طرابلس تستعد للانتخابات الفرعية غداً و«المستقبل» يحذر من مفاجآت

الحريري زار المدينة والتقى فاعلياتها السياسية وشدد على إنمائها

الرئيس سعد الحريري أمس مع الرئيس نجيب ميقاتي والمرشحة ديما جمالي في طرابلس (دالاتي ونهرا)
الرئيس سعد الحريري أمس مع الرئيس نجيب ميقاتي والمرشحة ديما جمالي في طرابلس (دالاتي ونهرا)
TT

طرابلس تستعد للانتخابات الفرعية غداً و«المستقبل» يحذر من مفاجآت

الرئيس سعد الحريري أمس مع الرئيس نجيب ميقاتي والمرشحة ديما جمالي في طرابلس (دالاتي ونهرا)
الرئيس سعد الحريري أمس مع الرئيس نجيب ميقاتي والمرشحة ديما جمالي في طرابلس (دالاتي ونهرا)

تستعدّ مدينة طرابلس في شمال لبنان لإجراء انتخابات نيابية فرعية يوم غدٍ (الأحد)، لملء المعقد السنّي الخامس الذي شغر بقرار المجلس الدستوري الذي أبطل نيابة عضوة كتلة «المستقبل» النائبة ديما جمالي، التي أعيد ترشيحها لتخوض المواجهة ضدّ 4 مرشحين آخرين؛ هم النائب السابق مصباح الأحدب، ويحيى مولود مرشح المجتمع المدني وتحالف «كلّنا وطني»، ونزار زكّا المعتقل في إيران منذ 3 سنوات، وعمر السيّد.
وقبل يوم واحد من فتح صناديق الاقتراع في عاصمة الشمال، أنهى تيّار «المستقبل» استعداداته لمعركة غير متكافئة، يخوضها ضدّ المرشحين الآخرين، بعد تحالفه مع القوى السياسية الأساسية في طرابلس، لا سيما رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي والوزيرين السابقين محمد الصفدي وأشرف ريفي، الذين أعلنوا دعمهم مرشحة «المستقبل» ديما جمالي، من ضمن تحالفهم مع الحريري، الذي زار طرابلس أمس ووضع اللمسات الأخيرة على جهوزية ماكينة تياره الانتخابية، ولتحفيز الناخب الطرابلسي على الإقبال بكثافة على صناديق الانتخابات.
وتأتي زيارة الحريري لعاصمة لبنان الشمالي، تتويجاً لتوافد قيادات «المستقبل» إلى طرابلس تباعاً، بدءاً من أمين عام التيار أحمد الحريري الذي يلازم المدينة منذ شهر تقريباً، ثم رئيسة كتلة «المستقبل» النيابية بهية الحريري ورئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، وهو ما رسم علامات استفهام حول أسباب هذه الهجمة رغم الوضع المريح انتخابياً للتيار، إلا أن عضو المكتب السياسي في «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش، أوضح أن هذه الزيارات «تنطلق من ضرورة اعتبار أن أي معركة انتخابية جدية ولا يمكن التهاون فيها، كي لا تؤدي إلى مفاجآت». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «المعركة هي معركة سعد الحريري وليس ديما جمالي فقط، ونقوم بواجبنا كي لا نفاجأ بشيء».
وعمّا إذا كانت الشعارات الانتخابية والوعود التي تقدّم لأبناء طرابلس مقنعة، بعد التجارب السابقة المخيبة، يعترف القيادي في «المستقبل» بأن «الناس سئمت الشعارات المترهلة، ومن مسؤولية قيادات (المستقبل) أن يكونوا بين الناخبين وبتحدثوا إليهم بصراحة تامة عن الوضع الذي يمرّ به البلد، والذي تسبب في تأخر تنفيذ المشاريع المرصودة لطرابلس وغيرها». ويسعى خصوم «المستقبل» إلى خوض المعركة بشعار «مواجهة منظومة السلطة وتحالف الفساد والمحاصصة السياسية والطائفية».
ويقدّم يحيى مولود نفسه على أنه مرشّح المعارضة السياسية التي أطلقت مشروعها لمواجهة السلطة في عام 2018، ضمن تحالف «كلّنا وطني». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نخوض معركة سياسية لإسقاط النظام الطائفي». وأوضح أنه «ماضٍ في معركته الانتخابية ضمن المعارضة السياسية لتغيير الواقع القائم حالياً وإسقاط السلطة الفاسدة»، مضيفاً: «نحن نقدّم خياراً سياسياً للناس، وعلى الناخب أن يختار هذه السلطة، أو تغيير الواقع القائم».
ورداً على وصف تحالف الحريري مع القوى السياسية في طرابلس بـ«تحالف سلطة الفساد»، أكد مصطفى علوش أن «الشعارات لن تبدّل قناعات الشارع الطرابلسي، لأن من يطرح هذه الشعارات لديه صفقات بملايين الدولارات، فإذا أخذ هذه الصفقات بالمناقصة يعني أنه شريك في المحاصصة، وإذا أخذها بالتراضي يعني أنه شريك في الفساد». وقال علوش: «لا شكّ أن هناك إشكالات كبيرة بمسألة الفساد، لكن لا يمكن لمن دخل بالصفقات أن يزايد على خصومه».
وكان الحريري وصل إلى طرابلس صباح أمس، وزار الفاعليات السياسية في المدينة، وأكد بعد لقائه رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي، أن «المهم أن تحصل الانتخابات الفرعية في طرابلس، وأن يقف الجميع صفاً واحداً من أجل مصلحة المدينة، وهذه الوحدة ليست موجهة ضد أحد». ودعا إلى «تعاون كلّ القوى السياسية للخروج من الضائقة الاقتصادية»، معتبراً أن «إنماء طرابلس والشمال أساسي، والإصلاح أمر إجباري لجذب المستثمرين»، داعياً إلى «دخول القطاع الخاص إلى مختلف مرافق البلد، لأن لبنان بحاجة إلى مشاريع عمل وهمنا الأساسي أن نخلق الاستقرار السياسي».
وبعد زيارته الوزير السابق أشرف ريفي في منزله، وإنهاء القطيعة التي دامت بينهما لـ3 سنوات، قال الحريري: «الدم لا يصبح ماء، لقد اختلفنا ولكن اليوم عدنا والتقينا». وأوضح أن «ميزة ما حصل في مؤتمر (سيدر) أن هناك إنماء متوازناً لكل المناطق اللبنانية، ولطرابلس والشمال حصة تقارب أكثر من 20 في المائة من المشاريع». وأضاف رئيس الحكومة: «مشروعنا الخروج من الأزمة الاقتصادية الصعبة التي يواجهها البلد»، مشدداً على أهمية «القيام بالإصلاحات والتقشف ومحاربة الفساد وإيقاف الهدر الذي يجب ألا يكون له وجود في موازنتنا الجديدة». وتطرّق الحريري إلى الموضوع الأهم بالنسبة للموقوفين الإسلاميين وذويهم، فقال: «قانون العفو العام سيقرّ، وأنا أصررت على وضعه في البيان الوزاري، وهناك من لا يعرف من هم الموقوفون الإسلاميون، وهناك أشخاص منذ 10 سنوات موقوفون من دون محاكمة، وكل القوى السياسية مقتنعة بالظلم الذي حصل لهم».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.