الجيش التركي يسير دورية جديدة بين حماة وإدلب

بقايا قذيفة في كفرنبل بريف إدلب بعد غارات من النظام السوري اول أمس (أ.ف.ب)
بقايا قذيفة في كفرنبل بريف إدلب بعد غارات من النظام السوري اول أمس (أ.ف.ب)
TT

الجيش التركي يسير دورية جديدة بين حماة وإدلب

بقايا قذيفة في كفرنبل بريف إدلب بعد غارات من النظام السوري اول أمس (أ.ف.ب)
بقايا قذيفة في كفرنبل بريف إدلب بعد غارات من النظام السوري اول أمس (أ.ف.ب)

أفيد أمس باستمرار القصف من قوات النظام السوري على ريف إدلب، في شمال غربي البلاد، في وقت سير فيه الجيش التركي دورية ثالثة بين خان شيخون وشمال حماة، في وسط البلاد.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إنه سجل قصفاً من قوات النظام طال مناطق سريان الهدنة الروسية - التركية، حيث استهدفت قوات النظام مناطق في محيط قرية عطشان، في الريف الشمالي لحماة، كما استهدف القصف البري مناطق في بلدة بسنقول وأطراف بلدة التمانعة وقرية سكيك، في ريف إدلب، في حين استهدفت قوات النظام أماكن في المنطقة الواقعة بين قريتي الزرزور وأم الخلاخيل، في الريف الجنوبي الشرقي لإدلب.
وجاء هذا التصعيد بالتزامن مع تسيير القوات التركية لدورية بين منطقتي خان شيخون، بريف إدلب الجنوبي، ومورك، بريف حماة الشمالي، فيما يأتي تسيير الدورية هذه في اليوم 201 من اتفاق المنطقة منزوعة السلاح، التي تحولت لمنطقة مدفون فيها السلاح، بحسب «المرصد» الذي أشار إلى أنه «لم تتحقق فيها بنود الاتفاق، رغم مرور 200 يوم على الاتفاق الذي جرى التوصل إليه بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب إردوغان».
ورصد «المرصد السوري» خسائر بشرية كبيرة بين المدنيين والمقاتلين والفصائل «المتطرفة» التي تمنعت عن مغادرة المنطقة، وعناصر قوات النظام والمسلحين الموالين لها، حيث وثق المرصد السوري 534 على الأقل من الذين قتلوا خلال تطبيق اتفاق بوتين - إردوغان ووثقهم المرصد السوري، وهم: 263 مدنياً، بينهم 96 طفلاً و53 مواطنة، عدد القتلى في القصف من قبل قوات النظام والمسلحين الموالين لها، واستهدافات نارية وقصف من الطائرات الحربية، ومن ضمنهم 13 شخصاً، بينهم 4 أطفال قتلوا بسقوط قذائف أطلقتها الفصائل، و120 مقاتلين قضوا في ظروف مختلفة ضمن المنطقة منزوعة السلاح منذ اتفاق بوتين - إردوغان، من ضمنهم 37 مقاتلاً من المتطرفين، و23 مقاتلاً من جيش العزة، قضوا خلال الكمائن والاشتباكات، بينهم قيادي على الأقل، التي نصبتها قوات النظام بريف حماة الشمالي، و151 من قوات النظام والمسلحين الموالين لها.
وكان «المرصد السوري» قد قال إن النقاط التركية المنتشرة في الريف الشمالي لحماة، وصولاً إلى الريف الجنوبي لحلب، شهدت تسيير دوريات عسكرية تركية، انطلقت من النقطة التركية في بلدة مورك بريف حماة الشمالي، وصولاً إلى بلدة العيس بريف حلب الجنوبي، في استمرار لتسيير الدوريات التي لا يمكنها إلى الآن، لا هي ولا قيادتها ولا ضامني اتفاقي الهدنة ونزع السلاح، الالتزام بضماناتهم في وقف التصعيد، أو تخفيضه في أضعف حال.
ونشر «المرصد السوري» أنه يواصل صد التحركات للقوات التركية في الشمال السوري، ضمن نقاط المراقبة المنتشرة فيه، حيث توجهت دورية تركية انطلقت من نقطة المراقبة التركية في بلدة مورك في الريف الشمالي لحماة، نحو نقطة المراقبة التركية في بلدة الصرمان بريف إدلب الجنوبي الشرقي.
وكان عمال إنقاذ قد قالوا إن ما لا يقل عن 12 شخصاً قُتلوا نتيجة قصف الحكومة السورية، الخميس، شمال غربي البلاد الذي تسيطر عليه المعارضة.
وقال عبادة ذكرى، مدير الدفاع المدني في المنطقة، إن القصف أسفر عن مقتل 12 شخصاً على الأقل، وإصابة العشرات في كفرنبل، حيث أصاب صاروخ سوقاً. وأضاف أن عدد القتلى قد يرتفع نظراً إلى خطورة بعض الإصابات.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بشكل منفصل، بأن القصف الحكومي أوقع 17 قتيلاً مدنياً في الساعات الأربع والعشرين الماضية في مواقع مختلفة من شمال غربي سوريا، وأن نصف عدد القتلى دون سن الثامنة عشرة.
ويمثل شمال غربي البلاد آخر مساحة كبيرة من الأراضي التي لا تزال تحت سيطرة المعارضين للرئيس السوري بشار الأسد.
وفي العام الماضي، كانت الحكومة السورية المدعومة من روسيا وإيران في الحرب، بصدد شن هجوم كبير على جزء من شمال غربي سوريا، الذي يضم محافظة إدلب وأجزاء من محافظتي حماة وحلب المجاورتين، الأمر الذي أثار مخاوف من كارثة إنسانية.
لكن الهجوم تأجل بعد أن أبرمت موسكو اتفاقاً مع أنقرة، شمل إقامة «منطقة منزوعة السلاح». وموسكو هي أقوى حلفاء الحكومة، بينما تدعم تركيا بعض جماعات المعارضة، ولديها قوات على الأرض في شمال غربي البلاد.
وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم إن الحكومة لا تزال عازمة على استعادة الأراضي، وكرر وجهة نظر الحكومة بأن تركيا فشلت في تطبيق الاتفاق مع روسيا، وقال: «حتى الآن، نسمع من الأصدقاء الروس أن الوضع صعب، لكن تركيا مصممة على تنفيذ الاتفاق».
وأضاف خلال مؤتمر صحافي في دمشق: «للصبر حدود... يجب أن نحرر هذه الأرض، ولذلك الأصدقاء الروس بدأوا يشعرون بنفاد صبرنا، ومن هنا يعالجون المسألة مع القيادة التركية».
وتقول الأمم المتحدة إن شمال غربي سوريا موطن لنحو ثلاثة ملايين شخص، نصفهم نازحون بالفعل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».