«فن الطفولة»... عندما يحضر الوطن في ريشة بريئة

بمناسبة الذكرى الـ45 لمؤسسة غسان كنفاني

اللوحات الذاتية رسومات يصورها الأطفال عن أنفسهم
اللوحات الذاتية رسومات يصورها الأطفال عن أنفسهم
TT

«فن الطفولة»... عندما يحضر الوطن في ريشة بريئة

اللوحات الذاتية رسومات يصورها الأطفال عن أنفسهم
اللوحات الذاتية رسومات يصورها الأطفال عن أنفسهم

أطفال من صفوف الروضة وآخرون من أصحاب الاحتياجات الخاصة تابعون لمراكز تأهيل ودمج في مؤسسة غسان كنفاني الثقافية يشاركون في معرض «فن الطفولة» في دار النمر في بيروت. فبريشة عفوية وبريئة تتراوح أعمار أصحابها ما بين 5 و15 سنة، يعبر أطفال من مخيمات فلسطينية في لبنان عن أحلامهم ومخاوفهم. وتأتي هذه المبادرة المنظمة من قبل «مؤسسة كنفاني الثقافية» بمناسبة الذكرى الـ45 لتأسيسها. «إنه بمثابة معرض استعادي لأعمال جمعتها معارض سابقة جرت ما بين عام 2008 وعام 2018. فهم أطفال انخرطوا في برنامج التربية الفنية الذي نعممه على نحو 8 مراكز خاصة بالمؤسسة وتقع في محيط المخيمات الفلسطينية في لبنان». تقول ليلى كنفاني المديرة المشرفة على المعرض، وعن أهمية هذه اللوحات تقول في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «ما يهمنا من خلال هذه المبادرة هو ابتكار مساحات لهم يعبرون فيها عن أفكارهم بحرية. فهذا المنهج المتبع في مؤسستنا هو من النوع الشامل المتكامل الذي يدعم التطور الجسدي والاجتماعي والفني والعاطفي لدى هؤلاء الأطفال».
ويتضمن المعرض لوحات مرسومة بقلم الرصاص وأخرى بالألوان الزاهية والأكليريك والزيت والطباعة. وتتناول اللوحات موضوعات تترجم المحيط الذي يعيش فيه هؤلاء الأطفال أو تحكي عن أحلامهم وتطلعاتهم المستقبلية. «هناك جزء من المعرض خصّص للصور الذاتية (أوتوبورتريه) والذي لاقى استحساناً من قبل الأطفال. فبعضهم استخدم الكاميرا الثقب (الفوتوغرافية) في هذا الإطار ليصور نفسه والبعض الآخر لجأ إلى رسومات يقدم فيها صوراً مع الطبيعة والأصدقاء من منظاره الخاص». توضح كنفاني في سياق حديثها. ومن بين اللوحات المشاركة في هذا المعرض «هوم وغزة» و«القدس» و«الانتفاضة».
وتتضمن الأولى الشمس المشرقة على مجتمع يعاني من الحروب والانفجارات وقد استخدمت رسومات لسيارات الإسعاف والتجمعات إشارة لذلك. ونتعرف بسرعة إلى هوية اللوحة الثانية من خلال رسوم لجامع «قبة الصخرة» و«كنسية القيامة». أما في اللوحة الثالثة التي يظهر فيها أحدهم يرمي بالحجارة فنميز بسرعة بأنها تحكي عن الانتفاضة. «إننا لم نحدد لهم الموضوعات أو الأفكار التي في استطاعتهم تناولها فتركنا لهم حرية اختيار الفكرة التي تروق لهم. وفي مرات أخرى يستوحونها من عنوان عريض في استطاعتهم مقاربته على طريقتهم».
وبين رسمة «البيت» و«الحصان» والمزارعة» و«البقرة الحلوب» وغيرها من الموضوعات النابعة من مشاهدات يومية للأطفال يتألف قسم آخر من المعرض، الذي يتضمن أيضاً منحوتات وفنون الكولاج. ويعود ريع هذا المعرض لدعم برنامج تربية وتنمية الطفولة المبكرة في مؤسسة غسان كنفاني الثقافية.
وعن كيفية تمتع هؤلاء الأطفال بمواهب لافتة مصحوبة بتقنية رسم متطورة توضح كنفاني: «إنهم يتعلمون فنون الرسم منذ الصغر وعندما يبلغون الـ5 سنوات وما فوق نقيم معهم مشاريع تشكيلية تستغرق أحياناً شهوراً طويلة لتنفيذها. وبهذه الطريقة تتراكم لديهم المعرفة التي يعبرون عنها في هذا النوع من المعارض والذي سبق وأقمنا واحداً منها في مركز اليونيسكو في بيروت.
وتتضمن مؤسسة كنفاني 8 مراكز ثقافية و6 روضات ومركزي تأهيل و3 مكتبات تتوزع بين مناطق الشمال والجنوب وبيروت. وهي للأطفال العاديين وأصحاب الاحتياجات الخاصة.



موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.