طالب مجلس الأمن الدولي بـ«الحفاظ على الطابع السلمي» للتغيير في السودان، مشددين على ضرورة «حصول عملية انتقالية للسلطة المدنية»، والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يؤدي إلى العنف، بما يلبي «التطلعات المشروعة للشعب السوداني»، وطبقاً لروحية الدستور والقوانين المدنية المرعية في البلاد، بينما نقل نائب المندوب السوداني الدائم لدى الأمم المتحدة، ياسر عبد الله عبد السلام، عن المجلس العسكري أن هناك «إمكانية لتقصير أمد الفترة الانتقالية» الراهنة.
وكشف دبلوماسيون في مجلس الأمن لـ«الشرق الأوسط» أن الأعضاء الـ15 «متوافقون» على «ضرورة انتقال السلطة إلى المدنيين» في السودان عقب الاحتجاجات السلمية واسعة النطاق في البلاد وإطاحة المجلس العسكري الانتقالي بالرئيس عمر حسن أحمد البشير. بيد أن بعض الدول وفي مقدمتها روسيا «ترفض أن يصدر المجلس أي موقف رسمي في الوقت الراهن»، بينما أعلنت الدول الأوروبية موقفاً مشتركاً من «الوضع المتأرجح» في هذا البلد العربي الأفريقي.
جاء ذلك خلال جلسة طارئة مغلقة عقدها أعضاء المجلس واستمعوا خلالها إلى إحاطة من الأمينة العامة المساعدة للأمم المتحدة لشؤون أفريقيا بنتو كيتا حول أحدث التطورات الجارية. وعبرت الدول الأوروبية الأعضاء خلال الجلسة عن موقف موحد يؤكد أنها «تراقب الوضع عن كثب»، مشددة على «ضرورة حصول انتقال سلمي للسلطة إلى المدنيين بما يلبي طموحات وتطلعات الشعب السوداني». وكشف دبلوماسي لـ«الشرق الأوسط» أنه «رغم تأييد روسيا للمطالب بالانتقال الديمقراطي والسلمي للسلطة إلى المدنيين، فإن موسكو لا ترغب في الوقت الراهن أن يتدخل مجلس الأمن بصورة رسمية فيما يحصل حالياً في السودان». واعتبرت الدول الغربية أن «مجرد انعقاد مجلس الأمن يوجه رسالة قوية إلى القوى الفاعلة في السودان»، فيما بدا أنه «رسالة إلى المجلس العسكري».
وأكد الناطق باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، لـ«الشرق الأوسط» أن الأمين العام أنطونيو غوتيريش «يواصل متابعة الوضع المتطور في السودان عن كثب»، وأضاف أنه «من المهم الحفاظ على الحريات والحقوق الأساسية للمواطنين»، مطالباً بـ«تجنب الإجراءات التي تقوض أمن واستقرار البلد، أو تؤثر على تقديم المساعدة الإنسانية». وأشار إلى أن العملية المختلطة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي (يوناميد) ترصد الوضع في دارفور عن كثب، حيث يجري الإبلاغ عن توترات في مواقع عدة، وهي تقوم بدوريات وتنخرط مع كل الجهات الفاعلة على الأرض، بما في ذلك قوات الأمن، وكذلك الأشخاص المشردين داخلياً.
ورداً على سؤال من «الشرق الأوسط»، قالت المندوبة البريطانية الدائمة لدى الأمم المتحدة، كارين بيرس: «نراقب الوضع في السودان عن كثب»، موضحة أنه «من المهم للغاية عدم حصول أعمال عنف»، وأضافت: «من المهم أيضاً أن يجري إيجاد سبيل للعودة إلى الحكم المدني - الحكم المدني الديمقراطي - في أسرع وقت ممكن»، وقالت: «سنبقى نراقب الأوضاع والسودان وجميع شركائنا الأفارقة هنا، على أمل أن نكون قادرين على تشجيع الوصول إلى تلك الغاية»، ولفتت إلى ما صرح به وزير الخارجية البريطاني الذي قال إن فترة العامين المقترحة للفريق الانتقالي «لا يبدو أنه موثوق بها للعودة إلى الديمقراطية».
وطالبت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، في بيان وزع في كل من نيويورك وجنيف، السلطات السودانية بالامتناع عن استخدام القوة ضد المتظاهرين، وقالت إن «هذه لحظة حرجة للغاية ومتقلبة للسودان، وهناك حالة من عدم اليقين العميق، وعدم الارتياح بشأن المستقبل»، مضيفة: «نحن نراقب التطورات عن كثب، ونطالب السلطات بالامتناع عن استخدام القوة ضد المتظاهرين المسالمين، وضمان أن تتصرف قوات الأمن والسلطات القضائية وفقاً لسيادة القانون، والتزامات السودان الدولية بحقوق الإنسان»، وعبرت عن «ارتياحها لعدم حصول أعمال عنف» ليلة التغيير، على الرغم من عدم التزام المتظاهرين المسالمين بحظر التجول المفروض، ولكنها أفادت بأن هناك «تقارير عن وجود بعض المحتجزين السياسيين»، داعية السلطات إلى إطلاق جميع المعتقلين السياسيين، وأوضحت أن «الإعلان الذي أُصدر لم يدل على أن هناك أي إمكانية للناس للمشاركة في هذا الانتقال، وهذا هو السبب في أننا، مرة أخرى، ندعو السلطات إلى ضمان أن يكون هناك جهد متضافر، مع مشاركة هادفة للمجتمع المدني والأصوات المعارضة في رسم الطريق للمضي قدماً».
ورأت أن «جذور الأزمة في السودان تعود إلى مظالم حقوق الإنسان، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والسياسية». ولذا «يجب أن يرتكز الحل أيضاً على حقوق الإنسان». وشجعت الحكومة السودانية على «التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية»، مشددة على «ضرورة إجراء تحقيقات مستقلة سريعة فعالة في الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي».
وقال رئيس مجلس حقوق الإنسان للسنة الجارية، السنغالي كولي سيك، لـ«الشرق الأوسط»: «ما نريده جميعاً هو الاحتجاج السلمي والانتقال الديمقراطي، وهذان أمران مهمان لدينا»، آملاً في أن «يسمح الوضع للناس بالتظاهر بشكل سلمي». وردد ما أعلنه مسؤولون آخرون في الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، مشيراً إلى «نقاش إقليمي لوضع المزيد من الضغوط على البلاد من أجل تطبيع الأوضاع». وأكد أن مجلس حقوق الإنسان ومجلس الأمن يتابعان المسائل المتعلقة بالاتهامات الموجهة من المحكمة الجنائية الدولية لعدد من المسؤولين السودانيين. وكان نائب المندوب السوداني يتحدث في جلسة مقررة مسبقاً لمجلس الأمن في شأن تمديد بعثة الأمم المتحدة في أبيي، فأشار إلى أن الإجراءات التي اتخذها المجلس العسكري الانتقالي شملت عزل رئيس الجمهورية عمر حسن أحمد البشير، وتعطيل العمل بالدستور، وحل المجلس الوطني ومجلس الولايات، وحل الحكومة المركزية وحكومات الولايات، وإعلان حال الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر، موضحاً أن «هذه الإجراءات جاءت استجابة لرغبة جماهير الشعب السوداني التي عبرت عن رأيها وتطلعاتها». من جهته قال المتحدث الرسمي باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، السفير محمود عفيفي، إن «الجامعة تتابع بكل الاهتمام تطورات الأوضاع بشأن الانتقال السياسي في السودان»، مضيفاً أن «جامعة الدول العربية تعرب عن أملها في أن يتوافق أهل السودان على ما فيه مصلحة البلاد.
وأكدت مملكة البحرين أنها تتابع باهتمام شديد التطورات الراهنة التي تشهدها جمهورية السودان. وشدد بيان لوزارة الخارجية البحرينية على موقف المنامة الثابت الداعم للسودان.
مجلس الأمن يطالب عسكر السودان بتسليم السلطة للمدنيين
دوجاريك لـ «الشرق الأوسط» من المهم الحفاظ على الحريات... مندوبة بريطانية: عليهم إيجاد سبيل للعودة إلى الديمقراطية
مجلس الأمن يطالب عسكر السودان بتسليم السلطة للمدنيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة