نيوزيلندا: تقييم عقلي لمرتكب {مجزرة المسجدين}

مثل صامتاً أمام المحكمة عبر دائرة تلفزيونية من سجن أوكلاند

شرطي نيوزيلندي يتحدث مع أحد أبناء الجالية المسلمة أمام مسجد النور بعد صلاة الجمعة أمس (أ. ف. ب)
شرطي نيوزيلندي يتحدث مع أحد أبناء الجالية المسلمة أمام مسجد النور بعد صلاة الجمعة أمس (أ. ف. ب)
TT

نيوزيلندا: تقييم عقلي لمرتكب {مجزرة المسجدين}

شرطي نيوزيلندي يتحدث مع أحد أبناء الجالية المسلمة أمام مسجد النور بعد صلاة الجمعة أمس (أ. ف. ب)
شرطي نيوزيلندي يتحدث مع أحد أبناء الجالية المسلمة أمام مسجد النور بعد صلاة الجمعة أمس (أ. ف. ب)

مثل الأسترالي برينتون تارانت أمام محكمة في نيوزيلندا، أمس (الجمعة)، حيث وجهت له 49 تهمة قتل إضافية في مسجدين بمدينة كرايستشيرش، الشهر الماضي.
وفي هجوم تم بثه مباشرة على «فيسبوك»، استهدف مسلح يحمل أسلحة نصف آلية المسلمين خلال صلاة الجمعة في كرايستشيرش، 15 مارس (آذار) الماضي، مما أدى إلى مقتل 50 مصلياً، وإصابة عشرات الأشخاص. وأمر قاضٍ نيوزيلندي، أمس (الجمعة)، بإخضاع برينتون تارانت، الأسترالي المتهم بقتل 50 شخصاً في هجومين على مسجدين بمدينة كرايستشيرش بنيوزيلندا، الشهر الماضي، لاختبارات الصحة العقلية، لتحديد ما إذا كان مؤهلاً للمثول للمحاكمة. ولم يُظهر تارانت أي انفعال أثناء ظهوره في المحكمة عبر دائرة تلفزيونية من سجن أوكلاند شديد الحراسة في جلسة استماع بالمحكمة العليا في كرايستشيرش.
وظل تارانت، الذي كان يرتدي زي السجن الرمادي، والأصفاد في يديه، صامتاً أثناء ظهوره للمرة الثانية في المحكمة، ووجهت إليه المحكمة 50 اتهاماً بالقتل. ويتهم تارانت، الذي يقال إنه من دعاة تفوق العرق الأبيض، بفتح النار على مسجدي النور ولينوود في 15 مارس، في أسوأ حادث إطلاق نار بنيوزيلندا.
وأمر قاضي المحكمة العليا كاميرون ماندر بإجراء تقييم الصحة العقلية للمتهم، وقال ماندر أمام قاعة المحكمة التي امتلأت بالناجين من الهجومين، وعدد من أسر الضحايا، ووسائل إعلام من جميع أنحاء العالم: «إنها خطوة عادية تماماً تُتخذ في هذه العملية، ولا أعتقد أنه ينبغي تأويل أي شيء فيها». وظهر الرجل (28 عاماً) عبر دائرة تلفزيونية من سجن أوكلاند، وهو السجن الوحيد المشدَّد الحراسة لأقصى درجة في نيوزيلندا، على بعد أكثر من ألف كيلومتر شمال كرايستشيرش، وشاهد الجلسة الإجرائية في صمت. ولم يظهر عليه أي انفعال واضح أثناء الجلسة التي استغرقت أقل من 30 دقيقة، بينما كان يجلس في غرفة صغيرة، وبدا الملل عليه أحياناً، حيث كان ينظر في أنحاء الغرفة.
وأوضح القاضي ماندر خلال جلسة استماع في كرايستشيرش إنّ المتهم الأسترالي العنصري تارانت سيخضع لتقييم يجريه خبيران في الصحّة العقلية، لتحديد ما إذا كان «أهلاً للخضوع للمحاكمة أو مجنوناً». وكان تارانت طرد محامياً عيّنته المحكمة بعد أول مثول له في 16 مارس، ما أثار مخاوف من احتمال رغبته في الدفاع عن نفسه، وسعيه إلى استخدام المحاكمة منبراً للدّعاية، وتمنع المحكمة حتّى الآن وسائل الإعلام من تصوير المتهم.
من جهته، قال محامي تارانت المنتدب من قبل المحكمة، في أول ظهور له، أمام المحكمة، بعد مقابلته في اليوم التالي للهجوم، إن المتهم بدا واعياً وليس مختلاً عقلياً، بخلاف الآراء المتطرفة التي يعتنقها.
وقال المحامي ريتشارد بيترز لصحيفة «نيوزيلند هيرالد» في ذلك الوقت: «الطريقة التي قدم بها نفسه كانت عقلانية... شخص لا يعاني من أي إعاقة عقلية. بدا أنه يدرك ما كان يجري». وفي السياق، قال أحد الناجين من الهجوم في مسجد لينوود، ويُدعى تفضل علم، بعد انتهاء الجلسة، إنه دهش لعدم ظهور أي انفعالات على المتهم. وأضاف: «أردتُ أن أرى كيف يشعر بعد قتل عدد كبير من الأبرياء، لكنه بدا على ما يُرام، لا يبدو منزعجاً، ولم يظهر أي مشاعر»، وقال علم إنه «يأمل في أن ينال ذلك الرجل العقاب المناسب». وقال عمر نبي، وهو ابن الضحية حجي داود نبي الذي قُتل في الهجوم، إنه «يريد أن يرى السفاح الأسترالي وهو يُعاقب».
أما توفازال علم، الذي كان في مسجد لينوود، ونجا من الكارثة، فقال إنه حضر إلى المحكمة حتى يرى كيف كان شعور المجرم وهو يقتل خمسين شخصاً. وكان قد تم نقل تارانت إلى السجن الوحيد المحاط بإجراءات أمنية مشددة في نيوزيلندا والواقع في أوكلاند ومثل أمام محكمة كرايستشيرش العليا من خلال ربط بالفيديو.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.