زيارة الوفد البرلماني البريطاني إلى طهران تثير جدلا في الأوساط المتشددة

مجلس الشورى يستجوب وزير الاستخبارات الإيراني بشأن لقاء جمع وفدا أوروبيا ومعارضين

جانب من لقاء الوفد البرلماني البريطاني برئاسة وزير الخارجية الأسبق جاك سترو نوابا إيرانيين في طهران، أمس (إ.ب.أ)
جانب من لقاء الوفد البرلماني البريطاني برئاسة وزير الخارجية الأسبق جاك سترو نوابا إيرانيين في طهران، أمس (إ.ب.أ)
TT

زيارة الوفد البرلماني البريطاني إلى طهران تثير جدلا في الأوساط المتشددة

جانب من لقاء الوفد البرلماني البريطاني برئاسة وزير الخارجية الأسبق جاك سترو نوابا إيرانيين في طهران، أمس (إ.ب.أ)
جانب من لقاء الوفد البرلماني البريطاني برئاسة وزير الخارجية الأسبق جاك سترو نوابا إيرانيين في طهران، أمس (إ.ب.أ)

تشهد الأوساط الإيرانية جدلا بشأن زيارة الوفد البرلماني البريطاني، المكون من أربعة نواب برئاسة وزير الخارجية الأسبق جاك سترو، إلى طهران منذ أول من أمس، وسط تساؤلات عن أغراضها وتحذيرات من لائحة الزيارات التي سيجريها خلال وجوده في العاصمة الإيرانية. وفي غضون ذلك، استجوب مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) وزير الاستخبارات بشأن لقاء جمع بين وفد أوروبي وناشطين معارضين داخل السفارة اليونانية في طهران.
وبالتزامن مع زيارة الوفد البرلماني البريطاني الرسمية لطهران، أعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية أن وفودا برلمانية أخرى، منها وفد كندي، ستزور إيران. غير أن محد رضا باهنر، نائب رئيس البرلمان الإيراني، حذر من قائمة الزيارات التي سيجريها الوفد البريطاني في إيران.
ولم يدرج إجراء لقاءات مع الرئيس الإيراني حسن روحاني ورئيس البرلمان علي لاريحاني على جدول أعمال الوفد البرلماني البريطاني في طهران. وأفادت قناة «بي بي سي»، الناطقة بالفارسية، أن هذه الزيارة تأتي ردا على دعوة من مجموعة الصداقة البرلمانية الإيرانية - البريطانية في مجلس الشورى الإيراني، في الوقت الذي عدت وسائل الإعلام الإيرانية أنها جاءت بناء على طلب شخصي من وزير الخارجية البريطاني الأسبق سترو، الذي يتولى حاليا رئاسة مجموعة الصداقة البرلمانية البريطانية - الإيرانية.
ويضم الوفد البريطاني اللورد نورمان لامونت وزير المالية الأسبق وعضو مجلس الأعيان عن حزب المحافظين، وجيرمي كوربن عضو البرلمان البريطاني عن حزب العمال، وبن والاس عضو البرلمان البريطاني عن حزب المحافظين.
ونقلت قناة «خبر» الحكومية في إيران عن النائب عباس علي منصوري أراني، رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية الإيرانية - البريطانية، أن الزيارة جاءت بناء على طلب شخصي من سترو لزيارة إيران. وأضافت القناة، نقلا عن منصوري أراني، أن الزيارة ستستغرق ثلاثة أيام، يلتقي خلالها عددا من المسؤولين السياسيين والاقتصاديين في إيران.
وأضاف منصوري أراني، في تصريح صحافي، إثر اللقاء مع الوفد البريطاني، أن «مجموعة الصداقة البرلمانية الإيرانية - البريطانية في البرلمان الإيراني أبلغت الوفد البريطاني طلبها المتمثل في رفع العقوبات الدولية ضد إيران». وتابع أن «هذه الزيارة تهدف إلى تحسين العلاقات البريطانية - الإيرانية، وتعزيز التعاون الثنائي في الشؤون السياسية والاقتصادية».
وكان سترو التقى، أول من أمس، وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، وناقش الجانبان القضايا الإقليمية، وخاصة الأوضاع في سوريا والملف النووي الإيراني والعلاقات الثنائية بين البلدين.
ونقلت وكالة «فارس» الإيرانية للأنباء عن النائب المحسوب على التيار المتشدد في البرلمان الإيراني روح الله حسينيان قوله: «أعارض شخصيا بناء علاقات جادة مع بريطانيا، لأن البريطانيين لن يحسنوا لإيران، وقد خانوا إيران دوما». وأضاف: «فقدنا مدينة هرات في عهد الشاه ناصر الدين القاجاري في القرن التاسع عشر بسبب الغدر البريطاني. وأدت التدخلات البريطانية إلى احتلال جزء من الأراضي الإيرانية خلال الحرب العالمية الأولى التي راح ضحيتها 10 ملايين شخص إثر المجاعة. کما لا ننسى الغدر البريطاني لإيران خلال حركة تأميم النفط في عام 1951».
وأضاف حسينيان: «ولم تخف وتيرة غدر البريطانيين لإيران بعد قيام الثورة الإسلامية، منها تعليق تخصيب اليورانيوم الذي فرضه جاك سترو بنفسه على إيران، مما أدى إلى استخفاف وتحقير الشعب الإيراني».
وفي غضون ذلك، استدعى البرلمان الإيراني وزير الاستخبارات محمد علوي للرد على أسباب تلكؤ وإهمال الوزارة بشأن الزيارة التي أجراها وفد برلماني أوروبي الشهر الماضي إلى إيران. ولم ينجح علوي في الرد المناسب على الاستجواب الذي أجرته لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في البرلمان الإيراني، وذلك احتجاجا على اللقاء الذي جمع الوفد الأوروبي بالناشطين من المعارضة جعفر بناهي ونسرين ستوده بمقر السفارة اليونانية في طهران. وأثار اللقاء المذكور استياء وامتعاض التيار المحافظ والمتشدد في إيران.
ولا يبدو أن الوفد البريطاني أو الوفود البرلمانية الأخرى التي ستزور إيران ستحظى بفرصة إجراء لقاء أو مفاوضات مع الناشطين من المعارضة الإيرانية.



إجراءات أمنية مشدَّدة استعداداً لجنازة وزير أفغاني قُتل في تفجير انتحاري

صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
TT

إجراءات أمنية مشدَّدة استعداداً لجنازة وزير أفغاني قُتل في تفجير انتحاري

صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)

فرضت أفغانستان إجراءات أمنية مشددة، الخميس، قبل جنازة وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» خليل حقاني الذي قُتل في تفجير انتحاري أعلنت مسؤوليته جماعة تابعة لتنظيم «داعش».

وزير شؤون اللاجئين والعودة بالوكالة في حركة «طالبان» الأفغانية خليل الرحمن حقاني يحمل مسبحة أثناء جلوسه بالمنطقة المتضررة من الزلزال في ولاية باكتيكا بأفغانستان 23 يونيو 2022 (رويترز)

ويعدّ حقاني أبرز ضحية تُقتل في هجوم في البلاد منذ استولت «طالبان» على السلطة قبل ثلاث سنوات.

ولقي حتفه الأربعاء، في انفجار عند وزارة شؤون اللاجئين في العاصمة كابل إلى جانب ضحايا آخرين عدة. ولم يعلن المسؤولون عن أحدث حصيلة للقتلى والمصابين.

وخليل حقاني هو عم القائم بأعمال وزير الداخلية الأفغاني، سراج الدين حقاني، الذي يقود فصيلاً قوياً داخل «طالبان». وأعلنت الولايات المتحدة عن مكافأة لمن يقدم معلومات تقود إلى القبض عليهما.

إجراءات أمنية في كابل قبل تشييع جثمان خليل الرحمن حقاني (إ.ب.أ)

ووفق بيان نقلته وكالة أنباء «أعماق»، قالت الجماعة التابعة لـ«داعش» إن أحد مقاتليها نفَّذ التفجير الانتحاري. وانتظر المقاتل حتى غادر حقاني مكتبه ثم فجَّر العبوة الناسفة، بحسب البيان.

وتقام جنازة الوزير عصر الخميس، في مقاطعة جاردا سيراي بإقليم باكتيا بشرق البلاد، وهو مركز عائلة حقاني.

يقف أفراد أمن «طالبان» في حراسة عند نقطة تفتيش في كابل 12 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

وكانت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان بين من أدانوا الهجوم على الوزارة.

وقالت عبر منصة «إكس»: «لا يوجد مكان للإرهاب في المسعى الرامي إلى تحقيق الاستقرار». وأورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشاً تدريبية كانت تُعقد في الأيام الأخيرة في الموقع.

وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو الدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح جراء الحرب.

شقيق مؤسس «شبكة حقاني»

وخليل الرحمن الذي كان يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته هو شقيق جلال الدين، مؤسس «شبكة حقاني» التي تنسب إليها أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان خلال عقدين من حكم حركة «طالبان» الذي أنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001.

يقف أفراد أمن «طالبان» في استنفار وحراسة عند نقطة تفتيش في كابل 12 ديسمبر 2024 بعد مقتل خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين (إ.ب.أ)

وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني.

ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى خمسة ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية».

وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً».

وكان خليل الرحمن خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، بحسب تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل.

ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم (داعش - ولاية خراسان) لا يزال ينشط في البلاد وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان».

وسُمع في أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل.

إجراءات أمنية في كابل قبل تشييع جثمان خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين في حكومة «طالبان» (إ.ب.أ)

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، قُتل طفل وأصيب نحو عشرة أشخاص في هجوم استهدف سوقاً في وسط المدينة.

وفي سبتمبر (أيلول)، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل ستة أشخاص وجرح 13 في مقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً أن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.