موسكو تكثف الاتصالات مع أنقرة لـ«تسوية» وضع إدلب

TT

موسكو تكثف الاتصالات مع أنقرة لـ«تسوية» وضع إدلب

أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن موسكو وأنقرة نشّطتا تحركاً مشتركاً لإنهاء الوضع في إدلب، وحذرت من تداعيات تواصل هجمات «جبهة النصرة» على مواقع حكومية سورية، وتزامن ذلك مع تنبيه المستوى العسكري إلى تدهور خطر للوضع في مخيم «الهول» للاجئين قرب الحسكة، وأفادت قاعدة «حميميم» بأن لديها معطيات عن «وفاة ما بين 10 أشخاص و20 شخصاً يومياً في المخيم بسبب الأوضاع المأساوية فيه».
وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في إيجاز صحافي أمس، إن «المسلحين الذين يسيطرون على الجزء الأكبر من إدلب يواصلون شن هجمات على مواقع الجيش السوري»، وزادت أن روسيا وتركيا اتفقتا على تنشيط تحركهما لمواجهة الموقف بعد القمة الروسية - التركية التي عقدت قبل يومين. وأوضحت الناطقة أن «منطقة خفض التصعيد في إدلب تشهد تصعيداً متواصلاً. المتشددون لا يتوقفون عن مهاجمة مواقع الجيش السوري. والقتلى من المدنيين والعسكريين يواصلون السقوط». وأضافت: «من أجل منع مزيد من التدهور في الوضع، نواصل مع الجانب التركي تنسيق الجهود لتخفيف التوترات حول المنطقة منزوعة السلاح، التي نصت على إنشائها اتفاقيات سوتشي ذات الصلة».
وكان الرئيسان فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان اتفقا على مواصلة التنسيق على المستوى العسكري لتسريع تسوية الوضع في إدلب، وأعلنت موسكو بعد ذلك أنها تفضل حلاً سلمياً للوضع في المدينة، لكنها لم تستبعد في الوقت ذاته اللجوء إلى عمل عسكري في حال أخفقت الجهود السلمية.
تزامن ذلك مع تطور خطر في مخيم «الهول» الذي يقع في منطقة تسيطر عليها قوات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن قرب الحسكة. وأفاد بيان أصدرته وزارة الدفاع الروسية بأن مخيم «الهول» للنازحين السوريين «يمر بأوضاع إنسانية كارثية ويموت فيه يومياً من 10 أشخاص إلى 20 شخصاً».
وقال مدير «مركز حميميم لمصالحة الأطراف المتناحرة في سوريا» التابع لوزارة الدفاع الروسية، اللواء فيكتور كوبتشيشين، في إفادة صحافية، إن معلومات حصلت عليها موسكو من نازحة نجحت في مغادرة المخيم تفيد بأن الوضع الإنساني تدهور بشكل خطر في المخيم، وبأن بين الضحايا أطفالاً، مشيراً إلى أن «الأسبوع الأخير وحده شهد موت 7 أطفال بسبب نقص الأدوية والأغذية وسوء الظروف المعيشية».
وشدد مدير «مركز حميميم» على أن العدد الإجمالي للأطفال الذين لقوا مصرعهم في مخيم «الهول» ارتفع إلى 235 شخصاً؛ مما يعد مؤشراً على حجم المأساة الإنسانية في هذه المنطقة.
ودعا كوبتشيشين المنظمات الدولية إلى اتخاذ إجراءات لمساعدة النازحين في المخيم، الذي أصبح واحداً من أكبر المخيمات في شرق الفرات وفي سوريا عموماً، والتخفيف من معاناتهم.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.