السراج... مهندس المصالحة المستحيلة في ليبيا

منتقدوه يقولون إنه فشل في مواجهة المشكلات الاقتصادية وتوحيد البلاد

فايز السراج (أ.ف.ب)
فايز السراج (أ.ف.ب)
TT

السراج... مهندس المصالحة المستحيلة في ليبيا

فايز السراج (أ.ف.ب)
فايز السراج (أ.ف.ب)

بعد أكثر من ثلاث سنوات من تسلمه رئاسة الحكومة الليبية، يجد فايز السراج نفسه اليوم، بعد فشله في إقرار المصالحة الوطنية، في مواجهة مباشرة مع خصمه الرئيسي المشير خليفة حفتر الذي حرك قواته باتجاه طرابلس العاصمة.
انتقل السراج، الذي ينتمي إلى عائلة طرابلسية ثرية، من قطاع الأعمال والمال إلى معترك السياسة والحكم، ليجد نفسه أمام تحدي توحيد ليبيا، على رأس حكومة محملة بالوعود والآمال، بعد سنوات من الخيبات المتتالية.
وتسلم هذا المهندس المعماري، المولود في طرابلس عام 1960، رئاسة الحكومة منذ ديسمبر (كانون الأول) 2015، عندما توصل النواب الليبيون، تحت إشراف الأمم المتحدة، إلى اتفاق حول توليه هذا المنصب. وفي أبريل (نيسان) 2016، انتقل من تونس، حيث كان يقيم، إلى طرابلس، على متن سفينة عسكرية ليبية، ونجح في استمالة السلطات الاقتصادية والسياسية في المدينة إلى جانبه. وتمثلت مهمة السراج الأولى في بناء مؤسسات الدولة التي اندثرت بعد السقوط المذل لنظام معمر القذافي عام 2011، والتوصل إلى مصالحة وطنية بين مختلف القوى والميليشيات الموزعة في أنحاء البلاد.
وهذا ما لم يتمكن من تحقيقه حتى اليوم، ليجد قوات المشير حفتر على مسافة غير بعيدة من طرابلس.
في ديسمبر (كانون الأول) 2016، أي بعد سنة من تسلمه رئاسة الحكومة، تمكن السراج من تحقيق إنجاز عسكري مهم، تمثل في تمكن القوات الموالية لحكومته (حكومة الوفاق الوطني) من طرد مسلحي تنظيم «داعش» من مدينة سرت. لكن في مقابل هذا النجاح العسكري، يقول منتقدوه إنه فشل في مواجهة المشكلات الاقتصادية التي يعاني منها السكان، إضافة إلى الفشل في توحيد البلاد، إذ لا تزال الميليشيات منتشرة في المنطقة الغربية، حيث العاصمة، كما فشلت كل محاولاته لتشكيل قوات شرطة، وجيش كفيل بفرض الأمن في البلاد.
ويعتبر كثير من المحللين أن السراج وجد نفسه مجبراً على التحالف مع مجموعات مسلحة عدة، بحيث بات «رهينة» لها، ليتمكن من ضمان أمن نسبي في طرابلس. وفي الوقت الذي كان فيه السراج يواجه هذا التعثر في مسيرته، كان المشير حفتر يوحد القوى العسكرية في شرق البلاد، وينال دعماً إقليمياً ودولياً، شمل دولا عربية، وحتى روسيا أيضاً.
وتدير عائلة السراج مجموعة كبيرة من الأعمال التجارية، بينها مكتبة السراج في وسط طرابلس التي كانت إحدى أشهر مكتبات المدينة، قبل أن يقرر القذافي إغلاقها بعيد وصوله إلى الحكم، في إطار حملته لمصادرة أملاك الليبيين. كما تمتلك عائلة السراج المحافظة أراضي شاسعة في ضاحية طرابلس الغربية، في منطقة لا تزال تعرف حتى الآن باسم منطقة السراج. وقد كان والده (مصطفى السراج) أحد مؤسسي الدولة الليبية بعد الاستقلال سنة 1951.
وفي خطابه الأول في طرابلس، يوم وصوله إليها عام 2016، قال السراج في القاعدة البحرية، أمام مجموعة من الصحافيين، إن أولوياته في هذه المرحلة باتت تتركز على «تحقيق مصالحة وطنية شاملة»، مضيفاً أنه جاء «لتوحيد الصفوف»، وهي المهمة التي فشل فيها، ليجد نفسه اليوم في مواجهة عسكرية مع قوات المشير حفتر على أبواب طرابلس.



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.