حزب العمل الإسرائيلي يفقد عدداً من مؤيديه لصالح الجنرال غانتس

TT

حزب العمل الإسرائيلي يفقد عدداً من مؤيديه لصالح الجنرال غانتس

فقد حزب العمل الإسرائيلي عدداً من مؤيديه الذين انتقلوا إلى تأييد قائمة «أبيض أزرق» التي يتزعمها الجنرال بيني غانتس. وتستظهر نتائج استطلاعات الرأي في إسرائيل أن حزب العمل، الذي هيمن على الحياة السياسية لفترة طويلة، لن يحصل على أكثر من عشرة مقاعد في الكنيست من أصل 120 في الانتخابات التي ستجري بعد غدٍ. وطالما منح إيال فاردي، الستيني، صوته لصالح الحزب لكنه قرر أن يصوّت في هذه الانتخابات لقائمة لديها فرصة للفوز، لذا فقد قرر دعم قائمة «أبيض أزرق». وأضاف الرجل المقيم في موتزا إيليت البلدة الغنية القريبة من القدس، أن حزب العمل وقائمة غانتس «لا فرق بينهما. لذا، سأمنح صوتي» لقائمة غانتس لأنه من الممكن أن يفوز على الليكود بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته، بنيامين نتنياهو. وتابع فاردي أن أعضاء حزب العمل ابتعدوا عن أصولهم اليسارية.
وحضر فاردي جلسة للمرشح عن قائمة «أبيض أزرق» مايكل بيتون في منزل أحد سكان البلدة. وكان بيتون رئيس بلدية إحدى مدن جنوب إسرائيل تحت لواء حزب العمل. لكنه انضم إلى الوسطيين في قائمة «أبيض أزرق» في الانتخابات التشريعية. وتعكس استقالة بيتون والملاحظات المخيبة للآمال التي أبداها فاردي حالة الاستياء الشديد التي يواجهها حزب العمل بعد أن هيمن على الساحة السياسية الإسرائيلية لفترة طويلة. وبقي حزب العمل، الوريث لمختلف الأحزاب اليسارية، في السلطة منذ قيام دولة إسرائيل عام 1948 حتى عام 1977. كما حكم مرة أخرى مدة 8 سنوات، بما في ذلك عامان ضمن حكومة ائتلافية مع الليكود.
وخلال هذه الفترة، مطلع التسعينات، تم توقيع اتفاقات أوسلو مع الفلسطينيين التي كان ينبغي أن تشكل خطوة تاريخية نحو تسوية سلمية. وقام بالتفاوض على الاتفاقيات من الجانب الإسرائيلي حزب العمل بزعامة رئيس الوزراء إسحق رابين ووزير الخارجية شيمون بيريز. لكن متطرفاً يهودياً أقدم على قتل رابين في أواخر عام 1995. وفي وقت مبكر من عام 1996 فقد حزب العمل السلطة، لكنه استعادها لفترة قصيرة بين عامي 1999 و2001. وفي الانتخابات التشريعية الأخيرة عام 2015، أتاح تحالف اللحظة الأخيرة مع حزب تسيبي ليفني لقائمة «الاتحاد الصهيوني» الفوز بـ24 مقعداً في الكنيست ليصبح ثاني أكبر قوة في البرلمان. لكن هذا العام لا يأمل حزب العمل في الوصول إلى أفضل من المركز الثالث.
من جهته، يقول شموئيل روزنر، الباحث في «معهد سياسة الشعب اليهودي» في إسرائيل إن «حزب العمل مرتبط تاريخياً بعملية أوسلو». ويضيف الباحث أن أوسلو لم تحقق الوعد بالسلام، كما أن الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، تعني الفشل بالنسبة للكثير من الإسرائيليين، مشيراً إلى توجه الناخبين نحو اليمين. وتابع روزنر: «بمجرد أن يرفض الإسرائيليون عملية أوسلو أضاع حزب العمل فرصة الاتجاه نحو الوسط، وقد استغرق وقتاً طويلاً للغاية كي يفهم أن الريح قد تغيرت». انتقلت أحزاب أخرى إلى الوسط في الساحة السياسية بينما احتل حزب ميريتس يسار حزب العمل، وهو حزب علماني اشتراكي تأسس عام 1992.
يثير الباحث أيضاً العامل الديموغرافي، مشيراً إلى أن النموذج التقليدي لناخب حزب العمل هو «أشكنازي يهودي علماني، يسكن المناطق الريفية». لكن النمو السكاني يشهد تزايداً في أعداد اليهود الشرقيين والتقليديين في المدن، ممن لم يتمكن الحزب من التواصل معهم. وباختياره عام 2017 آفي غاباي اليهودي من أصل مغربي رئيساً، بدأ حزب العمل استجابة أولية لهذه التغييرات. كما أنه بات يعتمد أيضاً مواقف أقل تصالحية حيال الفلسطينيين، والمزيد من وجهات النظر الوسطية إزاء مجموعة متنوعة من المواضيع. ورغم الصعوبات التي يواجهها، لم يفقد الحزب كل مؤيديه.
تبدي تانيا موركيس (34 عاماً) من سكان بلدة مودين (وسط)، تردداً بين «أبيض أزرق»، وحزب العمل وميريتس. وأضافت مديرة منتدى «دفورا»، منظمة غير حكومية تدافع عن وجود المرأة في مؤسسات السياسة الخارجية والأمن القومي: «أعتقد أنني في النهاية سأمنح صوتي لحزب العمل، من أجل تعزيز اليسار الإسرائيلي». وإذا كان حزب العمل قوياً فسيشكل «ثقلاً موازناً لليمين الذي يتمتع بالقوة اليوم».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.