الإسرائيليون يقترعون اليوم: «ليكود» أو «حزب الجنرالات»

نتنياهو يخوض «معركة وجودية» وغانتس يجنّد مزيداً من الجنرالات... واليسار يلجأ إلى الناخبين العرب

شعارات انتخابية في القدس عشية الانتخابات التشريعية في إسرائيل اليوم (أ.ف.ب
شعارات انتخابية في القدس عشية الانتخابات التشريعية في إسرائيل اليوم (أ.ف.ب
TT

الإسرائيليون يقترعون اليوم: «ليكود» أو «حزب الجنرالات»

شعارات انتخابية في القدس عشية الانتخابات التشريعية في إسرائيل اليوم (أ.ف.ب
شعارات انتخابية في القدس عشية الانتخابات التشريعية في إسرائيل اليوم (أ.ف.ب

مع افتتاح صناديق الاقتراع في أكثر من 10 آلاف مركز، صباح اليوم (الثلاثاء)، يُسدل الستار عن واحدة من أشرس المعارك الانتخابية التي شهدتها إسرائيل في السنوات السبعين منذ قيامها. ومع أن الدعاية الانتخابية توقفت وأصبحت محظورة بحسب القانون، فقد ظل قادة ونشطاء الأحزاب يسعون إلى كسب الأصوات حتى اللحظات الأخيرة؛ إذ يتنافس السياسيون من 41 قائمة انتخابية على 120 مقعداً للبرلمان، المعروف باسمه العبري «الكنيست». لكن التنافس المركزي هو بين رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وبين قائمة «كحول لفان» التي تضم «حزب الجنرالات» بقيادة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق بيني غانتس.
وفي الوقت الذي يخوض فيه نتنياهو المعركة بوصفها حرباً وجودية تعيده إلى رئاسة الحكومة أو تُدخله السجن، بسبب تراكم قضايا الفساد عليه، وفي هذه الحرب يدوس على كل المحركات، بما في ذلك محاولة قنص عشرات ألوف الأصوات من حلفائه في أحزاب اليمين الصغيرة التي يتهدد الكثير منها خطر السقوط، يحاول غانتس إبراز طابعه العسكري أكثر من ذي قبل. وقد تمكن من تجنيد ثلاثة جنرالات إضافيين لمعركته، هم رئيس أركان الجيش الأسبق شاؤول موفاز، الذي كان قد جرّب حظه في السياسة وبلغ منصب وزير الدفاع في حكومة أرئيل شارون سنة 2002، ونافس على رئاسة الحكومة وفشل، والجنرال عاموس يدلين، الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، الذي رشحه حزب العمل في الانتخابات الماضية وزيراً للدفاع، والجنرال أفي مزراحي، قائد لواء المركز السابق في الجيش الإسرائيلي، علماً بأن جنرالات آخرين عدة انضموا إلى هذا الحزب، مثل رؤساء الأركان الثلاثة السابقين موشيه يعلون، وغابي اشكنازي، وغانتس نفسه، والجنرال أورنا بربيباي، وهي أول امرأة تصل إلى هذه الرتبة وتحتل مقعداً في رئاسة هيئة الأركان.
كما ظهر مع غانتس، في اليوم الأخير للمعركة الانتخابية، أحد الشخصيات اليمينية التاريخية في حزب الليكود، دان مريديور، نجل أحد المؤسسين الذي خدم في حكومة نتنياهو وزيراً لشؤون المخابرات. وراح يبث مشاعر القلق من التدهور في القيم اليمينية الليبرالية لليكود في زمن نتنياهو. وقال: إن «الحزب تدهور وأخذ ينزل بإسرائيل إلى مهاوي التخلف والبعد عن الديمقراطية في هذا الزمن الرديء».
وقد خرج إلى الشارع على دراجة نارية ليلتقي الشباب ويحضهم على المشاركة في عملية التغيير لمصلحة حزب الجنرالات (أزرق أبيض أو كحول لفان). وقال: «نحن الآن على بعد 90 سنتيمتراً من النصر. نتنياهو تحت ضغط لأننا سنكون الحزب الأكبر في هذه الانتخابات. وعلينا ألا نضيّع هذه الفرصة لإعادة إسرائيل إلى طبيعتها، ونتخلص من حكم الفساد والفاسدين».
أما نتنياهو فقد واصل بث الهلع في صفوف قوى اليمين، محذراً من خطر سقوط حكمهم، داعياً إلى التصويت المباشر لحزبه وليس لأحزاب اليمين الصغيرة؛ «فهذه الأحزاب مضمونة ولا حاجة إلى تكبيرها. الضمان الوحيد لفوز معسكر اليمين هو بانتخاب الليكود كأكبر حزب حتى يكلفنا رئيس الدولة بتشكيل الحكومة». وقد واصل قادة اليمين مهاجمة نتنياهو على هذا التوجه. ووصفه أريه درعي، وزير الداخلية ورئيس حزب شاس لليهود الشرقيين المتدينين، بـ«الناكر للجميل».
كما أن أحزاب اليسار الصغيرة تبذل جهود اللحظة الأخيرة للبقاء في هذه الانتخابات؛ إذ إن الأحزاب الكبيرة في معسكرَي اليسار والوسط تحاول سحب الأصوات منها، بالحجة نفسها التي يستخدمها نتنياهو مع اليمين. فحزب غانتس يسعى إلى سحب الأصوات من حزب العمل، وحزب العمل يسعى إلى سحب الأصوات من حزب ميرتس اليساري، وحزب ميرتس ومثله حزب العمل يحاولان سحب الأصوات من القائمتين العربيتين. ويتوجه هذان الحزبان إلى العرب بشكل خاص بعدما تبين أن نسبة الناخبين العرب ستهبط هذه المرة بسبب تذمرهم من تفسخ «القائمة المشتركة» وتصرفات الأحزاب العربية بخوضها صراعاً فيما بينها على الكراسي. وتتوقع استطلاعات الرأي أن يخسر العرب تمثيلهم من 13 مقعداً الآن إلى 12 في أحسن الأحوال، وهناك من يتوقع تراجعهم أكثر. وتحاول أحزاب اليسار الحصول على أصوات المتذمرين على الأقل.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.