ما حدث في جدة، الأسبوع الماضي، كان قصةً خياليةً بطلها جمهور عاشق لفريقه بدرجة أعتقد أنه لم يسبق لها مثيل على الأقل في منطقتنا، وربما كان له ما يوازيه عالمياً.
إنه جمهور نادي الاتحاد السعودي الذي بات مضرب الأمثال، في صبره ومؤازرته لناديه مهما كانت ظروفه وأحواله، وصدقوني أن أحواله أخيراً كانت صعبة وغريبة وعجيبة.
نعم، نادٍ تأسّس عام 1927، وأحرز بطولة دوري بلاده 8 مرات وكأس الملك 9 مرات وكأس ولي العهد 8 مرات وتُوّج مرتين متتاليتين بطلاً لآسيا، وشارك في كأس العالم للأندية، وأحرز كأس الكؤوس الآسيوية وكأس العرب للأندية وعشرات البطولات الأخرى التي جعلته محبوباً خارج أسوار بلاده، ولكنه ومنذ عام 2006 تقريباً وهو يعيش حالة غريبة من انعدام التوازن، رغم تغيير رؤسائه ومدربيه وإداراته وحتى لاعبيه الذين هجره بعضهم وعاد إليه بعضهم الآخر، ووصلت ديونه إلى نحو مائة مليون دولار، ومع هذا بقي رقماً صعباً وبقي يحرز أو ينافس على بطولة أو أكثر، ولكنه يصارع الآن للهروب من الهبوط في مشهد غريب لفريق يضم أسماء مهمة، مثل التشيلي فيلانويفا، والبرازيلي رومارينيو، والمغربي كريم الأحمد، والصربي بريوفيتش، والسعوديين فهد المولد، والحارس عساف القرني، والخبير ناصر الشمراني، وأسماء أخرى قادرة على ترك البصمة، ومع هذا لم يحقق الفوز في أول 12 مباراة خسر منها 9 مع فرق بالتأكيد أقل منه تاريخاً وإنجازات مثل القادسية والفتح والتعاون والرائد والفيحاء والفيصلي، ولكن جمهوره بقي يؤازره وبقي وفياً له، وحتى حين تم حرمانه من حضور مواجهته في الآسيوية أمام لوكوموتيف الأوزبكي حضر 30 ألفاً في ملعب فرعي وشجعوه وكأنهم معه، وكأن لاعبيه يسمعونهم، حتى تمكّن الفريق من الفوز وتحقيق ما كان يبدو مستحيلاً لفريق يسعى جاهداً للبقاء في الأضواء، فإذا به يتصدر مجموعته الآسيوية بست نقاط من فوزين وخسارة وتأهل لنصف نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين أمام النصر متصدر الدوري وقد يخرج بأكثر من لقب هذا الموسم، في الوقت الذي توقع فيه الكثيرون أن يركز فقط على الدوري ولكنه لم يفعل، وبرأيي أن السبب بسيط جداً، وهو أن ثروة الاتحاد ليست في لاعبيه فقط بل في إرثه وجماهيره وفي روحه التي باتت مضرب المثل، ليس في السعودية وحدها بل في كل منطقتنا العربية.
ثروة الاتحاد
ثروة الاتحاد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة