حرب حوثية ضد التجار والباعة المتجولين

جرافة حوثية تستعد لهدم أحد المتاجر في صنعاء (الشرق الأوسط)
جرافة حوثية تستعد لهدم أحد المتاجر في صنعاء (الشرق الأوسط)
TT

حرب حوثية ضد التجار والباعة المتجولين

جرافة حوثية تستعد لهدم أحد المتاجر في صنعاء (الشرق الأوسط)
جرافة حوثية تستعد لهدم أحد المتاجر في صنعاء (الشرق الأوسط)

واصلت ميليشيات الحوثي تضييق الخناق على أصحاب المتاجر والباعة المتجولين وبائعي الأرصفة في العاصمة صنعاء، تارة بابتزازهم وإجبارهم على دفع مبالغ مالية كمجهود حربي، وتارة أخرى باعتقالهم وتدمير ونهب ومصادرة ممتلكاتهم التي تمثل مصدر رزقهم الوحيد. ونفذت ميليشيات الحوثي أمس (الأحد)، حملة مكثفة لملاحقة واختطاف البساطين والباعة المتجولين وأصحاب المتاجر في شارعي 20 وهائل وسوق السنينة بمديرية معين بالعاصمة صنعاء.
مصادر محلية أفادت لـ«الشرق الأوسط» بأن عناصر من الحوثيين أقبلوا على متن عربات مسلحة وبرفقة جرافة وشاحنتي نقل، واعتدوا على مالكي البسطات وباعة متجولين وخطفوا عدداً منهم ودمروا عدداً من المحال بالجرافة على امتداد سوق السنينة وشارعي 20 وهائل بالعاصمة صنعاء.
ووفقاً لسكان محليين، فإن متاجر دمرتها جرافة الحوثيين أمس فوق رؤوس أصحابها، في حين أغلقت أبواب البعض الآخر نتيجة عدم التزام أصحاب تلك المحال والبساطين بدفع ما عليهم من إتاوات وجبايات غير قانونية فرضتها عليهم مؤخراً الميليشيات الانقلابية.
ويقول أحمد حسن العتمي - صاحب بسطة خضار - إن هذه الإجراءات التعسفية التي اتخذتها جماعة الحوثي ضد البساطين والفراشين من الباعة المتجولين تأتي رغم دفعهم تحت قوة السلاح إتاوات غير قانونية فرضتها الميليشيا عليهم، بالإضافة إلى رسوم نظافة يدفعونها بشكل منتظم لمالكي الأسواق والجهات المختصة في المديرية التي يبيعون في نطاقها.
ويتساءل العتمي: «ما الذي تريده منا هذه الميليشيات بالضبط؟ هل تريد أن تستمر في مضايقتنا وتطفيشنا لنضطر بعدها لترك طلب البحث عن الرزق والذهاب للقتال بصفوفهم في الجبهات؟».
ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «أبعد عليهم من عين الشمس أن نترك أرزاقنا وأرزاق أسرنا ونذهب للقتال معهم في حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل».
وقبل أشهر قليلة، نفذت ميليشيا الحوثي حملة على أصحاب البسطات في السوق ذاتها، وادعت أنهم عملوا على تشكيل زحمة في الخط الذي تمر منه السيارات، وفرضت حينها غرامات مالية على كل مالك بسطة وصلت إلى 10 آلاف ريال (20 دولاراً)، وهو مبلغ وصفه أحمد العتمي بالكبير بالنسبة لبائع في بسطة رأس ماله متواضع جداً وبعضهم أجبرتهم فقط الظروف على العمل في البسطات.
وبحرقة شديدة وأعينه تذرف الدموع، يقول صاحب محل أحذية دمرته أمس (الأحد) جرافة الحوثيين: «إنما أشكو بثي وحزني إلى الله، هو الوحيد المنصف والجبار والمنتقم لي ولكل مظلوم من بطش وجبروت وقهر هذه الميليشيات».
وأجبر الوضع المتردي، الذي خلفه انقلاب ميليشيات الحوثي على الدولة، كثيراً من الأسر على العمل في مهن مختلفة وشاقة لتأمين لقمة العيش اليومية، وكل هذا العناء لم يعفهم من ملاحقات وفرض إتاوات وبلطجة تمارس من قبل الميليشيات الحوثية التي تنفذ حملات بين الحين والآخر.
وبدأت الحملة الميليشياوية الجديدة على البساطين والفراشين من الباعة المتجولين وأصحاب المحال مطلع أبريل (نيسان) الحالي، وتشمل مديريات أمانة العاصمة صنعاء العشر بتوجيهات من المدعو حمود عباد أمين العاصمة المعين من قبل الحوثيين.
وأصدر عباد توجيهاً آخر بإغلاق جميع المقاصف والبوفيهات في 980 مدرسة حكومية وأهلية بأمانة العاصمة، ما اعتبره مراقبون تطوراً خطيراً يزيد من تفاقم معاناة اليمنيين.
ولجأ مئات من الموظفين الذين صادرت ميليشيا الحوثي مرتباتهم منذ أكثر من 3 أعوام إلى مهنة التجارة، عبر فتح محلات وإنشاء بسطات تجارية صغيرة لإعالة أسرهم بعد أن تفاقمت معاناتهم وساءت ظروفهم المعيشية جراء الحرب واستمرار نهب الميليشيا لمرتباتهم الشهرية وحرمانهم منها.
ويعاني معظم السكان في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين من أزمة اقتصادية خانقة في ظل انقطاع الرواتب وارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية والمشتقات النفطية.
وبحسب تقرير صادر عن صندوق الأمم المتحدة للحالة الإنسانية في اليمن لعام 2019، «فإن هناك ما يقدر بنحو 24 مليون شخص (أكثر من 80 في المائة من السكان) بحاجة إلى نوع من المساعدة، من بينهم 14.3 مليون شخص في حاجة ماسة للمساعدة بزيادة مليوني شخص من عام 2018».
ونزح ما يصل إلى 4.3 مليون شخص في السنوات الثلاث الأخيرة، في حين ظل نحو 3.3 مليون شخص نازحين. وتضاعفت معاناة العائلات اليمنية من الأعباء الاقتصادية، خصوصاً في حالة الأسر المعيشية التي تجد النساء والفتيات فجأة أنفسهن مسؤولات عن إعالة أسرهن، بحسب تقرير الأمم المتحدة.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.