نساء من الرقة يستذكرن أيام «داعش» بعد القضاء عليه في سوريا

«تاء مربوطة»... مشروع لمواجهة الأفكار المتطرفة في المدينة

المدربة منى فريج في ورشة تدريبية بمخيم عين عيسى ضمن مشروع «تاء مربوطة» (الشرق الأوسط)
المدربة منى فريج في ورشة تدريبية بمخيم عين عيسى ضمن مشروع «تاء مربوطة» (الشرق الأوسط)
TT

نساء من الرقة يستذكرن أيام «داعش» بعد القضاء عليه في سوريا

المدربة منى فريج في ورشة تدريبية بمخيم عين عيسى ضمن مشروع «تاء مربوطة» (الشرق الأوسط)
المدربة منى فريج في ورشة تدريبية بمخيم عين عيسى ضمن مشروع «تاء مربوطة» (الشرق الأوسط)

«منعوا النساء من الخروج»، «أجبروا الفتيات على الزواج من مقاتلي التنظيم»... قصص وحكايات تسردها نساء الرقة اللاتي عايشن حكم تنظيم «داعش» الإرهابي، بعد إعلان القضاء عليه. حيث راج بين الأهالي آنذاك كثير من التخمينات والإشاعات عن الدور الذي يلعبه مقاتلو التنظيم، لا سيما الأجانب القادمين من مسافات بعيدة، واضعين نصب أعينهم المزايا التي وُعدوا بها، وأبرزها الزواج من فتيات في ربيع العمر، والحصول على سبايا.
تروي عنود (43 سنة) المتحدرة من مدينة الرقة، كيف أنّها، أثناء ذهابها إلى السوق في أحد الأيام، استوقفتها دورية من جهاز شرطة التنظيم النسائية، وحققوا معها لأنها وقفت وألقت السلام على ابن جارتها، الذي لم يكن يبلغ من العمر 13 عاماً، لتفاجأ بتهمة قيامها بخلوة مع شخص غريب، وقالت لهم: «هو ابن جارتي وطفل، كيف تمت الخلوة وأنا سلمت عليه بسوق تجارية أمام كل الناس؟! لتصرخ المحققة بصوت عالٍ: هذا لا يجوز»، لكن الدورية سمحت لها بالعودة إلى منزلها وعدم الخروج منه إلا مع ولي أمرها.
أما ملك ذات الثلاثين عاماً، فتروي قصة تشبه ما قالته عنود، إذ إنها خرجت في إحدى المرات مع ابنها أحمد الذي لم يتجاوز 15 سنة، بعد أن تعرضت لحروق جراء إشعال مدفأة المنزل، لتواجه موقفاً محرجاً في إثبات إنه ابنها، وقالت: «أوقفتني دورية الحسبة، وبدأوا التحقيق معي؛ مَن هو؟ وماذا يفعل معي؟ قلتُ لهم مراراً وتكراراً إنه ابني، وأقسمت لهم، لكن لم يصدقني أحد»، وطلب منها العودة للمنزل.
وتقول مريم، وهي سيدة في بداية عقدها الرابع تسكن في شارع هشام بن عبد الملك بمركز مدينة الرقة، إنه وبعد سيطرة التنظيم على مسقط رأسها، كانت ابنتها البكر التي تبلغ 11 عاماً، وأختها التي تبلغ 9 سنوات يدرسان آنذاك في مدرسة الحي، وقالت: «ابنتاي كباقي الفتيات كانتا تذهبان باللباس المدرسي، في البداية رفضوا اللباس الأزرق وتدريس الكتاب الحكومي، ثم طلبوا التقيد باللباس، وقتذاك قررتُ ألا تذهبا إلى المدرسة».
وبعد إحكام عناصر تنظيم «داعش» المتطرف السيطرة على كامل مدينة الرقة في يناير (كانون الثاني) 2014، تدخلت عناصره في أسلوب النظام التعليمي، وفرضوا لباساً على المدرّسات والطالبات في مدارس الرقة، ومنعوا دراسة المنهاج التابع للحكومة السورية.
ونقلت العديد من النساء اللاتي عايشنَ فترة التنظيم، كثيراً من القصص المحزنة والمؤلمة خلال جلسات نظمها مشروع «تاء مربوطة»، وأعربت المدربة والناشطة النسوية منى فريج، التي عملت على تنظيم كثير من اللقاءات مع نساء الرقة بالتعاون مع المشروع: «كثير من النسوة نقلن كيف كانوا يخشون على بناتهنّ عند الخروج من المنزل، يراودهن الخوف إذا قرر عنصر (داعشي) طلَبَها للزواج»، فذلك العنصر يكون مقاتلاً عربياً أو أجنبياً، وتضيف: «يكون انتحارياً أو مقاتلاً على الجبهات، وبعده مقتله تترمل الفتاة وهي في بداية عمرها، وما يزيد من تعقيد الوضع وجود أطفال صغار دون نسب، ولا يكونون مقيدين في سجل مدني».
وفضلت كثير من نساء الرقة منع بناتهنّ من الخروج من المنزل، وهي كانت الوسيلة الناجعة للتخلص من تلك المخاوف، وتضيف منى فريج: «نقلت كثير من النسوة أن بناتهن حُرمن من التعليم، ولم يكملن طفولتهن بشكل طبيعي، ولم يشاهدن الحدائق أو الأسواق العامة خوفاً من مصير مجهول بالزواج من عناصر التنظيم».
وحملة «تاء مربوطة» مشروع نسائي يستهدف نساء مناطق شمال شرقي سوريا، خصوصاً اللاتي عايشن فترة سيطرة التنظيم، بحسب لانا حج حسن مديرة المشروع.
ويهدف المشروع من خلال الأنشطة التي تنظمها بشكل دوري، إلى تمكين النساء وإعادة دمجهنّ في المجتمع ومساعدتهنّ على التخلص من الأفكار المتطرفة التي فرضها التنظيم بمختلف أشكاله.
وكان التنظيم يحكم قرابة 8 ملايين نسمة في ذروة قوته منتصف 2015، وأشاع الرعب وطرد التنظيم من آخر معقل له في سوريا، نهاية الشهر الماضي. وأعلنت «قوات سوريا الديمقراطية» في 23 مارس (آذار) القضاء على سيطرة تنظيم «داعش»، شرق سوريا، إثر هجوم بدأته قبل ستة أشهر، بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركية، وتمكنت بموجبه من السيطرة على الجيب الأخير للتنظيم في بلدة الباغوز الواقعة على الضفاف الشرقية لنهر الفرات.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.