فشل الوساطة مع الحوثيين.. وطبول الحرب تدق في صنعاء

الرئيس هادي عقد اجتماعا طارئا باللجنة الأمنية العليا.. وحالة تأهب قصوى في وحدات الجيش تحسبا لأعمال عنف

مظاهرات حاشدة مؤيدة للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ومناوئة للحوثيين في العاصمة صنعاء أمس (أ.ف.ب)
مظاهرات حاشدة مؤيدة للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ومناوئة للحوثيين في العاصمة صنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

فشل الوساطة مع الحوثيين.. وطبول الحرب تدق في صنعاء

مظاهرات حاشدة مؤيدة للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ومناوئة للحوثيين في العاصمة صنعاء أمس (أ.ف.ب)
مظاهرات حاشدة مؤيدة للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ومناوئة للحوثيين في العاصمة صنعاء أمس (أ.ف.ب)

تتجه الأوضاع في العاصمة اليمنية صنعاء نحو مزيد من التصعيد، بإعلان لجنة الوساطة الرئاسية مع الحوثيين فشل مهمتها في إقناع زعيم التمرد عبد الملك الحوثي، بالعدول عن مواقفه الرامية لإسقاط حكومة الوحدة الوطنية ومحاصرة العاصمة، وتهديد الدولة.
وفور عودة اللجنة الرئاسية من صعدة أمس، عقد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي اجتماعا طارئا مع اللجنة الأمنية والعسكرية العليا لبحث الموقف. في حين استمر تطويق الحوثيين للعاصمة بالمسلحين، وحشدوا أنصارهم أمام عدد من الوزارات والمؤسسات المهمة في صنعاء بينها وزارة الداخلية.
وأعلنت اللجنة الرئاسية التي أوفدها الرئيس هادي إلى زعيم المتمردين الحوثيين فشل مساعيها، وقال عضو اللجنة والناطق باسمها عبد الملك المخلافي، في تصريحات صحافية، إنه لم يتم التوصل إلى اتفاق مع الحوثيين رغم العروض التي قدمت لهم بالمشاركة في حكومة وحدة وطنية وإجراء إصلاحات اقتصادية تحد من آثار الإجراءات السعرية الأخيرة برفع الدعم عن المشتقات النفطية، وهي أحد مطالب الحوثيين الرئيسية. واتهم المخلافي الحوثيين بأنهم يستعدون للحرب في صنعاء. وأضاف: «يبدو أن الحوثيين مبيتون النية للحرب ورفضوا كل المقترحات التي قدمت إليهم». يأتي ذلك في ظل المعلومات المتداولة منذ أشهر عن رغبة الحوثيين في اجتياح العاصمة صنعاء بعد اجتياحهم لمحافظة عمران المتاخمة لصنعاء من جهة الشمال.
والتقى الرئيس اليمني، عبد به منصور هادي بأعضاء اللجنة الرئاسية عقب عودتها بطائرة عسكرية من صعدة إلى صنعاء. وقالت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن اللجنة شرحت للرئيس كافة التفاصيل الخاصة بالمفاوضات والمباحثات التي أجرتها مع عبد الملك الحوثي وبقية قيادة حركته التي تطلق على نفسها تسمية (أنصار الله)، وأضحت له تعنت الحوثي وسعيه إلى التصعيد، في الوقت الذي يعتصم أنصاره أمام عدد من الوزارات في شمال العاصمة صنعاء.
وعرضت اللجنة الرئاسية على الحوثي تشكيل حكومة وحدة وطنية واتخاذ إجراءات اقتصادية تخفف من الآثار التي خلفها قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية. وعرضت الحكومة الاستقالة خلال شهر لتمهد الطريق أمام تشكيل حكومة تكنوقراط ستراجع قضية دعم الوقود إلا أن مسؤولين قالوا: إن الحوثيين طالبوا بإعادة الدعم على الفور.
وقال عبد الملك المخلافي بأن الحوثيين تراجعوا عن كل تفاهماتهم السابقة بما في ذلك الانضمام إلى حكومة جديدة وعرض خفض أسعار المنتجات النفطية. وأضاف أنهم هددوا بتصعيد احتجاجاتهم إذا لم يلغ القرار بخفض دعم الوقود.
وقال ضيف الله الشامي أحد زعماء الحوثيين بأن المطلب بإعادة دعم الوقود غير قابل للتفاوض وأن الاحتجاجات السلمية ستستمر. وأشار مصدر يمني إلى أن الحوثيين اتخذوا من مطلبهم بشأن قرارات رفع الدعم عن المشتقات البترولية مبررا من أجل الدخول إلى صنعاء والبدء في القيام باحتجاجات، أغلبها مسلحة. وأكد المصدر أن الحوثي رفض كافة العروض، بما فيها ما لم يعلن عنه.. وأشار إلى أن الشواهد تؤكد سعيه إلى التصعيد من خلال المظاهرات وانتشار المسلحين.
وقالت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) إن اللجنة الرئاسية قدمت تقريرا عاجلا للرئيس هادي، ونقلت الوكالة عن أعضاء اللجنة الرئاسية إعرابهم عن «خيبة أملهم إزاء ما جرى من نقاش وتداول مع الحوثي»، وستقدم اللجنة تقريرها النهائي بعد ذلك إلى الرئيس في اجتماع موسع لقيادات الدولة والحكومة ومستشاري الرئيس، كما سيتم استعراض التقرير أمام اجتماع وطني حاشد لمجالس النواب والوزراء والشورى والقيادات الحزبية والهيئات الرقابية ولجنة الرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل، كما ستحضر هذا اللقاء الوطني الموسع الفعاليات السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني والشباب والمرأة.
واتهم مسؤول العلاقات السياسية لجماعة الحوثيين (أنصار الله) حسين العزي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، اللجنة الرئاسية بالوصول إلى طريق مسدود في المفاوضات التي أجريت في صعدة خلال الثلاثة الأيام الماضية. وقال العزي «هذه لجنة حكومية وليست لجنة رئاسية وقد تعمدت أن لا تصل إلى أي نتيجة مع أنصار الله في صعدة»، مشيرا إلى أن «اللجنة غادرت بشكل مفاجئ صعدة وعادت إلى صنعاء رغم أنه كان بيننا معهم لقاء ظهر أمس، لتسلم رؤيتنا للرئيس عبد ربه منصور هادي وكان يجب على اللجنة أن تحمل هذه الرسالة».
وتعليقا على فشل مهمة الوفد، قال المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام لوكالة الصحافة الفرنسية بأن «اللجنة لم تكن مخولة ولا صلاحيات لديها».
وأضاف: «طلبوا منا وقف الحشد الثوري وإزالة المخيمات وكأن الشعب لم يخرج في ثورة» مؤكدا «نحن لسنا طلاب سلطة وما يهمنا هو مطالب الشعب الذي خرج في هذه الثورة».
واتهم عبد السلام أعضاء اللجنة بعدم أخذ مقترحات الحوثيين بعين الاعتبار.
وقال: «لدينا رؤية للحل وأعضاء اللجنة لم ينتظروا لمناقشتها. لدينا بدائل لموضوع الجرعة السعرية (رفع أسعار الوقود) كما كنا نقترح أن تأتي حكومة كفاءات وطنية» فضلا عن المطالبة بـ«شراكة كاملة في جميع أجهزة الدولة».
وعقد الرئيس هادي اجتماعا طارئا آخر باللجنة الأمنية والعسكرية لتدارس الموقف الأمني في صنعاء وعمران في ضوء التطورات الجديدة والتحديات الأمنية التي تفرضها جماعة الحوثي المسلحة، ودعا الرئيس اليمني «الجميع إلى اليقظة العالية والحذر ورفع الجاهزية والاستعداد لمواجهة أي احتمالات تفرض».
وأكد حرص القيادة السياسية على «تثبيت السكينة العامة والحرص على الأرواح والدماء الزكية»، وقال هادي إن «صنعاء اليوم يقطنها مليونان وسبعمائة ألف نسمة من كافة أبناء اليمن وليست صنعاء السبعينات فالعاصمة صنعاء اليوم هي عاصمة الوحدة اليمنية عاصمة 25 مليون يمني من كل أبناء اليمن بمختلف مشاربهم وثقافاتهم». واتهم الرئيس هادي جماعة الحوثي بأن لديها «أجندات مخفية ومشبوهة وليست اليافطات أو الشعارات التي ترفعها جماعات الحوثي سوى دغدغة لمشاعر وعواطف الشعب ومسكنات كاذبة تخفي ورآها مرامي وأهداف أخرى وأن كل من يتعارض مع مخرجات الحوار الوطني يعد تحديا سافرا للإجماع الوطني».
وأشار إلى أن «اليمن تتعايش منذ آلاف السنين في وئام بين جميع الطوائف والمذاهب ولا يوجد ما يتعارض أو يفرق بينها حيث كان الجميع يقف صفا واحدا مع الثورة والنظام الجمهوري والوحدة الوطنية والوقوف في خندق واحد في مختلف المواقف والظروف والتحديات التي مر بها الوطن منذ الأزل».
وعكس فشل الوساطة مع الحوثيين على الفور مزيدا من التوتر في صنعاء حيث سير أنصار الحوثيين وأنصار الحكومة والأحزاب الموالية لها على حد سواء مظاهرات حاشدة أمس. وعززت السلطات اليمنية من إجراءاتها الأمنية في العاصمة ورفع الرئيس هادي من حالة الاستعداد القتالي في صفوف قوات الجيش. وعلمت «الشرق الأوسط» أن الوحدات العسكرية والأمنية قامت بتسليح كافة منتسبيها، حتى الإداريين منهم، وذلك تحسبا لأعمال عنف قد يقوم بها الحوثيون في العاصمة، وتأتي هذه التطورات في ظل مخاوف لدى الشارع اليمني من حالة اقتتال أهلي بسبب احتجاجات الحوثيين.



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.