مشاورات لعقد جولة جديدة من مفاوضات «سد النهضة»

توقعات باجتماع وزراء مياه مصر وإثيوبيا والسودان قبل نهاية أبريل

TT

مشاورات لعقد جولة جديدة من مفاوضات «سد النهضة»

تجري السلطات المصرية مشاورات مكثفة لاستضافة جولة جديدة من مفاوضات سد «النهضة»، على مستوى وزراء المياه والخبراء الوطنيين بدول مصر وإثيوبيا والسودان، خلال أسابيع، على أمل الوصول لاتفاق نهائي بشأن تشغيل السد، ينهي مخاوف القاهرة من تأثيره على حصتها في نهر النيل.
ونقلت صحيفتي «الأهرام» و«الأخبار» (الحكوميتين) في مصر عن مصادر مطلعة أنه تجري «مشاورات بين الجهات المعنية بالمفاوضات بالدول الثلاث للاتفاق على تحديد موعد جديد لعقد اجتماع فني في القاهرة قبل نهاية هذا الشهر (أبريل | نيسان)، لاستكمال المباحثات الساعية للتوصل لاتفاق مرضٍ، وتفاهم مشترك لجميع الأطراف، حول البنود والنقاط العالقة فيما يتعلق بإدارة السد، واتفاق على تنفيذ الدراسات البيئية والهيدروليكية، وسنوات التخزين والملء، وأساليب تشغيل وإدارة بحيرة السد». لكن محمد السباعي، المتحدث باسم وزارة الموارد المائية المصرية، أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا يوجد أي إعلان رسمي حتى الآن في هذا الشأن».
وتخشى مصر أن يقلص السد حصتها من المياه التي تصل إليها من هضبة الحبشة عبر السودان، المقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب، بينما تقول إثيوبيا إن المشروع ليس له أضرار على دولتي المصب (مصر والسودان).
ويخوض البلدان، بمشاركة السودان، سلسلة مفاوضات مكوكية منذ سنوات، لكنها متجمدة في الوقت الراهن بسبب خلافات حول تقرير استهلالي قدمه مكتب استشاري فرنسي منوط به تقييم تأثيرات السد على دولتي مصب النهر.
ويواجه السد الإثيوبي «عثرات فنية ومادية»، بحسب مسؤولين محليين، استدعت من مديره كيفلي هورو توجيه اعتذار للشعب الإثيوبي عن تأخر أعمال البناء، خلال احتفال أقيم الأسبوع الماضي بالذكرى الثامنة لبدء البناء.
ويرى مسؤولون وخبراء مصريون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن المعلومات الإثيوبية بشأن السد متضاربة، وغير واضحة بالشكل الكافي، لكن تأخر عملية البناء أسهم على الأقل في تأجيل ملء بحيرة السد، وقد يتيح متسعاً من الوقت لاستئناف المفاوضات المتعثرة بين البلدين، بمشاركة السودان.
وأطلقت إثيوبيا مشروع السد عام 2011، ووعدت بإنهائه في 5 سنوات، قبل أن تقر لاحقاً بتأخر أعمال البناء، مما أثار قلقاً لدى الإثيوبيين من فشل المشروع، خصوصاً بعد مقتل مديره السابق سمنجاو بقلي في يوليو (تموز) العام الماضي، ثم إعلان رئيس الوزراء أبي أحمد، في أغسطس (آب) الماضي، إلغاء عقد شركة «ميتك» الإثيوبية (تابعة للجيش) المنفذة للأعمال الهيدروميكية بسبب إخفاقاتها.
وتبع ذلك مطالبة شركة «ساليني» الإيطالية، المقاول الرئيسي للمشروع، بتعويضات من الحكومة الإثيوبية بقيمة 338 مليون يورو جراء تأخر «ميتيك» عن أعمالها.
ويقول الدكتور ضياء الدين القوصي، مستشار وزير الموارد المائية المصري الأسبق، لـ«الشرق الأوسط»: «هناك مشكلة فنية ومالية كبيرة في السد، سببها في البداية تعجل رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل زيناوي في إسناد هذا العمل المائي الضخم جداً إلى مقاول إيطالي مغمور... ثم هناك حديث الآن عن أن السد يقام على فالق أرضي يهدد بانهياره، وأن التربة تحته تتآكل، مما استدعى منفذيه إلى حقنها بالإسمنت، في عملية كلفت مليارات الدولارات؛ وغيرها من الأزمات التي تظهر كل فترة، بينها كشف رئيس الوزراء الحالي عن وقائع فساد كبرى».
وأوضح القوصي أن «تلك الأزمات أجلت عملية ملء بحيرة السد، وهي نقطة الخلاف الرئيسية مع مصر، حيث تعتزم إثيوبيا ملء الخزان بمقدار 74 مليار متر مكعب (رصيد مصر والسودان مجتمعاً من مياه النيل) لمدة سنة كاملة، بينما ترى مصر ضرورة تقسيم تلك العملية على عدة سنوات، حتى لا تؤدي إلى نقص مياه الشرب، وتأثر الأراضي الزراعية لديها، خصوصاً أن أكثر من 90 في المائة من احتياجات مصر من المياه تأتي من نهر النيل».
وتابع القوصي: «ليس هناك استعداد لدى مصر للتنازل عن متر مكعب واحد من حصتها المائية، فالأمر لديها مسألة حياة أو موت، وإذا لم يتم تسوية الأمر ستكون هناك مشكلات طاحنة... ربما يسهم التأخير الإثيوبي في التوصل إلى حلول».
ويرى خبير المياه الدولي أن «المفاوضات بين البلدين متوقفة بسبب مماطلة إثيوبيا التي تخشى أن يخرج تقرير من أي جهة دولية يدينها، وبالتالي كلما تأخرت الأمور يكون ذلك أفضل حتى تتم عملية البناء».
ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد حافظ، الحديث عن موقف مصري بشأن تطورات عملية البناء، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «المعلومات الصادرة من الجانب الإثيوبي بشأن السد متضاربة، وغير واضحة؛ يتحدثون مرة عن قرب انتهائه، وأخرى عن مشكلات وعقبات فنية»، موضحاً: «السلطات المصرية تراقب الموقف عن كثب، وعلى أعلى مستوى».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.