رسائل للداخل والخارج وللشعب اليمني وللمجتمع الدولي وللبرلمان والحكومة وللانقلابيين الحوثيين، كانت الميليشيات في صنعاء وعدد من مناطق سيطرتها تتوسل السكان للمشاركة في عملية الاقتراع غير المشروعة من أجل انتخاب صوري لعدد من أتباعها أعضاء مزعومين في مجلس النواب.
مسؤولون حكوميون وصفوا اليوم بالمشهود في ثاني أكبر مدن محافظة حضرموت، بينما كان يوما مليئا بالصراخ في أروقة الجماعة الحوثية التي كان قادتها توعدوا بنبرة يائسة بنهب واحتلال منازل من تبقى من النواب اليمنيين المنخرطين في صف الشرعية وبإصدار أحكام غيابية عليهم بالإعدام.
وبينما رفعت الجلسة الأولى بعد اختيار هيئة رئاسة البرلمان، يتوقع أن تكون الجلسات التالية لإقرار ميزانية الحكومة الشرعية ولوضع جدول بالأعمال للنواب ولاختيار رؤساء لجان البرلمان، إلى جانب تحديد الأولويات التي ستضطلع بها المؤسسة التشريعية في اليمن لمساندة الدولة وصولا إلى إنهاء الانقلاب وتحقيق السلام.
ولم يكن هادي وحده الذي كان حاضرا خلال افتتاح أعمال الدورة غير الاعتيادية للبرلمان، بل كان معه نائبه الفريق الركن علي محسن الأحمر ومستشاريه عبد الوهاب الآنسي والدكتور رشاد العليمي وصالح عبيد أحمد ونصر طه مصطفى وياسين مكاوي ومحمد موسى العامري وحسين عرب وعبد الملك المخلافي ومحمد بن ناجي الشائف.
أما الحضور الدولي والعربي والدبلوماسي فتصدره رئيس البرلمان العربي مشعل بن فهم السلمي ومبعوث الأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي لدى اليمن الفريق مدخل دخيل الهذلي والسفير السعودي، محمد سعيد آل جابر، وسفير الإمارات سالم خليفة الغفلي وسفير البحرين حمود بن عبد الله آل خليفة وسفير جمهورية كوريا الجنوبية وونج شول باك وممثلة منظمة التعاون الإسلامي السفيرة نورية الحمامي.
وإذ كان الدور السعودي والدعم اللوجيستي والأمني الذي قدمته المملكة إلى جانب القوات اليمنية واضحا للعيان، كانت الابتسامة التي ترتسم على قلوب وسكان مدينة سيئون هي الباعث الأكبر على الطمأنينة في نفوس النواب وكل ضيوف المدينة التي صنعت فصلا جديدا في التاريخ اليمني، وفق ما يقوله الناشطون اليمنيون.

- هادي: لا تفقدوا الأمل
ورأى الرئيس هادي في خطابه أن أهم دلالة من دلالات انعقاد مجلس النواب يوم أمس هي «توحد كافة اليمنيين بكل أحزابهم واتجاهاتهم وأطيافهم على قاعدة الشرعية والثوابت الوطنية وفي مواجهة هذا المشروع المدمر».
وأشار إلى أن انعقاد المجلس يعني «أن المشروع الحوثي يتآكل يوماً بعد آخر، وأن عنصرية قادته قد عزلتهم عن جموع الشعب وتياراته، ولم يعد معهم أحد إلا من كان تحت الإكراه». في إشارة إلى بقية النواب الموضوعين في صنعاء تحت الإقامة الإجبارية للجماعة الحوثية.
وخاطب هادي النواب بقوله «تنعقد دورتكم الاستثنائية هذه في لحظة تاريخية بالغة الأهمية حيث نقف على مفترق طرق بين خيارات السلام والحرب، فبينما نبذل كل التسهيلات والدعم لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة من أجل إنجاز سلام شامل وفق المرجعيات الثلاث التي اتفق عليها اليمنيون والمحيط الإقليمي والمجتمع الدولي نجد أن الميليشيات الانقلابية تتعنت وتناور وتضع كل العراقيل لإفشال تلك الجهود».
ودعا الرئيس اليمني كل البرلمانيين الذين لم يلتحقوا بهذه الجلسة إلى أن يبادروا بالانخراط مع زملائهم في هذه المؤسسة للدفاع عن وطنهم وقال إنه «لا يشرفهم البقاء خارج هذه المهمة» كما أشار إلى أن الحوثيين «لم يطلقوا رصاصاتهم إلا في صدور أبناء اليمن، ولم يستهدفوا سوى مؤسسات الدولة، ولم يفجروا سوى بيوت اليمنيين ومساجدهم، ولم يتركوا شيئا في الثقافة والأعراف والقيم اليمنية الأصيلة إلا واستهدفوه بالتخريب والتدمير».
وتابع هادي بالقول «إن الحوثيين اختاروا بأنفسهم أن يكونوا أعداء لأبناء اليمن، رغم أن اليمنيين مدوا إليهم يد السلام عشرات المرات، وخاطبناهم بلغة العقل والحكمة والمنطق مئات المرات، غير أنهم اختاروا طريق الشر فدمروا كل مؤسسات الدولة واستهدفوا كل أبناء اليمن، واعتدوا على البرلمان بكل الوسائل والطرق».
وطلب من النواب أن يسهموا «في طريق استعادة الدولة وتعزيز حضورها الكامل على كل الوطن وإنهاء هذا الانقلاب المشئوم». وقال «إن أهم أولويات الحكومة في الوقت الراهن تتمثل في هزيمة الانقلاب وبناء مؤسسات الدولة وتعزيز وجودها لتتمكن من أداء وظيفتها في تقديم الخدمات للمواطنين جميعا وتطبيع الحياة بشكل كامل».
وفي استشعار من الرئيس اليمني لاستطالة أمد الانقلاب خاطب شعبه بالقول «لا تفقدوا الأمل ولا يصيبكم الإحباط جراء ما تقوم به الميليشيات الحوثية أو التعقيدات المتزايدة التي تواجهها الدولة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية».
وفي رسالته إلى المجتمع الدولي دعا هادي المجتمع الدولي ورعاة السلام في بلاده إلى «إيقاف مماطلة ورفض الميليشيات الحوثية لكل جهود السلام ورفض تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وممارسة الضغط لإيقاف الحرب التي تشنها الميليشيات الحوثية، وإنهاء الانتهاكات التي ترتكبها ضد المواطنين ورفع حالة الظلم والإرهاب التي تمارسها على اليمنيين في مناطق سيطرتها ومصادرتها لرواتبهم والمتاجرة بالمساعدات الإنسانية والعبث بمصائر الناس».

- الرئيس الجديد
تطرق رئيس البرلمان اليمني الجديد سلطان البركاني في كلمته إلى ظروف انعقاد الجلسة غير الاعتيادية للنواب في سيئون «جراء انقلاب ميليشيات الحوثي على السلطة الشرعية بقوة السلاح وسطوها على العاصمة صنعاء، وتحويلها إلى مرتع للعصابات والفوضى وترويع أهلها وإذلال قادتها».
وقال «نتيجة لهذه الظروف وبعد أربع سنوات من الحرب المفروضة على شعبنا بفعل الانقلاب على الدولة والشرعية والإجماع الوطني، وبعد أن اصطدمت كل الجهود الإقليمية والدولية والمحلية لإحلال السلام وإيقاف الحرب بالمصدات الانقلابية المستهترة بدماء الناس ومعاناتهم، وتلاشي آمال السلام كان من المستحيل انعقاد مجلس النواب في العاصمة صنعاء، لأداء واجبه أمام الشعب الذي منحه الثقة».
وأوضح بالقول «كان لا بد من إعمال المواد الدستورية والقانونية الخاصة بمجلس النواب والتي تجيز الانعقاد في أي مكان في الجمهورية اليمنية في حال وجود قوة قاهرة تمنعه من أداء مهامه في العاصمة صنعاء، لذا كان اختيار هذه المدينة إسهاما في تطبيع الأوضاع في المناطق المحررة ليستأنف نواب الشعب أعمالهم».
وخاطب البركاني النواب بالقول: «إن اجتماعكم كممثلين للشعب في هذه الظروف المضطربة يضاعف مسؤوليتنا الوطنية والأخلاقية ويجعلنا جميعاً أمام اختبار صعبٍ لا مفر من اجتيازه والنجاح فيه... فالجماهير اليمنية تتطلع إليكم لابتكار وسائل السلام والتعايش بين مكونات المجتمع بمختلف توجهاته انطلاقاً من إيمان مطلق وقناعة راسخة بأن الوطن هو ملك لكل أبنائه دون استثناء».
وأضاف: «على من أغرته القوة وأخرجته عن جادة الإجماع الوطني أخذ العبر والدروس من مآسي هذا الصراع الدامي الذي أشعل فتيله في لحظة طيشٍ غير محسوب تنفيذاً لمخططٍ يستهدف اليمن وجيرانه وما أنتجه هذا الفعل الأرعن من أهوالٍ وفواجع أتت على كل مظاهر الحياة في وطننا الغالي أهلكت الحرث والنسل وخلَفت من الأحقاد والثارات والتدمير النفسي والاجتماعي ما لا تقوى على نسيانه ذاكرة الأجيال».
كما دعا الجماعة الحوثية إلى الجنوح «إلى السَّلْم، وأن تتخلى عن العنف وأن تتحول إلى مكون سياسي يمارس وجوده وحقوقه وفقاً لمحددات القانون والدستور ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني مستفيداً من عبر التاريخ وتجربة أربعة أعوام من الصراع نعتقد أنها جديرة بالاعتبار لنتمسك جميعا بخيارات السلام. فلقمة يابسة فيها سلام خيرٌ من بيت مليء بالذبائح والحطام».

- لمحة أخيرة
يشار إلى أن مجلس النواب اليمني تم انتخابه في 2003 لمدة ست سنوات قبل أن يتم التمديد له بالتوافق بين القوى الحزبية إلى عامين آخرين، غير أن الأحداث التي تبعت ذلك منذ 2011 وحتى الآن حالت دون إجراء انتخابات جديدة.
ويتألف عدد المجلس من 301 من النواب، غير أن نحو 35 منهم فارقوا الحياة، وفي حين بقي العشرات من النواب في صنعاء تحت إمرة الميليشيات الحوثية تمكن أغلب أعضائه الأحياء وعددهم نحو 266 من المغادرة إلى مناطق سيطرة الشرعية أو إلى خارج البلاد هربا من بطش الحوثيين أو رفضا لانقلابهم، ويعني ذلك أن الأغلبية تكون متحققة بحضور 134 عضوا للانعقاد وهو ما نجحت فيه الشرعية التي استطاعت أن تجمع نحو 141 نائبا للحضور إلى سيئون ضمن مساعيها لاستعادة مجلس النواب المختطف بشكل غير شرعي في صنعاء من قبل الجماعة الحوثية.


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».