العثماني ينفي تعديلاً مرتقباً للحكومة المغربية

TT

العثماني ينفي تعديلاً مرتقباً للحكومة المغربية

نفى سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية والأمين العام لحزب «العدالة والتنمية»، وجود أي تعديل مرتقب لحكومته، وقال إن ما يروج في وسائل الإعلام بهذا الشأن «لا أساس له من الصحة وهدفه تغليط المواطنين»، مشيراً إلى أن التعديل الحكومي لم يكن موضوع نقاش في الأمانة العامة لحزبه، أو في اجتماعات الأغلبية.
ودعا العثماني، الذي كان يتحدث مساء أول من أمس في لقاء مع نواب حزبه، إلى التحلي باليقظة لمواجهة «التشويش والاختلاقات»، التي تروج ضد الحزب من قبل من لديهم «خوف وجزع من الانتخابات المقبلة على بعد سنتين من موعدها».
ورداً على ما يثار بشأن حدود الصلاحيات الممنوحة لرئيس حكومة مقارنة مع صلاحيات الملك، قال العثماني إن «الملك يقدر رئيس الحكومة ويساعده، وأنا لا أشتغل إلا تحت مسؤوليته»، مضيفاً: «أنا لست بطلاً من الأبطال الذين يحلم بهم البعض. فرئيس الحكومة لديه صلاحيات، ولن نقبل أبداً أن يضعنا البعض في موقف التقابل بيننا وبين الملك... والحكومة لم تر من الملك سوى الدعم والمساعدة والتوجيه السليم».
واستبعد العثماني حدوث أي صدام بين حزبه والملك، بقوله «لا يمكن الرجوع إلى الصراعات التي كانت سائدة خلال سنوات الستينيات والسبعينيات، ولن يحدث هذا في عهدنا أبداً».
من جهة أخرى، قال العثماني إن الحكومة تشتغل في انسجام كبير، مبرزاً أن الاختلاف الذي يحصل بين الفينة والأخرى «عادي وطبيعي، لكنه لا يؤثر على السير العام للحكومة، وعلى القرارات التي تتخذها»، واعتبر أن حزب «العدالة والتنمية»، الذي يرأس الحكومة، يعي جيداً أن كل ما يروج بخصوص هذا الموضوع «هو مجرد تشويش اعتاد وتدرب عليه الحزب».
كما تطرق رئيس الحكومة المغربية إلى إعادة انتخاب الحبيب المالكي رئيساً لمجلس النواب، ونوه بالتزام أعضاء الفريق النيابي لحزبه بقرار الأمانة العامة للحزب بالتصويت على المالكي، وعده «رداً على جميع الأوهام والتشويشات والاختلاقات، التي تحاول أن تبين أن فريق حزب العدالة والتنمية منقسم ومتصارع»، مشدداً على أن «التصويت بيّن أن الفريق متلاحم مع الأمانة العامة».
في سياق آخر، عبر العثماني عن موقفه من قانون إصلاح التعليم، وقال إن موقف «العدالة والتنمية» من مشروع قانون الإطار للتربية والتكوين سيعبر عنه من خلال «أمانته العامة ومؤسساته بكل استقلالية ومسؤولية، وسنتخذ القرار بشكل جماعي»، لافتاً إلى أن النقاش الدائر بهذا الخصوص «نقاش عادي وطبيعي، ولا يجب التهويل في أمره، ولا أن تشن حروب داحس والغبراء».
وأضاف العثماني أنه تجنب في كل هذه المدة أن يعبر عن موقفه الشخصي بخصوص الموضوع لسبب واحد «هو أني أومن أن أترك النقاش الداخلي في الحزب، وتداول الأفكار بكل حرية من دون أن أفرض رأيي. فنحن لسنا حزباً (ستالينياً)، بل يجب أن نعتز بأي اختلاف. الحزب به مناضلون ومواقف وأفكار مختلفة لا بد من سماع جميعها»، مشيراً إلى وجود ثلاثة مواقف أساسية بخصوص القانون: «الأول متطرف من حيث التهويل من استبعاد العربية، والثاني من حيث التنقيص من قيمتها، وهناك رأي وسط قيد النقاش في بعض الجزئيات».
في هذا السياق، لفت العثماني إلى أنه «يعتز بالعربية وبالأمازيغية باعتبارهما لغتين رسميتين للدولة»، وقال إن مشروع قانون الإطار أشار في الكثير من بنوده إلى «ضرورة الاهتمام باللغتين العربية والأمازيغية، وإلى التناوب اللغوي في لغات التدريس، وهناك اتفاق على التناوب اللغوي في عموميته. لكن بقيت بعض الجزئيات بحاجة إلى نقاش». وتابع موضحاً: «الأمر ليس تقنياً فحسب، بل إن الجانب السياسي حاضر بشكل كبير، وكونوا على يقين بأننا سنتخذ الموقف السياسي المناسب، الذي يراعي مصلحة الوطن بالدرجة الأولى».
وأوضح العثماني، في هذا الصدد، أن حزبه «منسجم ومستقل في مواقفه وآرائه، واختلاف أعضائه في مقاربة بعض القضايا دليل على حيوية الحزب واستقلاليته، التي نحرص عليها جميعاً»، مضيفاً أن المغرب «محتاج إلى أحزاب حية وفاعلة ومستقلة، تشتغل في إطار ثوابته»، نافياً في المقابل وجود تيارين متصارعين داخل حزبه.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».