سلامة: الملتقى الجامع في موعده... «إلا إذا أرغمتنا ظروف قاهرة»

روسيا ومصر تشددان على الحل السياسي... وإيطاليا تدعو حفتر للاستماع إلى تحذيرات المجتمع الدولي

غسان سلامة يتحدث في مؤتمر صحافي في طرابلس (أ.ف.ب)
غسان سلامة يتحدث في مؤتمر صحافي في طرابلس (أ.ف.ب)
TT

سلامة: الملتقى الجامع في موعده... «إلا إذا أرغمتنا ظروف قاهرة»

غسان سلامة يتحدث في مؤتمر صحافي في طرابلس (أ.ف.ب)
غسان سلامة يتحدث في مؤتمر صحافي في طرابلس (أ.ف.ب)

قال المبعوث إلى ليبيا الدكتور غسان سلامة، قال إن «المؤتمر الوطني الجامع لا يزال في موعده المقرر انعقاده منتصف الشهر الحالي، في مدينة غدامس»، لكنه استدرك: «إلا إذا أرغمتنا ظروف قاهرة»، في إشارة إلى التطورات العسكرية في طرابلس.
وطمأن سلامة الليبيين، خلال مؤتمر صحافي في طرابلس، أمس، عقب لقائه رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، وقال: «نريد أن نطمئن الليبيين أننا باقون إلى جانب الشعب لإنجاح العملية السياسية دون اللجوء إلى التصعيد». ومضى يقول: «نحن إلى جانب الليبيين، لن نتركهم لأنفسهم، ولن نكفّ عن العمل ليلاً ونهاراً لتخفيف حدة القتال، لمنع التصعيد ولاستصدار موقف دولي موحد يؤيد توجهنا، نحو إحياء العملية السياسية، نحو لمّ الشمل بين كل أطراف والتخلي عن لغة السلاح والتصعيد».
وقطعت البعثة الأممية لدى ليبيا شوطاً كبيراً باتجاه الاستعداد للملتقى المزمع عقده من 14 إلى 16 أبريل (نيسان) الحالي في غدامس (جنوب غربي البلاد)، الذي يستهدف وفق خطتها تحديد موعد للانتخابات النيابية والرئاسية.
وقال سعيد إمغيب، عضو مجلس النواب عن مدينة الكفرة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أن الظروف القاهرة بالنسبة لغسان سلامة، والمفرحة لكل الشعب الليبي سوف تمنع انعقاد المؤتمر الجامع»، وأوضح: «في تصوري بمجرد دخول القوات المسلحة إلى طرابلس فسوف تطوى صفحة كبيرة جداً من صفحات المشكل الليبي، ولن يحتاج الليبيون إلى مؤتمر جامع». غير أن تأكيدات سلامة بالإبقاء على موعد المؤتمر الجامع، استقبلها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في القاهرة، أمس، قبل لقاء نظيره سامح شكري، باستغراب، مؤكداً معارضته لما سماه «المواعيد المصطنعة» للتسوية في ليبيا، دون توضيح ما يعنيه.
وحرص المسؤول الروسي على التأكيد أن بلاده «على اتصال مع كل الأطراف» في ليبيا لكنها لا تدعم أي طرف، وقال في مؤتمر صحافي نقله التلفزيون المصري: «نأمل بأن يقرر الليبيون مستقبلهم بأنفسهم والبدء بحوار شامل من دون أي نوع من المواعيد المصطنعة، التي يحاول البعض أن يفرضها عليهم من الخارج، ومن دون دفعهم للإسراع رغماً عنهم».
وتطابقت الرؤية المصرية مع ما أكده المسؤول الروسي، إذ ذهب وزير خارجيتها سامح شكري، أمس، إلى أن الأزمة الليبية «لن تحل إلا بالحوار، بعيداً عن العمليات العسكرية». وأضاف: «الأزمة في ليبيا لن تحل من خلال اللجوء للوسائل العسكرية، وإنما من خلال الحوار المعبر عن إرادة الشعب الليبي».
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية، أن نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف تحدث مع حفتر هاتفيا، وأكد له موقف روسيا الداعم لإيجاد حلول سياسية لكل النزاعات الدائرة في ليبيا. وأعلنت كل من ألمانيا والأمم المتحدة عزمهما على عدم تفاقم الوضع في ليبيا وتخفيف التوتر في الأوضاع هناك، فيما قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أمس، إن «على حفتر دعم عملية الأمم المتحدة في ليبيا»، كما «يجب أن يتوقف الوضع الحالي هناك، وعلى جميع الأطراف عدم التصعيد».
وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، أمس، إن مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى تشعر بقلق عميق إزاء تطورات الأوضاع في ليبيا، مضيفاً أنها «اتفقت على ضرورة الضغط على المسؤولين عن التصعيد العسكري في ليبيا، وخاصة حفتر».
ودعا وزير الخارجية الإيطالي إنزو ميلانيزي، حفتر، أمس، إلى الاستماع لتحذيرات المجتمع الدولي ووقف الزحف نحو طرابلس، وإلا «فإن المجتمع الدولي سيرى ما يمكن عمله».



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.