كشف أبو علي المباركي، القيادي في الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) عن إعداد المنظمة النقابية برنامجاً اقتصادياً واجتماعياً، وتقديمه إلى الأحزاب السياسية التي ستخوض الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، المبرمجة نهاية السنة الحالية.
وقال المباركي إن اتحاد الشغل سيدعم الحزب السياسي الذي سيتبنى برنامجه الانتخابي الذي يراعي الظروف الحالية في تونس، معتبراً أن هذا البرنامج يمثل «إجراء اجتماعياً تأسس على ضوء دراسات معمقة للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وقضايا التنمية» في تونس.
ويتضمن هذا البرنامج الانتخابي خصوصاً إقرار إجراءات صارمة ضد التهرب من الجباية، وتنفيذ برنامج تنمية يعتمد على التمييز الإيجابي للمناطق الفقيرة، ومعارضة شروط صندوق النقد الدولي في مجالات رفع الدعم عن المواد الاستهلاكية والمحروقات، والتخلي عن فكرة التخلص من المؤسسات العمومية وبيعها إلى القطاع الخاص. ويتماشى هذا الموقف مع تصريحات سابقة أدلى بها نور الدين الطبوبي، رئيس نقابة العمال، عن اهتمام النقابة ببرنامج مشاركتها في الانتخابات المقبلة، باعتبارها «معنية مباشرة بهذا الاستحقاق الانتخابي».
ولئن استبعد الطبوبي المشاركة بقوائم انتخابية في الاستحقاق البرلماني، أو التقدم بمرشح للانتخابات الرئاسية، فإنه عبر عن ضرورة مشاركة اتحاد الشغل في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، على اعتبار أن الاتحاد مثل خلال السنوات الماضية قوة اقتراح وطرح بدائل اقتصادية واجتماعية، لتجاوز الصعوبات التي تعرفها تونس.
وتخشى قيادات نقابية من الانغماس المباشر للتنظيم النقابي في الشأن السياسي. وترى أطراف نقابية نافذة أن المشاركة غير المباشرة، ودعم أحزاب سياسية وشخصيات مرشحة للانتخابات الرئاسية أفضل بالنسبة لها، لإبعاد شبهة «التخلي عن المطالب النقابية والانهماك في السياسة».
وفي هذا الشأن، قال جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي، لـ«الشرق الأوسط»، إن اتحاد الشغل يرغب في لعب دور سياسي، وقد انشغل بهذا الأمر من خلال توقيعه على «وثيقة قرطاج» التي انبثقت عنها حكومة الوحدة الوطنية سنة 2016، التي تولى رئاستها يوسف الشاهد. كما أنه اتخذ مواقف سياسية من حكومة الشاهد، حين دعم مطلب حزب النداء بزعامة حافظ قائد السبسي، الداعي إلى الإطاحة بحكومة الشاهد، ولكنه لا يرغب في ممارسة السلطة مباشرة، نظراً لتبعاتها المعقدة، على حد تعبيره.
ويرى العرفاوي أن بقاء اتحاد الشغل في صفوف المعارضة وخارج دائرة السلطة الرسمية وتقديمه بدائل اجتماعية واقتصادية، قد يخدم مصلحته أكثر، ومع ذلك فقد عينت الحكومات المتتالية قيادات نقابية في خطط وزارية، من بينها عبيد البريكي الذي شغل منصب وزير للوظيفة العمومية، ومحمد الطرابلسي وزير الشؤون الاجتماعية الحالي.
على صعيد آخر، أكد معز السلامي، رئيس «الجامعة التونسية للنقل» (تابعة نظرياً لمجمع رجال الأعمال) أنها ستشرع بداية من اليوم (الاثنين) في سلسلة من الاحتجاجات الاجتماعية في عدد من المدن التونسية، للمطالبة بتراجع الحكومة التونسية عن الزيادة التي أقرتها قبل نحو أسبوع على أسعار المحروقات.
وأشار إلى برمجة مجموعة من التحركات الميدانية لمدة نصف يوم في مرحلة أولى، وتشمل تلك التحركات إغلاق الطرقات، والتوقف عن العمل على مستوى منطقة باب سعدون بالمدخل الغربي للعاصمة التونسية، وأمام البرلمان التونسي، علاوة على باب عليوة الواقع بالمدخل الجنوبي للعاصمة.
وأكد انضمام عدة أطراف نقابية أخرى إلى موجة الاحتجاجات خلال يومي الأربعاء والخميس. وأشار إلى أن المتضررين من الزيادة في أسعار المحروقات سيعتصمون في تلك المواقع إلى حين التراجع عن القرار الحكومي، على حد قوله.
وكانت المنظمات النقابية التونسية الكبرى، قد أعلنت يوم السبت الماضي عن معارضتها للقرار الحكومي المتعلق بالزيادة في أسعار المحروقات، التي خلفت احتجاجات متنوعة وغلقاً لعدد من الطرقات، ودعوات للتراجع عنها. وأكد كل من اتحاد الشغل (نقابة العمال) واتحاد الصناعة والتجارة (مجمع رجال الأعمال) واتحاد الفلاحين، عن استنكارهم الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات، معبرين عن «مساندتهم كل التحركات الاحتجاجية السلمية باعتبارها حقاً دستورياً وتعبيراً مشروعاً عن الصعوبات التي يجابهها الأجراء والفلاحون والمهنيون وأصحاب المؤسسات».
واعتبرت هذه المنظمات الوطنية الثلاث ذات الثقل الاجتماعي والاقتصادي المهم، أن هذه الزيادة غير المنطقية وغير المبررة لأسعار المحروقات، ستكون لها «انعكاسات سلبية جداً على القدرة الشرائية للأجراء، وعلى نشاط الفلاحين والبحارة، وعلى المؤسسات الاقتصادية، وخصوصاً في قطاعي الصناعة والنقل بكل أصنافهما»، وطالبت الحكومة بالتراجع الفوري عنها.
نقابة العمال تعرض «برنامجاً انتخابياً» على الأحزاب التونسية
نقابة العمال تعرض «برنامجاً انتخابياً» على الأحزاب التونسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة