ما زالت واشنطن تصر على أن كل الخيارات ما زالت مطروحة في تعاملها مع الأزمتين السياسية والإنسانية في فنزويلا، لكن مع استبعاد أي حل عسكري في الوقت الراهن، فإن البيت الأبيض يستخدم كل الأدوات السياسية والاقتصادية المتاحة للضغط على حكومة نيكولاس مادورو، التي لا يعترف بشرعيتها. وفرضت الجمعة، عقوبات جديدة على 34 سفينة تابعة لمجموعة النفط الفنزويلية الحكومية (بيديفيسا) لتعزيز الضغط على مادورو الذي تطالب برحيله. وفرضت واشنطن من قبل عقوبات على شركة النفط الوطنية في محاولة لخنق معسكر مادورو اقتصادياً.
وقال نائب الرئيس الأميركي مايك بنس إن «نفط فنزويلا ملك للفنزويليين»، مؤكداً أن «الولايات المتحدة ستواصل ممارسة كل ضغط دبلوماسي اقتصادي ممكن للتوصل إلى انتقال سلمي إلى الديمقراطية»، لكنه أكد مجدداً أن «كل الخيارات» مطروحة. وقال: «ليس من مصلحة نيكولاس مادورو اختبار تصميم الولايات المتحدة».
وأعلن بنس في خطاب في هيوستن بولاية تكساس أن شركتين وسفينة أخرى متهمة كلها بنقل النفط الخام إلى كوبا، أضيفت إلى اللائحة السوداء الأميركية. وأوضحت وزارة الخزانة الأميركية أن الشركتين هما «باليتو باي شيبينغ إينكوربوريتد» المتمركزة في ليبيريا و«بروبر إن مانيجمنت اينكوربوريتد» التي تتخذ مقراً لها في اليونان. أما السفينة فهي ناقلة النفط «ديسبينا أندريانا».
وكانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب اعترفت في يناير (كانون الثاني) الماضي بخوان غوايدو رئيساً بالوكالة لفنزويلا بدلاً من نيكولاس مادورو. لكن ضغوطها والعقوبات الكثيرة التي فرضتها لم تؤدِ حتى الآن إلى رحيل الرئيس الاشتراكي الذي ما زال مدعوماً من دول عدة بينها روسيا وكوبا. ويعقد مجلس الأمن الدولي الأربعاء، اجتماعاً بطلب من الولايات المتحدة وبحضور بنس، لمناقشة الأزمة الإنسانية التي تتخبّط فيها فنزويلا. وقال دبلوماسيون إنّ مجلس الأمن سيلتئم في جلسة علنية الأربعاء، بناء على طلب تقدّمت به الخميس، واشنطن القلقة من تدهور الوضعين السياسي والاقتصادي في فنزويلا وتداعيات ذلك على العائلات والأطفال في هذا البلد.
ولاحقاً قال بنس في خطاب ألقاه في هيوستن بولاية تكساس: «يوم الأربعاء المقبل، سأخاطب مجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في فنزويلا». وأضاف نائب الرئيس الأميركي أنّ «الولايات المتحدة ستحضّ العالم على نبذ نظام مادورو الفاشل والوقوف إلى جانب الشعب الفنزويلي ومساعدتنا في إنهاء الأزمة الإنسانية». وشدّد بنس على أنّ «الولايات المتحدة تدعو اليوم كل دولة إلى الاعتراف بخوان غوايدو رئيساً لفنزويلا وعلى الوقوف إلى جانب الحرية».
وينسب مادورو الأزمة الإنسانية التي تعاني منها بلاده إلى العقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة عليها، لكنّ المعارض خوان غوايدو يؤكّد أنّ الفساد الحكومي هو السبب. واعترفت الولايات المتحدة وأكثر من 50 دولة في يناير (كانون الثاني) بغوايدو رئيساً انتقالياً لفنزويلا. وطلبت واشنطن في فبراير (شباط) من مجلس الأمن إصدار قرار يدعو إلى إجراء انتخابات رئاسية جديدة في فنزويلا وإيصال المساعدة الإنسانية من دون أي عوائق، لكن روسيا والصين لجأتا إلى الفيتو. ونشرت منظمة «هيومان رايتس ووتش» غير الحكومية ومجموعة من الخبراء الأميركيين في مجال الصحة الخميس، تقريراً تحدثوا فيه عن نقص حاد في الأدوية والمواد الغذائية في فنزويلا، إضافة إلى انتشار الأمراض. ولفتوا إلى «وضع إنساني ملحّ ومعقّد»، مطالبين الأمم المتحدة بالردّ بهدف إيجاد حلّ للأزمة.
وفي الأمس، حشد غوايدو من جديد مناصريه لإبقاء الضغط على الرئيس مادورو، وسط استياء الفنزويليين الذين يواجهون انقطاعاً للمياه والتيار الكهربائي. وككل مرة خلال السنوات الأخيرة، تدعو حكومة مادورو التي لا تنوي ترك الساحة لخصومها، إلى مظاهرة مضادة أيضاً في منتصف النهار. وكتب غوايدو الذي اعترفت به أكثر من 50 دولة رئيساً انتقالياً للبلاد، في تغريدة الجمعة: «لنكن حاضرين في الشارع. هذا النضال هو من أجل ظروف أفضل لحياة جميع الفنزويليين». ويسعى المعارض البالغ من العمر 35 عاماً عبر هذه المظاهرة إلى إعطاء زخم جديد لما سمّاه «عملية حرية».
وفي الأيام الأخيرة، عززت السلطات الفنزويلية من جهتها ضغطها على غوايدو، فرفعت عنه الحصانة البرلمانية ما يتيح مواصلة الإجراءات الجنائية بحقه. ويصعب التكهن بالنتائج العملية لهذه القرارات في هذا البلد، حيث لا أحد يعترف بشرعية أحد. وأكد غوايدو أن «لا شيء» سيوقفه.
وشهدت فنزويلا أسوأ تقنين للتيار الكهربائي في مطلع مارس (آذار). ومنذ نحو 10 أيام، تغرق في الظلام جراء انقطاع الكهرباء بشكل متقطع ولفترات منتظمة، ما يخلق مشاكل في توزيع مياه مع توقف مضخات مياه المنازل والمباني التي تعمل على الكهرباء.
وخفضت الحكومة ساعات العمل من 8 إلى 6 ساعات وعلّقت الدروس في المدارس. وسيكون هناك تقنين للكهرباء أيضاً خلال الشهر الحالي.
وقال فيروني مانديز (48 عاماً) الذي يعاني من انقطاع المياه منذ شهرين، لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحن متعبون، لكن يجب أن ننزل إلى الشارع لأنها الطريقة الوحيدة لجعل هؤلاء الناس يرحلون!». وأمام الآبار ومجاري الصرف الصحي والينابيع، يقف الفنزويليون في طوابير طويلة بانتظار تعبئة مياه قد يستخدمونها في مراحيضهم أو للاستحمام. ودعا مادورو السكان إلى تخزين المياه ما يشير إلى أن المشكلة ستطول.
وحسب تقرير داخلي للأمم المتحدة، اطلعت عليه وكالة الصحافة الفرنسية الأسبوع الماضي، يحتاج 7 ملايين شخص، أي نحو ربع الشعب الفنزويلي، إلى مساعدة إنسانية ويعانون من نقص في المواد الغذائية والرعاية الطبية.
واشنطن تفرض عقوبات على 34 سفينة فنزويلية
واشنطن تفرض عقوبات على 34 سفينة فنزويلية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة