خروق طفيفة لـ«هدنة الشمال»... وانسحاب روسي من تل رفعت

TT

خروق طفيفة لـ«هدنة الشمال»... وانسحاب روسي من تل رفعت

أفيد أمس باستمرار الخروق لهدنة «مثلث الشمال» بين الرئيسين: الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان، في وقت سحب فيه الجيش الروسي بعض قواته من بلدة تل رفعت في ريف حلب، بعد أيام على قمة بوتين - إردوغان.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس: «تتوالى الخروقات ضمن مناطق الهدنة المزعمة بين الأتراك والروس؛ حيث جددت قوات النظام قصفها لمناطق في بلدة التمانعة بريف إدلب الجنوبي، وقرية الحويز بسهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي، كذلك تعرضت مناطق في قرية سكيك بريف إدلب الجنوبي، وبلدة زيزون، والمحطة الحرارية بريف حماة الشمالي الغربي، وقرية لطمين في ريف حماة الشمالي، لقصف من قبل قوات النظام».
كما وثق «المرصد» مقتل «شخص متأثراً بجراح أصيب بها، جراء قصف الفصائل العاملة في ريف حماة الشمالي على مناطق في مدينة محردة، في ريف حماة الشمالي الغربي».
بذلك يرتفع إلى 582 على الأقل، عدد الذين قتلوا خلال تطبيق اتفاق بوتين - إردوغان ووثقهم «المرصد السوري»، وهم 296 مدنياً، بينهم 98 طفلاً، و60 مواطنة عدد القتلى في القصف من قبل قوات النظام والمسلحين الموالين لها واستهدافات نارية وقصف من الطائرات الحربية، ومن ضمنهم 21 شخصاً بينهم 4 أطفال ومواطنتان اثنتان استشهدوا وقضوا بسقوط قذائف أطلقتها الفصائل، و123 مقاتلاً قضوا في ظروف مختلفة، ضمن المنطقة منزوعة السلاح منذ اتفاق بوتين - إردوغان، من ضمنهم 40 مقاتلاً من «المتطرفين»، و23 مقاتلاً من «جيش العزة» قضوا خلال الكمائن والاشتباكات، بينهم قيادي على الأقل، قضوا في كمائن وهجمات لقوات النظام بريف حماة الشمالي، و162 من قوات النظام والمسلحين الموالين لها.
ونشر «المرصد» قبل ذلك أنه: «تواصل قوات النظام قصفها على مناطق هدنة الروس والأتراك ومناطق بوتين - إردوغان المنزوعة السلاح؛ حيث قصفت قوات النظام بأكثر من 32 قذيفة مناطق في بلدة التمانعة بريف إدلب الجنوبي، بالتزامن مع قصف مدفعي من قبل قوات النظام على مناطق في بلدة مورك، وقرية الصخر بريف حماة الشمالي، ضمن المنطقة منزوعة السلاح، ومناطق أخرى في قرى المهاجرين والشريعة والحويز بسهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي، ما أسفر عن سقوط جرحى في قريتي المهاجرين والشريعة».
وشهدت مناطق الهدنة الروسية - التركية في المحافظات الأربع خروقات متواصلة، بعد منتصف ليل الخميس - الجمعة؛ حيث رصد «المرصد» استهداف قوات النظام بالقذائف الصاروخية مناطق في بلدتي اللطامنة وكفرزيتا، وقريتي الجنابرة والزكاة في الريف الشمالي لحماة، ضمن المنطقة منزوعة السلاح، ومناطق أخرى في بلدة الخوين وقريتي الزرزور وتل الشيح بالريف الجنوبي الشرقي من إدلب، فيما قصفت قوات النظام فجر اليوم مناطق في قريتي تل عثمان والصخر بريف حماة الشمالي.
إلى ذلك، انسحبت القوات الروسية من بلدة تل رفعت شمال غربي البلاد، والتي تسيطر عليها فصائل بدعم عسكري من أنقرة منذ 18 مارس (آذار) 2018.
جاء ذلك بعد قمة بين الرئيسين التركي والروسي في موسكو، ما ذكر بالانسحاب الروسي من مدينة عفرين بداية العام الماضي.
وبالتزامن مع الانسحاب الروسي، وصلت تعزيزات من قوات النظام إلى البلدة التي تشكل ممراً رئيسياً في الطريق الدولي بين مدينة غازي عنتاب التركية وحلب.
وتطالب أنقرة بالسيطرة على بلدة تل رفعت، ليمكّنها ذلك من إعادة فتح الطريق الدولي بين مدينتي غازي عنتاب وحلب.
على صعيد آخر، علم «المرصد» بخروج مظاهرة في بلدة اللطامنة بريف حماة الشمالي، «بسبب استياء من الأهالي على خلفية قرار حكومة الإنقاذ الوطني بتشكيل مجلس محلي في البلدة؛ حيث عبر المتظاهرون عن رفضهم للقرار».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم