توافق مصري ـ عاجي إزاء جهود تسوية النزاعات الأفريقية ومكافحة الإرهاب

السيسي وواتارا وقّعا مذكرات تفاهم في أبيدجان

TT

توافق مصري ـ عاجي إزاء جهود تسوية النزاعات الأفريقية ومكافحة الإرهاب

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، جلسة مباحثات ثنائية مع نظيره العاجي الحسن واتارا، خلال زيارته أبيدجان، ضمن جولة أفريقية تشمل السنغال أيضاً، شهدت توقيع عدد من مذكرات التفاهم لتعزيز التعاون بين البلدين في مجالات الصحة وتكنولوجيا المعلومات والثقافة.
وقال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، إن المباحثات شهدت اتساقاً بشأن عدد من القضايا الإقليمية، وتم التوافق حول تكثيف التشاور والتنسيق بين البلدين خلال الفترة المقبلة بخصوص الملفات الأفريقية الملحّة، ومن بينها تطورات الأوضاع في بؤر النزاعات المختلفة بالقارة، إلى جانب أنشطة مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، وجهود إعادة الإعمار في مرحلة ما بعد النزاعات، لا سيما في ضوء تزامن رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي مع عضوية ساحل العاج الحالية غير الدائمة بمجلس الأمن الدولي.
وأضح المتحدث، في بيان، أن الرئيس السيسي أكد وجود آفاق واسعة لتطوير مستوى التعاون الاقتصادي بين مصر وساحل العاج، مشيراً في هذا الصدد إلى أهمية العمل على الارتقاء بمعدلات التبادل التجاري بين البلدين للتنسيق مع مستوى العلاقات الثنائية المتميزة، ومنوهاً كذلك بالحرص المتبادل على تعزيز وجود الشركات المصرية العاملة في ساحل العاج، وتشجيع شركات جديدة على الاستثمار هناك.
وأشار الرئيس السيسي إلى استعداد مصر لتقديم الدعم لساحل العاج على صعيد مشروعات البنية التحتية في مجال تكنولوجيا المعلومات، في ضوء الخبرة المصرية، مؤكداً حرص مصر على تعزيز التعاون مع الإيفواريين في مجال بناء القدرات والتدريب في مختلف المجالات المدنية والعسكرية.
وأعرب السيسي عن اعتزازه بكونه أول رئيس مصري يزور أبيدجان، وكذلك تطلّع مصر لأن تساهم هذه الزيارة في فتح آفاق التعاون بين البلدين، بما يحقق نقلة نوعية في مستوى العلاقات الثنائية، مؤكداً حرصه على تضمين ساحل العاج في أول جولة أفريقية، عقب تولي مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي، انطلاقاً من تقدير مصر لدورها المهم في إقليم غرب أفريقيا.
ونقل المتحدث الرسمي عن الرئيس الإيفواري ترحيبه بزيارة الرئيس السيسي، مؤكداً أنها تعكس الثقل الذي تتمتع به مصر في عمقها الأفريقي رسمياً وشعبياً، وتبوؤ مصر لمكانتها ودورها الحيوي على الساحة القارية.
كما أكد الرئيس واتارا متانة العلاقات الثنائية والروابط الممتدة بين مصر وساحل العاج، معرباً عن تطلع بلاده لتدعيم مظاهر العلاقات بين البلدين، خصوصاً في مجال تكنولوجيا المعلومات، وكذا على الصعيد الاقتصادي، في ظل حرص ساحل العاج على تشجيع الاستثمارات المصرية بها، مشيداً في هذا الصدد بنشاط الشركات المصرية العاملة في ساحل العاج، مع تأكيده حرص حكومته على توفير جميع التسهيلات اللازمة لها، وتذليل أي عقبات قد تواجهها.
وأضاف المتحدث أن المباحثات بين الرئيسين شهدت اتساقاً في وجهات النظر بشأن عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خصوصاً الأزمة الليبية، في ضوء التطورات الأخيرة.
وثمّن واتارا من جانبه الجهود المصرية الحثيثة لدفع عجلة العمل الأفريقي المشترك في إطار رئاستها الحالية للاتحاد الأفريقي، حيث أكد الأولوية التي توليها مصر لمساعي تحقيق التنمية المستدامة في أفريقيا، لا سيما من خلال العمل على صياغة تصور متكامل لمشروعات الربط والبنية التحتية القارية، ومن ثم اهتمامه بالتنسيق مع الرئيس الإيفواري، في ظل توليه مهمة الترويج لأجندة 2063 بالاتحاد الأفريقي، باعتبارها الإطار الاستراتيجي للتنمية في أفريقيا.
وأضاف السفير راضي أن الرئيسين اتفقا، في ختام المباحثات، على تفعيل دور اللجنة المشتركة بين البلدين على مستوى وزراء الخارجية، لمتابعة ودفع مختلف مجالات التعاون الثنائية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.