معارك طرابلس تدخل يومها الخامس... وسلامة يرجئ «الملتقى الجامع»

السراج يرهن أي تسوية بـ {وقف الاعتداء}

عناصر من قوات مصراتة المؤيدة للسراج تحضّر ذخيرتها استعداداً لمعارك طرابلس (رويترز)
عناصر من قوات مصراتة المؤيدة للسراج تحضّر ذخيرتها استعداداً لمعارك طرابلس (رويترز)
TT

معارك طرابلس تدخل يومها الخامس... وسلامة يرجئ «الملتقى الجامع»

عناصر من قوات مصراتة المؤيدة للسراج تحضّر ذخيرتها استعداداً لمعارك طرابلس (رويترز)
عناصر من قوات مصراتة المؤيدة للسراج تحضّر ذخيرتها استعداداً لمعارك طرابلس (رويترز)

لم يمنع استمرار المعارك الدائرة حول العاصمة الليبية طرابلس غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة، من التمسك بأمله في عقد الملتقى الوطني الجامع «بأسرع وقت ممكن»، في مدينة غدامس جنوب البلاد، على الرغم من بدء حكومة (الوفاق الوطني)، التي يترأسها فائز السراج في اتخاذ إجراءات قانونية لإصدار مذكرة اعتقال بحق المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي.
وفي غضون ذلك أعلن مجلس الأمن الدولي أنه سيعقد مشاورات عاجلة مغلقة اليوم (الأربعاء) حول الأزمة في ليبيا، حسب تقرير بثته وكالة الصحافة الفرنسية أمس.
ودخلت هذه المعارك، التي احتدمت مجدداً أمس، يومها السادس على التوالي، بإعلان السراج، الذي تلقى اتصالين هاتفيين متتاليين من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وجوزيبي كونتي رئيس الحكومة الإيطالية، أنه يعرض الانسحاب على حفتر.
وارتفع عدد ضحايا الاشتباكات حول طرابلس إلى 47 قتيلاً و181 جريحاً، حسبما نقلت منظمة الصحة العالمية أمس عن المنشآت الصحية هناك، بينما نعت «قوة حماية طرابلس»، الموالية للسراج، 17 من عناصرها قالت: إنهم لقوا حفتهم في الدفاع عن طرابلس.
وفي حين أعلن المتحدث باسم الجيش الوطني، اللواء أحمد المسماري، في مؤتمر صحافي، أمس، أن القوات استحوذت على أكثر من 14 آلية عسكرية تابعة لميليشيات طرابلس، أعلن السراج أن عملية «بركان الغضب»، التي أطلقها رداً على عملية طوفان الكرامة، التي دشنها حفتر يوم الخميس الماضي لتحرير طرابلس، ستستمر حتى تحقق نتائجها في إقامة الدولة المدنية، مؤكداً أنه «لن تقبل أي تسوية حتى يقف الاعتداء، وترجع هذه القوات من حيث أتت».
وأبلغ السراج وفداً التقاه مساء أول من أمس، وضم أعياناً ووجهاء وحكماء وأعضاء مجالس محلية، «إننا دعاة سلام. لكننا مستعدون للحرب إذا اضطررنا إليها دفاعاً عن دولتنا المدنية». وكشف عن اعتقال مجموعة لم يحددها من الشباب، قال إنه جرى إيقافهم، وإنهم أحداث تقل أعمارهم عن السنة القانونية، في جريمة يعاقب عليها القانونان المحلي والدولي، معلناً أنه ستتم محاسبة من زج بهم في هذه العملية، وأنه سيتم إطلاق سراحهم بعد إنهاء الإجراءات القانونية معهم. في غضون ذلك، قال مصدر في حكومة السراج في تصريحات تلفزيونية: «إننا سنصدر مذكرات قبض بحق العسكريين المتورطين في هذا الهجوم، وسنستثني من يسلمون أنفسهم»، لكنه لم يوضح أي تفاصيل.
إلى جانب ذلك، طلب وزير داخلية السراج من أجهزته الأمنية، اعتقال الداعمين لحفتر في العاصمة طرابلس، مشيراً إلى معلومات لم يحدد مصدرها، تقول: «إن بعض المارقين ضمن قوات الجيش الوطني في الهجوم على طرابلس، هم من الأشخاص المطلوبين للمحاكمة الجنائية محلياً ودولياً».
وقال عماد الطرابلسي، آمر جهاز الأمن العام التابع لحكومة السراج: «إن قواتنا تتقدم، وستدحر قوات الجيش قبل الجمعة المقبل»، بينما رأى مسؤول عسكري آخر، أن قوات السراج تحكِم سيطرتها بالكامل على جميع معسكرات محور صلاح الدين.
في سياق ذلك، أعلن مصدر عسكري في حكومة السراج، أمس، رفع درجة الاستعداد في صفوف قواته بجميع محاور القتال في طرابلس وخارجها لصد أي هجوم، في وقت تبادلت فيه قوات الجيش الوطني وأخرى تابعة للسراج القصف الجوي لليوم الثاني على التوالي.
وقال متحدث باسم الأمم المتحدة، أمس، إن بعثتها في ليبيا تواصل عملها في طرابلس، مع استمرار مبعوثها الخاص غسان سلامة في عمله من هناك. لكن بعض الموظفين «غادروا لقضاء إجازات، وسيعمل الموظفون الإداريون بشكل مؤقت من تونس».
وقال سلامة، أمس: «لن نحيد عن التزامنا بعقد هذا الملتقى الجامع، وسأبذل ما بوسعي للذهاب لتسوية توحد المؤسسات السياسية والاقتصادية»، وتعهد بالعمل بكل قوة على عقد الملتقى الليبي الجامع، دون إقصاء لأحد متى ما توافرت شروط نجاحه مجدداً. داعياً جميع الدول الأعضاء إلى استخدام نفوذها، والضغط على الأطراف لوقف تصعيد النزاع، والبدء فوراً بالحوار من أجل التوصل إلى حل سياسي.
وأضاف سلامة موضحاً «لا يمكن لنا أن نطلب الحضور للملتقى، والمدافع تُضرَب والغارات تُشَنّ»، مؤكداً تصميمه على عقد الملتقى الوطني الليبي «بأسرع وقت ممكن».
ميدانياً، أعلنت الخطوط الجوية الليبية عن إعادة فتح مطار طرابلس، الوحيد الذي يعمل في العاصمة طرابلس، للرحلات الليلية فقط، وذلك بعد ساعات على إغلاقه، وتعليق الرحلات الجوية فيه مساء أول من أمس، إثر تعرضه لغارة جوية.
وأعلن اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم قوات الجيش الوطني، مساء أول من أمس، أن قواته الجوية دمرت طائرتين عسكريتين في قاعدة طرابلس (معيتيقة) الجوية، وقال في مؤتمر صحافي عقده بمدينة بنغازي في شرق البلاد: إن قواته لم تستهدف طائرات مدنية، بل استهدفت طائرة ميج متوقفة في المطار الوحيد الذي يعمل بالعاصمة طرابلس.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».