تسريبات إسرائيلية: ترمب سينشر «صفقة القرن» بعد تشكيل نتنياهو حكومته

أربعة أشخاص يحق لهم الاطلاع على تطوراتها

جندي إسرائيلي يراقب شوارع مدينة الخليل في يوم الأرض نهاية مارس الماضي (إ.ب.أ)
جندي إسرائيلي يراقب شوارع مدينة الخليل في يوم الأرض نهاية مارس الماضي (إ.ب.أ)
TT

تسريبات إسرائيلية: ترمب سينشر «صفقة القرن» بعد تشكيل نتنياهو حكومته

جندي إسرائيلي يراقب شوارع مدينة الخليل في يوم الأرض نهاية مارس الماضي (إ.ب.أ)
جندي إسرائيلي يراقب شوارع مدينة الخليل في يوم الأرض نهاية مارس الماضي (إ.ب.أ)

أفادت مصادر سياسية في تل أبيب بأن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، سينشر خطته لتسوية الصراع الإسرائيلي العربي، فقط بعدما ينهي رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تشكيل حكومته الجديدة، المتوقع نهاية شهر مايو (أيار) أو مطلع يونيو (حزيران).
وحسب تسريبات من واشنطن إلى أوساط سياسية يمينية في إسرائيل، فإن خطة ترمب ستطرح بشكل متكامل، وستسلم للطرفين العربي والإسرائيلي في آنٍ واحد. وقالت إن واشنطن أطلعت كلاً من نتنياهو وعدد من القادة العرب على بعض اتجاهاتها، وأصغت لردود فعلهم، وأخذت كثيراً منها بعين الاعتبار قبل صياغتها النهائية. ولكن النص الدقيق لها ما زال سرياً، لا يعرفه إلا الرئيس نفسه، ومستشاراه جاريد كوشنير وجيسي غرينبلات، والسفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان، ومستشار كوشنير، آفي بيركوفتش.
وأضافت المصادر أن الأسئلة التي وجّهها مستشارو ترمب للمسؤولين في إسرائيل والعالم العربي دلت على بعض جوانب هذه الخطة، ويتضح منها أنها تتحدث عن دولة فلسطينية محدودة السيادة، على 90 في المائة من الضفة الغربية وشرقي القدس، يمكن أن تضاف إليها أراضٍ من إسرائيل 1948، ونشر قوات إسرائيلية في مواقع حساسة من الضفة الغربية، مثل غور الأردن ورؤوس الجبال. وستكون أحياء القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، باستثناء البلدة القديمة من القدس، التي ستبقى خاضعة أمنياً للسيادة الإسرائيلية، مع إدارة أردنية فلسطينية مشتركة للأماكن المقدسة لدى المسلمين. وفي إطار هذه الخطة، ستضم إسرائيل المستوطنات الرسمية وبعض البؤر الاستيطانية، وسيتم إخلاء البؤر الأخرى، وضمها إلى مستوطنات قائمة.
وتتضمن الخطة بنداً يرفض الاعتراف بحق العودة للاجئين الفلسطينيين، ويتيح حل قضيتهم، في تثبيت وجودهم في الدول العربية التي يقيمون فيها، ويعرض التعويض على من يقبل الانتقال إلى بعض الدول الغربية. وعلى سبيل المثال، يتم منح اللاجئين في الأردن، ويقدر عددهم بمليون نسمة، الجنسية الأردنية. وستتلقى الأردن لقاء ذلك ميزانية من 40 مليار دولار، لمنحهم الأرض والمسكن.
وبالإضافة إلى إرضاء إسرائيل بالاعتراف بضم المستوطنات، سيتم «تعويضها» بمنحها منطقة الباقورة الأردنية، التي تعتبر اليوم «أردنية تؤجرها لإسرائيل». ومقابل ذلك، يحصل الأردن على تعويض ملائم مادي أو بالأرض.
وقد ردّت على هذا النشر، دنئيلا فايس، إحدى قادة حزب اتحاد اليمين المتطرف، الذي يعتبر من شركاء نتنياهو في الحكم، فقالت: «سنطرح على الحكومة الجديدة خطة لرفد مشروع الاستيطان بمليون ونصف مليون يهودي، ليصبح عدد المستوطنين مليوني يهودي». وأضافت: «لقد نجح الليكود واليمين في الانتخابات، والآن علينا أن نشمر عن السواعد، ونوسع المستوطنات. على الشبان والشابات اليهود في بلادنا والعالم أن يدركوا أن أرض إسرائيل كلها لنا. نحن لن نكتفي بتوسيع المستوطنات القائمة، ونريد أن يصبح مسموحاً البناء اليهودي في كل مكان في الضفة الغربية». وعندما سئلت عن خطة ترمب، أجابت: «ترمب يتفهم احتياجاتنا. وعلينا أن نوضح له أهدافنا. إننا على قناعة بأنه لن يقف حائلاً أمام سكنى اليهود في أرض إسرائيل».
المعروف أن نتنياهو سيكلف بتشكيل الحكومة الجديدة يوم الأربعاء المقبل. وسيكون معه 28 يوماً لإنجاز مهمة عرض حكومته. فإذا لم يستطع، يتم تمديد الفترة 14 يوماً إضافياً.
وبقاء خطة السلام طي الكتمان أمر لافت للنظر في البيت الأبيض الذي تجد فيه مسودات الأوامر التنفيذية والحوارات السرية والمداولات الداخلية، طريقها إلى الصفحات الأولى للصحف.
وقد قصر كوشنر وجرينبلات عدد من يحق لهم الاطلاع على الخطة طوال العامين اللذين عكفا فيهما على وضعها. وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إنها ظلت سرية «لضمان أن يتناولها الناس بذهن مفتوح» عند الكشف عنها. وأضاف المسؤول أن أربعة أشخاص فقط هم الذين لهم الحق في الاطلاع على تطوراتها بانتظام، وهم كوشنر وجرينبلات والسفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان وآفي بركويتس مساعد كوشنر.
ويتم إطلاع ترمب بانتظام على فحوى الخطة لكن ليس من المعتقد أنه قرأ الوثيقة المؤلفة من عشرات الصفحات بالكامل. وقال المسؤول «يتم إطلاعه إذا كان هناك شيء ذو بال يحدث أو طرأت فكرة يريدان عرضها عليه».
وكوشنر مطور عقاري في نيويورك وزوج إيفانكا ابنة ترمب، أما جرينبلات فمحام كان يعمل في السابق لحساب ترمب. وقد انخرط الاثنان في العملية دون أن يعلما شيئا يذكر عن تاريخ البحث عن السلام بين العرب وإسرائيل على مدى عشرات السنين، بحسب تقرير لـ(رويترز) أمس.
وتتناول الخطة قضايا سياسية أساسية مثل وضع القدس، وتهدف من جانب آخر إلى مساعدة الفلسطينيين على تعزيز اقتصادهم. ومن الجوانب التي تطوقها السرية ما إذا كانت الخطة ستقترح إنشاء دولة فلسطينية بما يلبي مطلب الفلسطينيين الأساسي.
ويوم الأربعاء قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إن الخطة ستطرح قريبا، لكنه امتنع عندما سئل عن قول ما إذا كانت الإدارة تؤيد حل الدولتين الذي مثل منذ فترة طويلة أساس مساعي السلام في الشرق الأوسط.
بل إن ترمب نفسه، المعروف بإفشاء الأخبار دون تفكير كلما شاء، لم تبدر منه أي تفاصيل عن خطة السلام بسبب حساسيتها. وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض، إن ترمب يقول لمبعوثيه في الشرق الأوسط «إذا استطعتم أن تنجزوا هذا الأمر فستصبحون أعظم مفاوضين في التاريخ».
وقال مسؤولان آخران إنه يتم إطلاع نائب الرئيس الأميركي مايك بنس وبومبيو وجون بولتون مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، على تطورات خطة السلام لكنهم لا يتدخلون فيها نزولا على رغبة كوشنر.
وقد مثلت السرية التي أحاط بها كوشنر وجرينبلات الخطة أثناء تعديلها وصقلها، نوعا من التحدي لحكومات تريد معرفة التفاصيل قبل أن تلتزم بتخصيص موارد لصندوق فلسطيني. وقال دينيس روس المبعوث صاحب الخبرة الطويلة في الشرق الأوسط ويعمل الآن زميلا مرموقا بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن الفريق الأميركي ما زال «أمامه الكثير من العمل لضمان ألا يفاجأ القادة العرب بما سيطرح، وهم بحاجة للاطلاع عليه مكتوبا لا شفاهة».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».