كيف غطى الإعلام اضطرابات فيرغسون؟

عسكر الصحافيون بالقرب من الحرس الوطني.. وامتلأ المكان بشاحنات القنوات التلفزيونية

صحون فضائية ترسل التقارير حول العالم
صحون فضائية ترسل التقارير حول العالم
TT

كيف غطى الإعلام اضطرابات فيرغسون؟

صحون فضائية ترسل التقارير حول العالم
صحون فضائية ترسل التقارير حول العالم

لم أسافر بطائرة إلى سانت لويس (ولاية ميزوري) لتغطية قمة الدول الـ20 الغنية. كانت الخارجية الأميركية سترسل خطابات إلى الصحافيين في واشنطن قبل شهرين تقريبا، مع معلومات عن القمة، وإرشادات حول السفر، والفنادق. واقتراح فندق معين يُخصص للصحافيين، حتى يسهل حضورهم المؤتمرات الصحافية. ومعلومات عن كل صحافي، لمنحة بطاقة صحافية.
ولم أسافر إلى سانت لويس، حتى لتغطية المؤتمر السنوي للأميركيين العرب. رغم أن إمكانياتهم، طبعا، أقل من إمكانيات الحكومة الأميركية، كانوا سيرسلون دعوات مسبقة، ربما قبل شهر. ويتعهدون بحجز غرف في الفندق الذي يُعقد فيه المؤتمر. ويؤثر عليهم كرم العرب، ويصرفون بطاقات غذاء أو عشاء مجانية. جئت إلى هنا لتغطية اضطرابات واشتباكات عنصرية بين سكان ضاحية فيرغسون (الأغلبية الهائلة سوداء)، وشرطة المدينة (الأغلبية الهائلة بيضاء). وقبل ذلك، شاهدت مشاهد من الاضطرابات في التلفزيون جعلتني أحس، وكأنها حرب. بسبب صور الدبابات والمصفحات، وصور الشرطة، تحول كل شرطي إلى جندي؛ يحمل بندقية أوتوماتيكية عملاقة، ويرتدي ملابس القتال، ويضع على رأسه قبعة فيها جهاز اتصالات لاسلكي، ويضع على عينيه نظارة للرؤية في الظلام.

* صور تُذكّر باحتلال العراق وأفغانستان
* وجاي نيكسون، حاكم ولاية ميزوري، نفسه، قال: «تشبه فيرغسون منطقة حرب».
بحثت في خريطة «غوغل» عن فندق في فيرغسون (قريب، أو ربما ليس قريبا جدا، من مكان الاضطرابات).
لكن فوجئت بأنه لا يوجد أي فندق. رغم أن هذه ليست ضاحية صغيرة من ضواحي سانت لويس، بل هي مدينة، سكانها 20 ألف شخص تقريبا؛ لا فندق كبير (مثل «هيلتون»). ولا فندق صغير (مثل «دايز إن»).
لحسن الحظ، تقع فيرغسون قرب مطار سانت لويس، حيث توجد فنادق كثيرة، كبيرة وصغيرة. حسب خريطة «غوغل»، أقرب فندق إلى فيرغسون هو «هيلتون المطار». لكن، قال موظف الحجز إنه ملآن، بسبب أعداد كبيرة من الصحافيين من مختلف أنحاء العالم. واقترح فندقا آخر على مسافة 15 ميلا (20 كيلومترا تقريبا).
وصلت ليلا، وفي الصباح، سألت عن مكان الاضطرابات. لكن، طبعا، ليست الاضطرابات في خريطة «غوغل»، أو في أي خريطة، أو في عنوان معين يعرفه موظفو الفندق. وكنت شاهدت في التلفزيون صحافيين يتجمعون في مطعم «ماكدونالد» للساندويتشات، وحسب موقع «ماكدونالد» في الإنترنت، فإن له ثمانية مطاعم في فيرغسون.
حتى سائق التاكسي قال إنه ليس متأكدا. وزاد المشكلة عندما قال: «ليست المظاهرات في شارع واحد. لا يوجد شارع اسمه شارع المظاهرات. إنها في شوارع كثيرة. تتجمع في مكان، وعندما تواجهها الشرطة، تنتقل إلى مكان آخر». مشكلة ثالثة؛ كان الوقت صباحا. ولا يتظاهر الناس في الصباح، لأنهم متعبون من مظاهرات الليلة الماضية.
لحسن الحظ، شاهدنا في شارع محطة الوقود التي كان أحرقها المتظاهرون، وكنت شاهدتها في التلفزيون. ربما أقرب مطعم «ماكدونالد» من محطة الوقود هو «ماكدونالد الصحافيين»، بالإضافة إلى وجود عربة تلفزيون خارج المطعم. لكن كان عدد الصحافيين قليلا جدا، وكانوا يتناولون الإفطار، يتضح أنهم صحافيون من ملابسهم، وكومبيوتراتهم، وكاميراتهم. ومن الواضح أنهم متعبون من الليلة الماضية. في زاوية، جلس ثلاثة صحافيين ألمان، تحدث معي واحد منهم بالإنجليزية بلكنة ألمانية واضحة، وفي اقتضاب، قال واحد منهم إن المظاهرات لا تخرج أثناء النهار بسبب حرارة الجو.
ولحسن الحظ، مرة أخرى، كان هناك متجر خمور قريب، عليه آثار نهب، وتحرسه شرطة. كان الشرطي ودودا (ربما لمواجهة تقارير صحافية بأن الشرطة اعتقلت صحافيين، منهم صحافي في «واشنطن بوست»، مما جعلها تنتقد الشرطة، وكأنها تشكوهم للرئيس أوباما).
قال الشرطي، وقد زاد الغموض: «الآن، توجد ثلاثة جهات أمنية في فيرغسون؛ الحرس الوطني، وشرطة هاي واي باترول (شرطة الطرق البرية)، وشرطة المدينة». سألت: «أيهما أقرب؟». قال: «الحرس الوطني. في ميدان تارغيت، على هذا الشارع، بعد أميال قليلة».
هذه أكبر منطقة تجارية في فيرغسون (رغم أنها ليست كبيرة جدا). وفيها متجر «تارغيت»، ويُعد من المتاجر «الراقية». ربما عسكر الحرس الوطني هنا لحمايته، لأن أغلبية الذين في داخله من البيض.
لحسن الحظ، مرة أخرى، فكر صحافيون كثيرون مثل هذا التفكير. وعسكروا بالقرب من الحرس الوطني. وامتلأ المكان بشاحنات القنوات التلفزيونية، وارتفعت إلى السماء صحون الإرسال إلى الأقمار الفضائية؛ «إن بي سي» و«سي بي إس» و«سي إن إن»، وتلفزيونات محلية (واحد باللغة الإسبانية).
لكن، مثلما قال الصحافي الألماني، لا توجد مظاهرات بالنهار. لهذا، امتلأ المكان بكاميرات متجهة نحو الحرس الوطني، وعسكر كل فريق تحت خيمة، وانشغلوا بالفطور والقهوة والشاي.

* البحث عن صحافيين
* إذن لا يذهب الصحافيون إلى مكان المظاهرات، يذهب المتظاهرون إلى مكان الصحافيين. لهذا، بدأ أناس يأتون إلى «صحافيي تارغيت» ليتحدثوا؛ جاءت امرأتان سوداوان عضوتان في كونغرس ولاية ميزوري، وجاء أستاذ جامعة متخصص في موضوع الأقليات، وقدم نفسه على أنه «خبير».
وجاء صاحب موقع في الإنترنت اسمه «لو أند أوردر» (القانون والنظام). طبعا، لم يقل إنه يؤيد قتل الشرطي ويلسون للصبي الأسود براون، لكن قال: إن الشرطة يجب أن لا تتساهل مع الذين يخرقون القانون.
وجاءت نسوة بيضاوات يحملن لافتات عن موضوع «القانون والنظام»، وقلن إنهن من جناح «حزب الشاي» التابع للحزب الجمهوري، وهو الجناح الذي ظل يقود حملة قوية ضد أوباما، منذ أن أصبح رئيسا. وكأنهم لا يريدون رئيسا أسود لأميركا (رغم أنهم، طبعا، لا يقولون ذلك، علنا، على الأقل).
وجاء رجل أمن من متجر «تارغيت»، وقال إنه يريد أن يقول للإعلاميين إن «تارغيت» توفر الأمن الكافي لزبائنها؛ لم يتحدث عن أبيض أو أسود. وصار واضحا أنه كان يريد تقديم دعاية تجارية باسم المحافظة على الأمن.
مضى النهار بطيئا، وارتفعت حرارة الشمس، وأحس الصحافيون بالملل، وبدأوا يجرون مقابلات صحافية مع بعضهم بعضا؛ تجولت كاميرا تلفزيون «سي بي إس» بين صحافيين يجلسون تحت خيام، وسألني مراسل صحيفة من أستراليا إذا كنت أريد الحديث عن ردود فعل اضطرابات فيرغسون في الدول العربية والأفريقية. وطلب صحافي يتكلم اللغة الإسبانية مترجما يساعده في مقابلات مع صحافيين أميركيين.
وصار واضحا أن صحافي أميركا اللاتينية أراد معرفة وضع الأقلية اللاتينية في الولايات المتحدة (حسب آخر إحصاء للسكان، تفوقت الأقلية اللاتينية على السود في عدد السكان).
وحاول صحافي من الدنمارك معرفة التعقيدات العنصرية في تاريخ الولايات المتحدة. وقال مندوب إذاعة «بان أفريكان» (كل أفريقيا) إن الأفريقيين «يعطفون كثيرا على إخوانهم وأخواتهم الأميركيين».
وركزت شبكة تلفزيون أسترالية على رأي الصحافيين الأميركيين البيض في هذه الاشتباكات العنصرية.

* شرطة فيرغسون
* في منتصف النهار، ذهبت مع مجموعة من الصحافيين إلى مركز شرطة فيرغسون. كنا نحاول مقابلة قائد الشرطة، بعد أن قال جنود في الحرس الوطني (الذي يعسكر في «تارغيت الصحافيين») إنهم لا يتحدثون للصحافيين، ولأن شرطة فيرغسون لم تعد تراقب مباشرة المتظاهرين (بعد اتهامات بالتفرقة العنصرية)، اعتقدنا أن قائدها يمكن أن يكون غير مشغول، وبإمكانه الحديث للصحافيين. هذا هو قلب ضاحية فيرغسون؛ مركز الشرطة، مركز الإطفاء، البريد.. إلخ. لهذا، كانت هناك حراسة مشددة.
أولا: بسبب المتظاهرين الذين ظلوا يعسكرون هناك، ويحملون لافتات، ويرددون هتافات معادية للشرطة. وعندما زادت حرارة الجو، تجمعوا تحت ظلال الأشجار القريبة.
ثانيا: لأن كثيرا من السود والسوداوات كنّ في المكان، لدفع غرامات عن مخالفات مرورية، أو لدفع غرامات كجزء من محاكمات، أو لترتيب مثولهم أمام محاكم.
بالنسبة للصحافيين، كانت هذه فرصة للسؤال عن جانب آخر من جوانب هذه المشكلة العنصرية في فيرغسون (وفي كل أميركا)؛ سيطرة البيض، ليس فقط على الأمن في الشوارع، ولكن، أيضا، على المعاملات المكتبية. قالت سوداء تبدو بائسة وفقيرة، وتحمل في يدها بضع دولارات: «قالت لي تلك البيضاء إنني سأعود إلى السجن إذا لم أدفع قسط الغرامة الشهرية. يقسطونها على شهور. أحيانا أجمعها كلها، وأحيانا لا أقدر».
كانت «تلك البيضاء» شقراء كبيرة الجسم، وبدت عملاقة أمام السوداء صغيرة الحجم، التي بدأت تبكي بعد أن أنذرتها البيضاء. عندما بدا صاحب كاميرا تلفزيونية يصور ذلك، منعته الشقراء. وأشارت إلى لافتة تقول: «ممنوع التصوير والحديث بالهاتف الجوال».

* المتظاهرون
* طبعا، وجد الصحافيون فرصا أكثر وسط المتظاهرين أمام مركز الشرطة؛ صور فريق تلفزيوني ألماني المتظاهرين، ولافتاتهم، ومتطوعين أحضروا أكياسا من زجاجات الماء، وصناديق من البيتزا، وكعكا.
من بين المتطوعين بيض اهتم بهم التلفزيون الألماني. وكان هؤلاء فخورين بأنهم تطوعوا، وقالوا إن الموضوع بالنسبة لهم ليس أبيض أو أسود. لكن الموضوع عدل أو ظلم.
وكان هناك محامٍ (قال إنه درس اللغة العربية في الأردن) يرفع لافتة تدعو لاعتقال الشرطي الذي قتل الصبي الأسود.
وكانت هناك سيدة بيضاء، مع ابنتها، تحت ظل شجرة صغيرة، والأم ترفع لافتة فيها: «نسكن في فيرغسون، وأريد الأمن لي ولابنتي هذه».
وجاءت إلى شاحنة تابعة لتلفزيون «سي إن إن» ليجروا معها مقابلة. هذه ثالث شاحنة تابعة لتلفزيون «سي إن إن» في المنطقة. ويبدو أنها أكثر الشبكات التلفزيونية تغطية للاضطرابات. كاميراتها تبدو في كل مكان.
بعد غروب الشمس، فرح الصحافيون عندما زادت أعداد المتظاهرين. لكن، لم تكن المظاهرات منتظمة؛ هل هي في منطقة «تارغيت»؟ في منطقة «ماكدونالد الصحافيين»؟ في منطقة نادي «نوروود» شبه الأرستقراطي؟ أمام كلية «سانت لويس»؟ في شارع فيرغسون؟ في شارع فلورسانت؟
أولا: لم تكن التغطية الصحافية منتظمة، لغياب مشرف عليها.
ثانيا: لم يكن المتظاهرون يعلنون مسبقا أين سيتظاهرون.
ثالثا: كانت هناك لعبة «القط والفأر» بين المتظاهرين والشرطة.
لهذا، صارت التغطية الصحافية تعتمد على حظ كل صحافي، وعلى قدرته على جمع معلومات عن مكان المظاهرات، وحجمها. وهل تستحق التنقل من مكان إلى آخر؟
في تلك الليلة، كان حظ الصحافيين سيئا، لأن مطرا غزيرا بدأ ينزل. لكن، كان ذلك لحسن حظ الشرطة، وقال الكابتن جونسون (في مؤتمر صحافي في منتصف الليل): «ساعدنا المطر».



«أبل» و«ميتا»... صراع متجدد يثير تساؤلات بشأن «خصوصية البيانات»

شعار ميتا (رويترز)
شعار ميتا (رويترز)
TT

«أبل» و«ميتا»... صراع متجدد يثير تساؤلات بشأن «خصوصية البيانات»

شعار ميتا (رويترز)
شعار ميتا (رويترز)

مرة أخرى يتجدَّد الصراع بين عملاقَي التكنولوجيا «أبل»، و«ميتا»، مثيراً تساؤلات بشأن مدى «حماية خصوصية بيانات المستخدمين». وبينما رأى خبراء التقتهم «الشرق الأوسط» أن المعركة الأخيرة جزء من نزاع مستمر بين «أبل»، و«ميتا» يتيح لهما البقاء على عرش التكنولوجيا الرقمية، فإنهم أشاروا إلى أن تأثير الصراع بشأن الخصوصية قد يمتد إلى مواقع الأخبار.

المعركة الأخيرة بدأت منتصف الشهر الحالي، مع تحذير وجَّهته شركة «أبل» بشأن تقديم منافستها «ميتا» مالكة «فيسبوك» و«إنستغرام» نحو «15 طلباً للوصول العميق إلى البيانات، في إطار قانون الأسواق الرقمية الجديد بالاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يضعف حماية بيانات المستخدمين».

ووفق «أبل»، فإنه «إذا حصلت طلبات (ميتا) على الموافقة، فسيكون باستطاعتها من خلال تطبيقاتها: (فيسبوك)، و(إنستغرام)، و(واتساب)، رؤية كل الرسائل القصيرة ورسائل البريد الإلكتروني والصور والمواعيد، وكل بيانات مكالمات المستخدمين». ونبَّهت «أبل»، في بيانها، إلى أن «مجموعة من الشركات تستخدم قانون الأسواق الرقمية الأوروبي؛ للوصول إلى بيانات المستخدمين». ولكن في المقابل، نفت «ميتا» هذه الاتهامات، وعدَّتها «حججاً تستخدمها (أبل) في إطار ممارساتها المضادة لحرية المنافسة». وقالت، في بيان لها، إن «(أبل) لا تعتقد بالتوافق بين الأجهزة الأخرى».

تعليقاً على ما هو حاصل، قال أنس بنضريف، الصحافي المغربي المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، إن «الصراع الأخير بين (أبل) و(ميتا) هو امتداد لمعارك سابقة متكررة ومتجددة بين عملاقَي التكنولوجيا». وأردف: «هناك قانونان يحكمان السوق الرقمية في أوروبا: الأول هو قانون الخدمات الرقمية الذي يستهدف منع الاحتكار وحماية بيانات المستخدمين. والثاني هو قانون الأسواق الرقمية الذي يجبر الشركات على إتاحة معلوماتها للمطوّرين».

وأوضح بنضريف أن «الصراع الأخير بين (أبل) و(ميتا) مرتبط بقانون التسويق الرقمي، إذ تعدّ (ميتا) من المطوّرين المتاحة تطبيقاتهم، مثل (إنستغرام) و(فيسبوك) على هواتف (أبل)». وتوقّع أن تنتهي المعركة لصالح «ميتا»، مبرراً ذلك بأن «حجة (أبل) ضعيفة وغير كافية، وخصوصية بيانات المستخدمين محمية قانوناً في أوروبا، إلا أن مخالفة (ميتا) لقوانين حماية الخصوصية تُعرِّضها لغرامات كبيرة... وفي أي حال الصراع هو جزء من معركة تستهدف الضغط على (أبل) لفتح خدماتها وإتاحتها على منتجات تابعة لشركات أخرى».

للعلم، حسب قانون الأسواق الرقمية الأوروبي، لا يسمح للشركات المشغّلة للمنصّات الحصول على امتيازات خاصة. وتطالب المفوضية الأوروبية شركة «أبل» بأن تغدو أجهزتها متوافقة مع التكنولوجيا التي تنتجها شركات أخرى.

وبموجب إجراءات المفوضية الأوروبية يتوجب على «أبل» تقديم وصف واضح للمراحل والمواعيد النهائية المختلفة والمعايير والاعتبارات التي ستطبقها أو تأخذها في الاعتبار عند تقييم طلبات التشغيل البيني من مطوري التطبيقات، مع تزويد المطورين بتحديثات منتظمة، وتقديم التعليقات وتلقيها فيما يتعلق بفاعلية حل التشغيل البيني المقترح. ومن المتوقع صدور قرار من المفوضية بشأن ما إذا كانت «أبل» تلتزم بشرط قابلية التشغيل البيني، بحلول مارس (آذار) المقبل، وفق ما نقلته «رويترز».

من جهة ثانية، صرَّح محمد الصاوي، الصحافي المصري المتخصص في الرصد والتحليل الإعلامي، لـ«الشرق الأوسط» شارحاً أن «التوترات المستمرة بين (أبل) و(ميتا)، إلى جانب قانون الأسواق الرقمية في الاتحاد الأوروبي، تسلط الضوء على الأهمية المتزايدة لتنظيم شركات التكنولوجيا الكبرى، خصوصاً فيما يتعلق بالخصوصية والمنافسة». وأضاف أن «التحذير الذي أطلقته (أبل) بشأن (ميتا) أثار ذلك جدلاً حول ما إذا كانت مثل هذه الممارسات قد تضعف حماية البيانات للمستخدمين، والتركيز المتجدد على قانون الأسواق الرقمية يعد جزءاً من جهود الاتحاد الأوروبي لمنع شركات التكنولوجيا الكبرى من استغلال هيمنتها، حيث يهدف القانون إلى ضمان المنافسة العادلة عن طريق تقييد الشركات من منح نفسها مزايا خاصة، أو الوصول إلى بيانات المستخدمين بشكل مفرط دون موافقة».

وأشار الصاوي إلى أن «تأثير قانون الأسواق الرقمية يمتد إلى ما هو أبعد من شركات التكنولوجيا الكبرى، حيث قد يؤثر أيضاً على المواقع الإخبارية، لا سيما تلك التي تعتمد على منصات مثل (فيسبوك) في توزيع منتجاتها». وأوضح أن «القانون قد يجبر المنصات على معاملة أكثر عدلاً، ما يضمن ألا تتضرر المواقع الإخبارية من الخوارزميات أو ممارسات البيانات المتحيزة، كما يفرض إعادة التفكير في كيفية جمع البيانات الشخصية ومشاركتها وحمايتها عبر المنصات، مما يشير إلى تحول نحو أنظمة رقمية أكثر شفافية».

وعدّ الصاوي «قانون الأسواق الرقمية محاولةً لإعادة التوازن في ديناميكيات القوة في السوق الرقمية، ما قد يؤثر بشكل كبير على المبدعين في مجال المحتوى، بما في ذلك المواقع الإخبارية، في كيفية تفاعلهم مع المنصات... في حين يضمن استمرار الصراع بين (أبل) و(ميتا) بقاءهما متربعتين على عرش المنافسة الرقمية».

وحقاً، يأتي الصراع الأخير بين «أبل» و«ميتا» في وقت قرَّرت فيه هيئة حماية البيانات الآيرلندية فرض غرامة قيمتها 251 مليون يورو على شركة «ميتا»؛ بسبب عملية اختراق واسعة لبيانات نحو 29 مليون مستخدم على مستوى العالم في عام 2018.