عناصر «داعش» يسيطرون على مطار الطبقة آخر معاقل النظام في الرقة

أطلقوا سراح زعيم عشيرة العكيدات في دير الزور.. وسلموا مواقعهم بريف حمص لـ«النصرة»

جانب من احتفال أنصار «داعش» بسقوط قاعدة الطبقة الجوية في الرقة بأيدي التنظيم أمس (رويترز)
جانب من احتفال أنصار «داعش» بسقوط قاعدة الطبقة الجوية في الرقة بأيدي التنظيم أمس (رويترز)
TT

عناصر «داعش» يسيطرون على مطار الطبقة آخر معاقل النظام في الرقة

جانب من احتفال أنصار «داعش» بسقوط قاعدة الطبقة الجوية في الرقة بأيدي التنظيم أمس (رويترز)
جانب من احتفال أنصار «داعش» بسقوط قاعدة الطبقة الجوية في الرقة بأيدي التنظيم أمس (رويترز)

تمكن تنظيم «داعش» من السيطرة على مطار الطبقة العسكري، آخر معاقل النظام السوري في محافظة الرقة، شمال سوريا، وذلك بعد ستة أيام من الهجمات المتتالية.
وبث ناشطون صورا تظهر مقاتلي «داعش» في مدينة الرقة وهم يحتفلون بإعلان سيطرتهم على مطار الطبقة العسكري بعد معارك شرسة ضد النظام. وقال الناشطون إن عناصر «داعش» أطلقوا الرصاص في الهواء وكبروا «فرحا» بالسيطرة على المطار وفرار عدد كبير من عناصر نظام الرئيس السوري بشار الأسد باتجاه مزرعة العجراوي، قرب المطار، حيث حوصروا هناك من قبل التنظيم.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن: «سيطر (داعش) بشكل شبه كامل على مطار الطبقة العسكري، وانسحب منه القسم الأكبر من قوات النظام إثر معارك عنيفة». وأضاف: «بعد استكمال سيطرة التنظيم على المطار، ستصبح محافظة الرقة المحافظة السورية الأولى الخالية من أي وجود لقوات النظام أو حتى للكتائب المقاتلة المعارضة له، باستثناء بعض القرى في شمال غربي الرقة القريبة من بلدة كوباني (حلب) التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية». وأشار عبد الرحمن، حسب وكالة الصحافة الفرنسية، إلى أن هناك عشرات الجثث لجنود سوريين في أرض المطار.
وأفاد باستمرار المعارك في بعض النقاط عند أطراف المطار، مشيرا إلى أن القسم الأكبر من القوات النظامية التي كانت تقاتل داخل المطار انسحبت إلى مزرعة العجراوي القريبة من المطار وإلى بلدة أثريا في محافظة حماة (وسط) الواقعة إلى جنوب غربي الطبقة.
وذكر المرصد أن مائة مقاتل على الأقل من «داعش» قتلوا منذ يوم الثلاثاء الماضي عندما هاجم التنظيم للمرة الأولى المطار كما أصيب 300 شخص آخرين في حين قتل 25 جنديا من القوات الحكومية.
وكان المرصد أشار في وقت سابق أمس إلى تقدم التنظيم المتطرف في محيط المطار حيث استولى على حواجز لقوات النظام ومساحة كان انسحب منها خلال الأيام الماضية بعد صد قوات النظام الهجمات السابقة على المطار. وأشار إلى أن مقاتلي «داعش» عمدوا إلى قطع رأس جندي قتل في المعركة، وعلقوا الرأس على حاجز استولوا عليه.
في المقابل، أورد التلفزيون الرسمي السوري خبرا عاجلا مفاده أن «الوحدات المدافعة عن مطار الطبقة تخوض معارك عنيفة وتتصدى لهجوم التنظيمات الإرهابية التي تحاول الدخول إلى المطار وتوقع خسائر فادحة في صفوفها».
وكانت قوات النظام خسرت أخيرا موقعين مهمين في الرقة، الفرقة 17 واللواء 93، الذين باتا تحت سيطرة «داعش» منذ مطلع الشهر الحالي.
وفي غضون ذلك، قال المرصد السوري إن «عناصر (داعش) انسحبوا من مناطق شمال مدينة حمص وتراجعوا شرقا بعد أن تعرضوا لهجوم من مقاتلي من جبهة النصرة، جناح تنظيم القاعدة».
ونقل المرصد عن مصادر في مناطق شمال حمص قولها إن مقاتلي «داعش» انسحبوا بناء على تعليمات من زعيمهم أبو بكر البغدادي.
وأشار مدير المرصد رامي عبد الرحمن إلى ورود معلومات مفادها أن «قيادة التنظيم طلبت من عناصرها الانسحاب إلى حيث يوجد ترابط جغرافي مع المناطق الأخرى التي يسيطر عليها التنظيم وحيث هناك حاجة أكبر للمقاتلين». وقال إن جبهة النصرة تسلمت مواقع «داعش».
ونشر ناشطون مناهضون لتنظيم «داعش» على حساباتهم على موقع «تويتر» صور سيارات خرج منها عشرات المقاتلين بلباس عسكري موحد وبكوفيات سوداء، وهم يحملون علم «داعش»، مشيرين إلى أن «الانسحاب مفاجئ». وقال بعضهم إن العناصر اتجهوا إلى العراق والرقة.
وفي ريف حماه، واصلت جبهة النصرة محاولتها اقتحام بلدة محردة المسيحية، وتمكنت من السيطرة على أجزاء من الحي الشرقي بعد معارك عنيفة سقط فيها عدد كبير من قوات جيش الدفاع الوطني، لتعود وتنحسب منها إلى محيط البلدة لتتجدد الاشتباكات هناك. وتتخذ قوات النظام من محردة موقعا لتمركز قواتها التي تضرب بلدات ريف حماه.
وفي ريف دمشق، ذكرت مصادر معارضة أن عناصر الجيش السوري الحر في بلدة داريا، غرب العاصمة، فجروا نفقا تستخدمه قوات النظام في محيط مقام سكينة مما أسفر عن مقتل عدد من قوات النظام. كما قتل شخص وأصيب آخرون جراء قصف للطيران الحربي على مدينة عربين بريف دمشق.
وفي مدينة الزبداني أرسلت قوات النظام تعزيزات عسكرية إلى المدينة بعد إطلاق الكتائب المقاتلة هناك عملية تحرير الزبداني ليل أول من أمس وشن هجوم على حواجز النظام.
من جهة، قتل 32 عنصرا في كتائب مقاتلة في كمين نصبته لهم قوات النظام في ريف درعا الغربي في جنوب البلاد أمس، وجرح وفقد العشرات غيرهم، بحسب ما ذكر المرصد السوري.
وأكد التلفزيون الرسمي السوري حصول الكمين، مشيرا إلى القضاء على عشرات الإرهابيين.
وفي سياق متصل، أفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا»، أمس أن «داعش» أطلق سراح شيخ عشيرة العكيدات في سوريا، خليل عبود الهفل، بعد يوم من اختطافه أثناء توجهه من دير الزور إلى دمشق في منطقة الشولا، والهفل كان نائبا في مجلس الشعب في دورات سابقة، بالإضافة إلى أنه شيخ عشيرة العكيدات في سوريا والعراق. وجاء ذلك بينما تدور معارك عنيفة بين مقاتلي «داعش» وأبناء عشيرة الشعيطات، أكبر فروع عشيرة العكيدات في دير الزور. وأظهر شريط مصور تفجير «داعش» منازل مواطنين في بلدتي أبو حمام والكشكية، التي يقطنها أبناء عشيرة الشعيطات، في ريف دير الزور الشرقي، الذين اعتبرهم التنظيم «طائفة كفر». وكانت العشيرة فقدت أكثر من 700 من أبنائها أعدموا على يد عناصر «داعش» بعد أن تراجعت عن مبايعتها التنظيم المتشدد.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.