العالم يتهيأ لعصر أجهزة الرصد الدخيلة

كاميرات في مقاعد الطائرات وميكروفونات سرية داخل نظم الأمن المنزلية

كاميرا في مقاعد الطائرات  -  كاميرا «أوبكس وان» الملبوسة
كاميرا في مقاعد الطائرات - كاميرا «أوبكس وان» الملبوسة
TT

العالم يتهيأ لعصر أجهزة الرصد الدخيلة

كاميرا في مقاعد الطائرات  -  كاميرا «أوبكس وان» الملبوسة
كاميرا في مقاعد الطائرات - كاميرا «أوبكس وان» الملبوسة

باتت الكاميرات والميكروفونات وغيرها من أجهزة الاستشعار منتشرة في كل مكان... وهذه ليست إلا البداية.
- كاميرات جوية
بداية شهر مارس (آذار) من هذا العام، لاحظ مسافر على متن خطوط الطيران السنغافورية وجود فجوة صغيرة ودائرية أسفل شاشة عرض نظام الترفيه الموجود أمامه، وتساءل: هل يمكن أن تكون كاميرا؟ بعدها، قام المسافر بالخطوة المنتظرة في هذه الحالات: نشر صورة على «تويتر» وطلب آراء مستخدمي المنصة؛ ما أطلق العنان لكورس من المتذمرين.
بدورها، تجاوبت خطوط الطيران السنغافورية مع التغريدات وقالت: إن هذه الكاميرا لا تستخدم لالتقاط الصور أو تسجيل مقاطع من الفيديو. وصرّحت بعدها لوسائل إعلامية بأن «هذه الكاميرات المزروعة وضعها صانعو الطائرة من أجل تحديثات مستقبلية». وأضافت: «إن هذه الكاميرات مطفأة بشكل دائم على طائرات الشركة ولا يمكن تشغيلها؛ وإن الشركة لا تخطط لتشغيل أو تطوير أي خصائص تستخدم هذه الكاميرات».
وزعمت مصادر إعلامية، أن أنظمة الترفيه المتوافرة على الطائرات تحمل توقيع شركة «باناسونيك أفيونيكس»، التي كانت قد أعلنت سابقاً عن خطة لاستخدام تقنيات تعريف الهوية بالقياسات البيولوجية للركاب للتفتيش الجمركي قبل صعودهم على الطائرة.
وتعلمنا التجارب الماضية، كما تقول مجلة «كومبيوتر وورلد»، أن التقنيات المستخدمة بهدف الراحة وتلبية الحاجات غالباً ما يعاد استخدامها لاحقاً لأهداف أمنية. ويبدو أن الذكاء الصناعي سيكون قادراً على مراقبة مقاطع فيديو مسجلة من مقاعد مئات خطوط الطيران لتحديد هوية الركاب المتوترين، أو المخمورين، أو الخطرين. لكن، لِمَ لا تلجأ خطوط الطيران إلى الكاميرات لخدمة مور السلامة والأمن رغم توافر هذا الخيار؟
- أمن وخصوصية
كما واجهت «غوغل» أيضاً هجوماً لاذعاً بسبب إخفائها وجود ميكروفونات في أنظمة «نيست غارد» Nest Guard المنزلية الأمنية، رغم توافر هذا المنتج في الأسواق منذ عام 2017.
وكان سرّ الميكروفونات قد خرج إلى العلن في أوائل الشهر نفسه بعد إعلان «غوغل» عن خطة تهدف إلى إتاحة التحكّم الصوتي بأنظمة «نيست» بواسطة مساعد «غوغل»، وتحديداً، بعد إضافتها الـ«ميكروفون» إلى لائحة خصائص المنتج. وقالت شركة «غوغل» على «تويتر»: إن الميكروفونات لم تستخدم، ولن تستخدم حتى وقت طرح خاصية التحكّم الصوتي على الإنترنت.
كما أعلنت «غوغل» أن «الميكروفون الموجود في الجهاز لم يكن سرّاً، وأنه كان يجب ذكره من بين الخصائص التقنية. هذا الخطأ حصل من جانبنا».
- الهلع من الرصد
يشكّل هلع الناس من كاميرات وميكروفونات الأنظمة الأمنية على الطائرات ظاهرة جديدة اسمها «هلع أجهزة الرصد والاستشعار»، ويعتقد أنها ليست سوى البداية. وكانت الشركتان، أي الخطوط الجوية السنغافورية و«باناسونيك»، قد ردّتا على الانتقادات بزعم موحّد، وهو أن «أجهزة الرصد والاستشعار رُكبت لهدف مستقبلي، لكن لم يتمّ تشغيلها حتى هذا التاريخ». وبدت الشركتان متفاجئتين من الذعر الذي أصاب الناس من فكرة وجود أجهزة استشعار غير مستخدمة.
لكن بعد التقارير اليومية حول انتهاكات «فيسبوك» للخصوصية، والقرصنة، والتجسس الصناعي، وبرامج «أندرويد» الخبيثة، وجميع أنواع التسريبات والاعتداءات وانتهاكات الخصوصية، يمكن القول إننا دخلنا في عصر جديد من فقدان الثقة بجميع الجوانب التقنية.
مثلاً، هل يمكن للناس أن يثقوا بأن «غوغل» وخطوط الطيران السنغافورية لن تستخدما الكاميرات والميكروفونات، وبخاصة أن الشركتين تعمّدتا إخفاء وجودها؟ هذا، وكُشف قبل بضعة أسابيع أيضاً، عن أن خطوط الطيران السنغافورية كانت تسجّل نشاط المستخدمين عبر تطبيقها الخاص على هواتف «آيفون». وجاء هذا الجمع لنشاط المستخدمين، الذي أتاحته الخطوط السنغافورية دون علمهم أو إذنهم، في إطار خدمة «سيشن ريبلاي» التي وظفتها الخطوط بالتعاون مع شركة «غلاسبوكس» للتحليلات.
هل يمكن للناس أن يثقوا بأن هذه الشركات ستحمي أجهزة الاستشعار هذه من القرصنة أو التجسس؟ لا يعرف أحد الجواب؛ لأنه ونظراً لقدرة هذه الأجهزة على معالجة البيانات البصرية والصوتية وغيرها بمساعدة الذكاء الصناعي، فإن من المنطقي أن يتخوف الجمهور من فكرة جمعها للبيانات.
- أجهزة لا تنام
يعيش الناس طفرة لا بدّ منها في إعداد أجهزة الرصد والاستشعار التي تحصد البيانات المرتبطة بكلّ شيء، وطفرة أخرى في انتشار وقوة نظم الذكاء الصناعي لمعالجة وتحليل كل هذه البيانات.
> كاميرات جمع البيانات. وقد أعلنت شركة «إكسنور» الناشئة حديثاً عن كاميرات جديدة دون بطارية، تعمل بالطاقة الشمسية ومدعّمة بالذكاء الصناعي، توفّر «طريقة بسيطة وقيّمة لجمع البيانات». لكن الميزة الحقيقية لهذه الكاميرات هي أن الطاقة الشمسية والاتصال اللاسلكي يسهّلان وضعها في أي مكان وعدم ملاحظة وجودها.
تأتي هذه الكاميرات بدقة عرض متواضعة، وسيتمّ بيعها لشركات أخرى على شكل مكوّنات تدخل في تطوير أجهزة إنترنت الأشياء بدل تسويقها كمنتجات مستقلّة.
وتفيد المعلومات بأن الذكاء الصناعي الذي يدعم هذه الكاميرات قادر على تحديد وتصنيف وتشفير الأجسام التي ترصدها الكاميرا، ليرسل بعدها البيانات إلى قاعدة بيانات، أو مبرمج، أو غرفة تحكّم، أو حتى جاسوس أو قرصان، بواسطة بروتوكولات اتصال «إنترنت الأشياء»، وبنسبة بيانات طفيفة وطاقة متواضعة.
وأفادت الشركة في تصريح لها، بأن تطوير الشركات لمنتجات تضمّ أجهزة استشعار «إكسنور» Xnor، سيدفعها إلى العمل بشكل فوري دون شحنها أو اتصالها الصريح بالإنترنت.
تعتبر «إكسنور» واحدة من شركات كثيرة تعمل في تطوير منتجات إنترنت الأشياء، التي انضمّت إلى اتجاه جديد يجب أن يشكّل مصدر قلق للفئة المستاءة من كاميرات خطوط الطيران السنغافورية وميكروفونات «غوغل نيست».
> أجهزة استشعار بالطاقة الشمسية أو الحرارية. وتعمل شركة أخرى تدعى «بسيكيك» PsiKick على صناعة أجهزة استشعار بطاقة طفيفة جداً، تحصد قوتها من أشعة الشمس أو الحركة أو الحرارة أو غيرها من الوسائل، حتى أنها تستطيع سحب طاقة الأشياء التي تراقبها. فقد أعلنت الشركة مثلاً عن صمام مراقبة بخاري يستمدّ طاقته من «البخار» طبعاً. من جهتها، تؤكّد «بسيكيك» أن أجهزتها يمكن أن تعمل لعشرين عاماً دون الحاجة إلى صيانة من أي نوع.
هذا الجيل الجديد من أجهزة الاستشعار سيُستخدم لأهداف صناعية في الوظائف غير المرغوبة كمراقبة المعايير وتشغيل المقاييس الذكية. وسيساهم أيضاً في تخفيض كلفة وزيادة فاعلية الأنظمة الصناعية والمعامل والمخازن ومعامل توليد الطاقة.
ويفترض بالشركات والمؤسسات من جميع المجالات أن تتفاءل بثورة أجهزة الاستشعار التي تعمل دون بطارية؛ لأنها ستغيّر كلّ شيء.
> كاميرا فيديو ملبوسة تتصل بتطبيق «إنستغرام». أما المستهلكون، فيجب أن يتحمّسوا لثورة من نوع آخر، فقد كشفت شركة «أوبكيكس» عن «أوبكيكس وان» OPKIXOne، كاميرا فيديو جديدة (بسعر 295 دولاراً) قابلة للارتداء، تشارك محتواها مباشرة على «إنستغرام» بواسطة الهاتف الذكي.
تتميّز هذه الكاميرا بتصميم صغير جداً، حيث لا يتجاوز طولها أربع بوصات، وتزن نحو 12 غراماً. كما أنها تسجّل فيديوهات بدقة عرض 1080p، وتصور 30 إطاراً في الثانية لمدة 15 دقيقة. يمكنكم تثبيت هذه الكاميرا على أي سطح سواء على نظارة، أو قبعة، أو سترة، أو حقيبة ظهر أو حتى طائرة ورقية. يمكنكم أيضاً شراء كاميرتين منها، وشحنهما معاً في حزمة خاصة تشبه علبة سماعات «إيربود». نظرياً، يمكن القول إن هذه الكاميرات لن تستبيح خصوصيتكم أكثر من كاميرات الهاتف الذكي، والفرق الوحيد بينهما، هي أن «أوبكيكس وان» قابلة للتثبيت في أي مكان.
وهكذا، ومع تطور أجهزة الرصد والاستشعار، إذا نظرنا للمشهد العام، نرى أن العالم على شفير طفرة في عدد الكاميرات والميكروفونات وغيرها من أجهزة الاستشعار. لا أحد يعرف المستوى الذي ستبلغه هذه الطفرة، لكن الأكيد هو أن أجهزة الاستشعار ستكون قادرة على مراقبتنا بشكل كامل بعد عشر سنوات من اليوم.


مقالات ذات صلة

اختتام معرض «CES» بابتكارات تعكس توجه مستقبل التكنولوجيا الاستهلاكية

تكنولوجيا استقطبت دورة هذا العام أكثر من 100 ألف مشارك وشركة عارضة في مدينة لاس فيغاس (CES)

اختتام معرض «CES» بابتكارات تعكس توجه مستقبل التكنولوجيا الاستهلاكية

في لاس فيغاس كمبيوترات قابلة للطي، وشاشات فائقة السطوع، وساعات اللياقة الذكية وأجهزة للعرض المنزلي وغيرها.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا يعد «Daily Listen» من «غوغل» نموذجاً مثيراً لكيفية تطور الوسائط الشخصية في السنوات القادمة (أدوبي)

بودكاست من «غوغل» يُقدمه اثنان من روبوتات الدردشة فقط!

روبوتا الدردشة يناقشان مواضيع تتماشى تماماً مع اهتماماتك الخاصة بناءً على تاريخ بحثك ونشاطك.

نسيم رمضان (لندن)
خاص تتوافق مبادرات «آي بي إم» في مجال الذكاء الاصطناعي مع «رؤية 2030» مما يضع المنطقة في موقع رائد في مجال الابتكار (أدوبي)

خاص مدير عام «آي بي إم» لـ«الشرق الأوسط»: الذكاء الاصطناعي قادر على جني 4 تريليونات دولار سنوياً

يعدّ سعد توما مدير عام «آي بي إم» في الشرق الأوسط وأفريقيا خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، أن الذكاء الاصطناعي «ليس مجرد أداة أخرى، بل ورشة عمل بأكملها».

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا يستمر معرض «CES 2025» حتى التاسع من شهر يناير بمشاركة عشرات الآلاف من عشاق التكنولوجيا والشركات التقنية في مدينة لاس فيغاس (CES)

معرض «CES» يكشف أحدث صيحات التقنيات الاستهلاكية لـ2025

إليكم بعض أبرز الابتكارات التي تكشف عنها كبريات شركات التكنولوجيا خلال أيام المعرض الأربعة في مدينة لاس فيغاس.

نسيم رمضان (لندن)
خاص توفر السيارة أحدث التقنيات بما في ذلك نظام صوتي قوي وميزات مساعدة السائق المتقدمة والتكامل السلس مع الهواتف الذكية (كاديلاك)

خاص تعرف على التقنيات التي تطرحها «كاديلاك» في «إسكاليد 2025»

«الشرق الأوسط» تـتحدث إلى سارة سميث مديرة هندسة البرامج في «كاديلاك».

نسيم رمضان (لندن)

ملصق لتصنيف مستوى أمان الأجهزة المتصلة بالإنترنت... في أميركا

يؤدي ارتفاع استخدام أجهزة إنترنت الأشياء (IoT) إلى ظهور ثغرات جديدة يمكن لمجرمي الإنترنت استغلالها (شاترستوك)
يؤدي ارتفاع استخدام أجهزة إنترنت الأشياء (IoT) إلى ظهور ثغرات جديدة يمكن لمجرمي الإنترنت استغلالها (شاترستوك)
TT

ملصق لتصنيف مستوى أمان الأجهزة المتصلة بالإنترنت... في أميركا

يؤدي ارتفاع استخدام أجهزة إنترنت الأشياء (IoT) إلى ظهور ثغرات جديدة يمكن لمجرمي الإنترنت استغلالها (شاترستوك)
يؤدي ارتفاع استخدام أجهزة إنترنت الأشياء (IoT) إلى ظهور ثغرات جديدة يمكن لمجرمي الإنترنت استغلالها (شاترستوك)

كشف البيت الأبيض، اليوم الثلاثاء، عن ملصق جديد لتصنيف معايير السلامة الإلكترونية للأجهزة المتصلة بالإنترنت مثل منظمات الحرارة الذكية وأجهزة مراقبة الأطفال والأضواء التي يمكن التحكم فيها عن طريق تطبيق وغيرها.

شعار (سايبر ترست مارك) أو علامة الثقة الإلكترونية يهدف إلى منح المستهلكين الأميركيين طريقة سريعة وسهلة لتقييم أمان منتج ذكي معين، تماما مثل ملصقات وزارة الزراعة الأميركية على الطعام أو تصنيفات (إنرجي ستار) أو نجمة الطاقة على الأجهزة التي توفر معلومات عن مدى استهلاكها للطاقة. وعلى الشركات التي تسعى للحصول على الملصق لمنتجاتها تلبية معايير الأمن الإلكتروني التي حددها المعهد الوطني الأميركي للمعايير والتكنولوجيا من خلال اختبار الامتثال من قبل مختبرات معتمدة.

ويتزايد عدد الأجهزة المتصلة بالإنترنت المستخدمة في الحياة اليومية، من أبواب المرآئب وأجهزة تتبع اللياقة البدنية وكاميرات المراقبة والمساعد الصوتي إلى الأفران وصناديق القمامة، ما يوفر للمستخدمين مزيدا من الراحة ولكن ينطوي على مخاطر جديدة.

وقالت آن نيوبرغر نائبة مستشار الأمن القومي الأميركي لشؤون الأمن الإلكتروني للصحفيين في مكالمة هاتفية «كل واحد من هذه الأجهزة يمثل بابا رقميا يحفز المهاجمين الإلكترونيين على الدخول». وملصق علامة الثقة الإلكترونية طوعي. لكن

نيوبرغر قالت إنها تأمل أن «يبدأ المستهلكون في طلب العلامة ويقولون، لا أريد توصيل جهاز آخر في منزلي، مثل كاميرا أو جهاز مراقبة أطفال، يعرض خصوصيتي للخطر».

وأضافت أن الحكومة تخطط للبدء بالأجهزة الاستهلاكية مثل الكاميرات قبل الانتقال إلى أجهزة التوجيه المنزلية والمكتبية والعدادات الذكية. وتوقعت طرح المنتجات التي تحمل العلامة في الأسواق هذا العام. كما يخطط البيت الأبيض لإصدار أمر تنفيذي في الأيام الأخيرة من إدارة الرئيس جو بايدن من شأنه أن يقيد الحكومة الأميركية بشراء منتجات تحمل علامة (سايبر ترست مارك) بدءا من عام 2027. وقالت نيوبرغر إن البرنامج يحظى بدعم من الحزبين، الديمقراطي والجمهوري.