تركيا تواجه سيل قرارات غربية للاعتراف بـ«إبادة الأرمن»

TT

تركيا تواجه سيل قرارات غربية للاعتراف بـ«إبادة الأرمن»

تواجه تركيا ضغوطا شديدة من عدد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة مع اقتراب ذكرى أحداث شرق الأناضول في عام 1915 التي تصنف في العديد من الدول على أنها جريمة إبادة جماعية للأرمن على يد الدولة العثمانية. ونددت تركيا بشدة بإعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم 24 أبريل (نيسان) يوما لإحياء ذكرى «إبادة الأرمن»، كما انتقدت قرار البرلمان الإيطالي بالاعتراف بأحداث شرق الأناضول على أنها «إبادة جماعية للأرمن» في الوقت الذي بدأ فيه مشرعون أميركيون إعداد مشروع قانون لاعتراف أميركي مماثل. وقالت وزارة الخارجية التركية، في بيان أمس (الخميس) إن «قرار فرنسا موقف غير ودي ولا مفر من تأثيره السلبي على علاقاتها مع تركيا... ندينه بشدة». وأشارت إلى أن قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والمحكمة الدستورية الفرنسية أكدت أن أحداث 1915 كانت «موضوع نقاش مشروع».
وأضاف البيان: «وفقاً للقانون العالمي، فإن فرض الطروح الأرمنية على المبادرات السياسية يعارض حرية التعبير. لقد ألحق قرار ماكرون أذى شديدا بالجالية التركية البالغ عددها أكثر من 700 ألف نسمة في فرنسا»، لافتا إلى أن تركيا اقترحت تشكيل لجنة مشتركة مع أرمينيا للتحقيق في أحداث 1915 وفتح أرشيفي البلدين للتحقق من المزاعم المتعلقة بالإبادة الجماعية.
وذكر البيان أن فرنسا خلال احتلالها لجزء من منطقة الأناضول إبان حرب الاستقلال التركية، شجعت المتمردين الأرمن على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بحق السكان المدنيين، وأن هذا التشجيع الفرنسي هو حقيقة تاريخية.
وأضاف البيان أن الأتراك والمسلمين في جميع أنحاء فرنسا والعالم، لن ينسوا هذا الاحتقار الموجه بحق أكثر من 500 ألف مواطن عثماني من الأتراك والمسلمين تم قتلهم من قبل المتمردين الأرمن.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيره الهولندي ستيف بلوك، عقب «مؤتمر فيتنبورغ السابع بين تركيا وهولندا» في العاصمة أمستردام أمس، بأن المحكمة الدستورية الفرنسية أصدرت في السابق قرارين يقضيان بعدم اتخاذ السياسيين قرارات من هذا القبيل، كما توجد قرارات للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بهذا الخصوص. وتابع: «ينبغي على فرنسا أن تنظر إلى تاريخها. لم يمر 25 عاما على الإبادة الجماعية في رواندا. ما فعلته فرنسا في الجزائر وأماكن أخرى في أفريقيا لم ينسَ بعد. من غير المقبول أن تتخذ دولة فعلت كل هذا بأفريقيا قراراً بشأن دولة أخرى».
وفي الإطار ذاته، أدانت الخارجية التركية، بشدة، المقترح الذي أقره البرلمان الإيطالي، والذي يطالب باعتبار أحداث العام 1915 «إبادة جماعية»، قائلة إن القرار الإيطالي نموذج جديد على استخدام المزاعم الأرمنية كوسيلة من أجل حسابات ومصالح سياسية داخلية، وليس من الغريب أن يتم إعداد هذا المقترح من قبل حزب «رابطة الشمال» الذي يتزعمه نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية ماتيو سالفيني الذي تم تكليفه بمهمة إفساد العلاقات التركية – الإيطالية. وشدد البيان على أن هذا القرار ستكون له انعكاسات عدة على العلاقات مع إيطاليا الشريك الاستراتيجي الذي له روابط تاريخية مع تركيا، فضلا عن التعاون التجاري الكبير. وتطالب أرمينيا واللوبيات الأرمنية في أنحاء العالم بشكل عام، تركيا بالاعتراف بما جرى خلال عملية التهجير على أنه «إبادة عرقية»، وبالتالي دفع تعويضات. وتؤكد تركيا عدم إمكانية إطلاق صفة «الإبادة العرقية» على أحداث 1915. بل تصفها بـ«المأساة» لكلا الطرفين، وتدعو إلى تناول الملف بعيداً عن الصراعات السياسية، وحل القضية عبر منظور «الذاكرة العادلة» الذي يعني التخلي عن النظرة أحادية الجانب إلى التاريخ، وتفهم كل طرف ما عاشه الطرف الآخر، والاحترام المتبادل لذاكرة الماضي لدى كل طرف.
إلى ذلك، قدّم أعضاء في الكونغرس الأميركي مشروعي قرارين منفصلين للمطالبة بالاعتراف بأحداث عام 1915 على أنها «إبادة جماعية للأرمن». وقدَّم مشروع القرار إلى مجلس النواب رئيس لجنة الاستخبارات بالمجلس، النائب الديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا آدم شيف، في حين قدم مشروعاً مماثلاً إلى مجلس الشيوخ النائب الديمقراطي عن ولاية نيوجيرسي بوب ميندينز، والجمهوري تيد كروز النائب عن ولاية تكساس. وقال شيف في مشروع قراره: إن «مجلس النواب يرى أن الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن وإحياء ذكراها سياسة أميركية».
على صعيد آخر، انتقدت المعارضة التركية تصريحات للرئيس رجب طيب إردوغان، وصف فيها بعض الأشخاص الذين أشرفوا على صناديق الاقتراع في إسطنبول، خلال الانتخابات المحلية التي أجريت في 31 مارس (آذار)، بأنهم «غير مؤهلين قانونياً».
ودعت رئيسة حزب الجيد المعارض ميرال أكشنار في تصريحات نشرتها أمس اللجنة العليا للانتخابات في تركيا، إلى عدم الخضوع لسلطة حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة الرئيس رجب طيب إردوغان، وأن تعلن قرارها بشأن نتائج الانتخابات المحلية في إسطنبول دون أي ضغوط.
وشددت المعارضة التركية على أن «إردوغان وحكومته يبذلون قصارى جهدهم لاغتصاب إرادة الشعب»، معتبرة تشكيك الرئيس في نتائج بلدية إسطنبول بـ«المذبحة القانونية». ولفتت إلى أن الانتخابات في تركيا «باتت أزمة لا يعرف أحد عاقبتها في ظل تعنت إردوغان»، متسائلة: «كيف يحدث هذا ونحن نمر بأوضاع اقتصادية صعبة للغاية». وأضافت: «نحن مستعدون لمساعدتكم وكشف الطريق لكم بخصوص الاقتصاد»، معربة عن أسفها للأطماع الشخصية لإردوغان وحزبه.
ويرفض إردوغان الاعتراف بفوز مرشح المعارضة إمام أكرم أوغلو برئاسة بلدية إسطنبول ويطالب بإلغاء نتائج الانتخابات وإعادتها.
في الإطار ذاته، لم يتمكن 11 مرشحاً من حزب الشعوب الديمقراطي (مؤيد للأكراد) فازوا بـ11 بلدية صغرى بولاية ديار بكر جنوب ذات الغالبية الكردية في جنوب شرقي البلاد، من تسلم مناصبهم. ولم تسلم السلطات سوى 3 بلديات فقط لمرشحي الحزب بينما بقيت 11 بلدية في عهدة أوصياء، كان الحزب الحاكم قد عينهم من قبل لإدارتها بعد عزل رؤسائها المنتخبين عام 2016 بتهمة دعم تنظيم إرهابي في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني (المحظور). وتقدم المرشحون الفائزون بطلبات إلى لجنة الانتخابات الفرعية في الولاية للبت في الأمر، إلا أنه لم يصدر عنها أي قرار بعد.



أميركا وأوكرانيا تستعدان من جديد لتوقيع صفقة المعادن

صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)
صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)
TT

أميركا وأوكرانيا تستعدان من جديد لتوقيع صفقة المعادن

صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)
صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)

قال 4 أشخاص مطلعين، الثلاثاء، إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب وأوكرانيا تخططان لتوقيع صفقة المعادن التي نوقشت كثيراً بعد اجتماع كارثي في ​​المكتب البيضاوي، يوم الجمعة، الذي تم فيه طرد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من المبنى.

وقال 3 من المصادر إن ترمب أبلغ مستشاريه بأنه يريد الإعلان عن الاتفاق في خطابه أمام الكونغرس، مساء الثلاثاء، محذرين من أن الصفقة لم يتم توقيعها بعد، وأن الوضع قد يتغير.

تم تعليق الصفقة يوم الجمعة، بعد اجتماع مثير للجدل في المكتب البيضاوي بين ترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أسفر عن رحيل الزعيم الأوكراني السريع من البيت الأبيض. وكان زيلينسكي قد سافر إلى واشنطن لتوقيع الصفقة.

في ذلك الاجتماع، وبّخ ترمب ونائب الرئيس جي دي فانس زيلينسكي، وقالا له إن عليه أن يشكر الولايات المتحدة على دعمها بدلاً من طلب مساعدات إضافية أمام وسائل الإعلام الأميركية.

وقال ترمب: «أنت تغامر بنشوب حرب عالمية ثالثة».

وتحدث مسؤولون أميركيون في الأيام الأخيرة إلى مسؤولين في كييف بشأن توقيع صفقة المعادن على الرغم من الخلاف الذي حدث يوم الجمعة، وحثوا مستشاري زيلينسكي على إقناع الرئيس الأوكراني بالاعتذار علناً لترمب، وفقاً لأحد الأشخاص المطلعين على الأمر.

يوم الثلاثاء، نشر زيلينسكي، على موقع «إكس»، أن أوكرانيا مستعدة لتوقيع الصفقة، ووصف اجتماع المكتب البيضاوي بأنه «مؤسف».

وقال زيلينسكي، في منشوره: «اجتماعنا في واشنطن، في البيت الأبيض، يوم الجمعة، لم يسر بالطريقة التي كان من المفترض أن يكون عليها. أوكرانيا مستعدة للجلوس إلى طاولة المفاوضات في أقرب وقت ممكن لإحلال السلام الدائم».

ولم يتضح ما إذا كانت الصفقة قد تغيرت. ولم يتضمن الاتفاق، الذي كان من المقرر توقيعه الأسبوع الماضي، أي ضمانات أمنية صريحة لأوكرانيا، لكنه أعطى الولايات المتحدة حقّ الوصول إلى عائدات الموارد الطبيعية في أوكرانيا. كما نصّ الاتفاق على مساهمة الحكومة الأوكرانية بنسبة 50 في المائة من تحويل أي موارد طبيعية مملوكة للدولة إلى صندوق استثماري لإعادة الإعمار تديره الولايات المتحدة وأوكرانيا.

يوم الاثنين، أشار ترمب إلى أن إدارته لا تزال منفتحة على توقيع الاتفاق، وقال للصحافيين إن أوكرانيا «يجب أن تكون أكثر امتناناً».

وأضاف: «وقف هذا البلد (الولايات المتحدة) إلى جانبهم في السراء والضراء... قدمنا لهم أكثر بكثير مما قدمته أوروبا لهم، وكان يجب على أوروبا أن تقدم لهم أكثر مما قدمنا».