أونيل هيرنانديز: أحلم باللعب لمنتخب كوبا ولو من دون مقابل

جناح فريق نوريتش الإنجليزي يطالب مسؤولي بلاده برفع الحظر عن اللاعبين المحترفين بالخارج

هيرنانديز يأمل أن يضع بصمته في نادي نوريتش كأول محترف كوبي بالكرة الإنجليزية
هيرنانديز يأمل أن يضع بصمته في نادي نوريتش كأول محترف كوبي بالكرة الإنجليزية
TT

أونيل هيرنانديز: أحلم باللعب لمنتخب كوبا ولو من دون مقابل

هيرنانديز يأمل أن يضع بصمته في نادي نوريتش كأول محترف كوبي بالكرة الإنجليزية
هيرنانديز يأمل أن يضع بصمته في نادي نوريتش كأول محترف كوبي بالكرة الإنجليزية

لا يتذكّر اللاعب أونيل هيرنانديز أنه لمس الكرة ولو لمرة واحدة طيلة السنوات الست الأولى من عمره، فكثيراً ما أقدم هو وأصدقاؤه عندما كان يعيش بمدينة موران بوسط كوبا على سرقة الفاكهة من الأشجار، واللعب بقطع الرخام في الشارع، لكن لحظات السعادة الحقيقية بالنسبة له هي تلك التي كان يمعن فيها النظر إلى السماء محدقاً في الطيور، وكانت أغلى أمانيه أن يقتنى قفصاً صغيراً يضمّ بعضها.
وعن تلك المرحلة من عمره، يقول هيرنانديز: «لقد أحضر لي عمي عشرة طيور، وكنا نطلقها في حديقة البيت خلال ساعات النهار وكانت تعود إلى أعشاشها مع حلول المساء. في الحقيقة لا يملك الناس في كوبا كثيراً من هذه الطيور، وكنت أحد القلائل الذين يمتلكونها، وهكذا كانت فترة شبابي».
لكن أخيراً بات لكوبا نوع من عصافير الكناري المغردة حول العالم. فقد أصبح فرنانديز عضواً مميزاً في فريق نوريتش سيتي بقيادة الألماني دانيل فاراك الذي اعتلى جدول مسابقة دوري الدرجة الأولى وبدا قاب قوسين أو أدنى من الترقي للدوري الممتاز الإنجليزي، رغم عدم توقع الغالبية العظمى حدوث ذلك في أغسطس (آب) الماضي. فقد كان أداؤه في مركز الجناح عاملاً حاسماً في نتائج الفريق، ومن المتوقَّع أن يكون أول لاعب كوبي المولد يظهر في الدوري الإنجليزي الممتاز.
وفي هذا الإطار، يقول هيرنانديز: «من المدهش أن ترى هذا الكمّ من الرسائل التي تصل إليّ من الناس كل يوم. تصلني عبر (إنستغرام) و(فيسبوك) من أبناء جالية الكوبية في الولايات المتحدة وفي غيرها من دول العالم ليعبروا من خلالها عن سعادتهم وفخرهم بي. ما يحدث أمر لا يُصدَّق».
لكن كل هذا لم يكن ليحدث لو لم يغادر الطفل هيرنانديز إلى ألمانيا بعد أن قضى فترة طفولة لم يحظَ خلالها بأي رعاية تُذكر. فخلال الفترة ما بين عامي 1961 – 2016 لم يكن مسموحاً للاعبي كرة القدم في كوبا بتوقيع عقد احتراف كامل، وهو القانون الذي منع فيديل كاسترو بمقتضاه احتراف الرياضة. لكن ذلك لم يمنع العشرات من الانشقاق والهرب إلى الولايات المتحدة، لكن في حالة هيرنانديز، كان التغيير في ظروف العائلة هو ما دفع الأمور للسير في اتجاه مختلف.
وعن وصوله إلى ألمانيا للعيش برفقه والدته يانسي وزوجها الألماني إيوالد، قال هيرنانديز: «لقد بدأت حياتي في ألمانيا»، ولم يكن قد رأي والدته طيلة عامين ولم يكن يعلم ما يجرى عندما اصطحبته جدته هو وشقيقته الأكبر إلى المطار بكوبا للتوجه إلى ألمانيا. ولكي تجعله يكف عن البكاء، زعمت جدته أنها ستشتري له السيارة الكبيرة التي سيستقلها إلى المطار، وبعد ذلك بوقت قصير أقلعت بهم الطائرة متوجهة إلى ألمانيا.
كان زوج أمه إيوالد مدرباً لفريق «توس وستفاليا نانكريتشن» الذي يبعد مسافة قصيرة عن بيتهم بمدينة «غترسلوه»، واعتقد أن كرة القدم قد تكون السبيل الوحيدة لجعل الطفل الصغير يندمج مع مجتمعه الجديد. قال: «لقد جعلني ألعب كرة القدم وتولي تدريبي وفعل كل شيء من أجلي ودعمني. لقد رأى فيَّ شيئاً، وكان الأمر مدهشاً، فهو في النهاية زوج أمي، ولم يكن مُطالَباً ببذل كل هذا الجهد معي، ولذلك أشعر بالامتنان كثيراً له. لولا وجوده ما كان لي أن أصل لما وصلت إليه اليوم. ربما كانت بقيت في كوبا ألعب مع الطيور».
لم يكن الفتي الصغير يدرك حتى بلوغه سن الرابعة عشرة أن كرة القدم يمكن أن تكون مهنته المقبلة إلى أن التحق بنادي «أرمينيا بيفيلد»، ويقول هيرنانديز: «حينها قلت لنفسي: شيء ما هنا يمكن أن يغير حياتك، يمكن أن تصبح لاعب كرة قدم». وكان أول مباراة خاضها في سن السابعة عشرة تحت قيادة المدرب كريستيان زيغ.
بعد ذلك انضم هيرنانديز إلى فريق فيردر بريمن تحت 23 عاماً، قبل أن ينتقل إلى رديف (بدلاء) فريق فولفسبرغ، لكن هيرنانديز شعر بأنه سيعيش حالة ركود في هذا المكان فانتقل إلى فريق «إنتراخت براونشويغ» الذي كان قاب قوسين أو أدني من الصعود إلى دوري الدرجة الأولى (البوندسليغا) الألماني موسم 2016 - 2017 وبحلول يناير (كانون الثاني) التالي كان مستواه كفيلاً بإقناع المدرب فاراك في ضمه إلى نوريتش الإنجليزي معتمداً على معرفته به خلال عمل الأخير لمدة ست سنوات في تدريب فريق «إس في لابستاد» الذي يبعد عن بيت هيرنانديز مسافة 10 أميال.
يتذكر هيرنانديز تلك الفترة قائلاً: «كان يعرفني جيداً بالفعل، وكان يقول لي: أنت جيد في هذا، أنت رائع في ذاك، أنا سعيد أنك أتيت إلى هنا. كان يعرف الكثير عني، وكانت أتعجب كيف عرف كل ذلك؟».
يعشق هيرنانديز اللعب لفريق نوريتش ويقول: «أشعر أن فاراك قد غير فلسفتي في كرة القدم وجعلني أفضل بنسبة 100 في المائة»، ويعتقد هيرنانديز أنه بالإضافة إلى السرعة واللياقة البدينة التي يتطلبها اللعب في ألمانيا، فإن جذوره الكوبية قد جلبت له «الإيقاع». اللافت أن الجناح الكوبي سجل ستة أهداف حتى الآن، وفي المباراة الأخيرة أمام فريق أبسويتش الشهر الماضي قدم اللاعب أداءً بطولياً.
من ضمن الأشياء التي يمكن لهيرنانديز أن يحلم بها اللعب لمنتخب كوبا. فقد تلقي دعوة للانضمام إلى منتخب الشباب الألماني تحت 18 عاماً عام 2010، لكنه يحمل جواز سفر كوبياً.
كثيراً ما سافر اللاعب الكوبي لزيارة شقيقته يانيسي التي عادت إلى بلادها وتعيش حالياً في مزرعة تضم 30 بقرة و10 خيول وعدداً من الخنازير. لكن بالنسبة له، فإن اللعب ضمن صفوف منتخب كوبا غير وارد، وذلك نظراً لقرار الحظر الذي يمنع انضمام اللاعبين المحترفين بالخارج إلى فرقهم القومية الكوبية.
وتعليقاً على هذا الوضع، قال هيرنانديز: «إنه لأمر محزن لأننا نملك عدداً من اللاعبين الجيدين بمختلف دول العالم ونريد مساعدة فرقنا القومية. لا نريد مالاً مقابل ذلك، نريد أن نلعب من دون مقابل. لقد تحدثَتْ والدتي مع مدرب المنتخب الكوبي ومع اتحاد كرة القدم وأخبرتني أن لا شيء بأيديهم، لكنهم يتمنون عودتي للعب في صفوف منتخب بلادي يوماً ما».
واستطرد هيرنانديز قائلا: «هناك العديد من الساسة الذين لا يرغبون في دعم كرة القدم. هم يدعمون كرة السلة، والبيسبول، والملاكمة وغيرها من الألعاب، لكن لا يهتمون بكرة القدم. لا أعرف السبب في ذلك، لكن الأمر يبعث على الضيق».
وفي بادرة إلى أن الأوضاع قد تتغير ولو ببطء، وجَّه مدرب المنتخب الكوبي راؤول مديروس الدعوة لفرنانديز لحضور مباراة أمام جمهورية الدومينيك في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وبالفعل سافر اللاعب وتدرب والتقى بالفريق لكن لم يسمح له بالمشاركة. وعلق اللاعب بقوله: «كنت فخوراً جداً، أشعر بأن الحظر بات قريباً من الرفع، فهذا أحد أكبر أحلامي».
سيكون الأمر لا يُصدق لو أنني لعبت في منتخب كوبا وفي الدوري الإنجليزي الممتاز. فكوبا دولة ذات تاريخ عريق، ويكفي أن لدينا زعماء بحجم فيديل كاسترو، وتشي غيفارا. أن تكون كوبياً وتلعب في الدوري الإنجليزي الممتاز ضمن صفوف فريق «نوريتش»، سيكون ذلك قمة النجاح.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».