وثائق تكشف علاقة اليمين الألماني بروسيا

رسائل متبادلة بين الكرملين ونائب من حزب {البديل} تظهر أنه «رجل موسكو» في برلين

نائب من حزب {البديل} يواسي زميلته في البرلمان بعد فشل انتخابها نائبة للمتحدث باسم البوندستاغ (أ.ب)
نائب من حزب {البديل} يواسي زميلته في البرلمان بعد فشل انتخابها نائبة للمتحدث باسم البوندستاغ (أ.ب)
TT

وثائق تكشف علاقة اليمين الألماني بروسيا

نائب من حزب {البديل} يواسي زميلته في البرلمان بعد فشل انتخابها نائبة للمتحدث باسم البوندستاغ (أ.ب)
نائب من حزب {البديل} يواسي زميلته في البرلمان بعد فشل انتخابها نائبة للمتحدث باسم البوندستاغ (أ.ب)

منذ فترة تتردد شائعات في برلين عن ارتباط اليمين المتطرف في ألمانيا بموسكو، لكنها ازدادت بعد دخول حزب «البديل لألمانيا» البوندستاغ (البرلمان الألماني) في سبتمبر (أيلول) عام 2017، إلا أن مدى دعم موسكو لليمين المتطرف في ألمانيا بقي محلاً للجدل. ويوم أمس، كشفت مجلة «شبيغل» الألمانية، في تقرير مشترك مع التلفزيون الألماني «إي آر دي» وقناة «بي بي سي» البريطانية وصحيفة «لا ريبابليكا» الإيطالية، عن رسائل متبادلة بين الكرملين ونائب من الحزب المتطرف، تظهر أنه «رجل موسكو» في برلين.
وتكشف الوثائق وصف مقربين من الكرملين للنائب عن حزب «البديل لألمانيا»، ماركوس فرونماير، الذي لا يتجاوز الـ28 عاماً، بأنه «تحت السيطرة الكاملة» لروسيا. ويعتبر فرونماير صوتاً عالياً معارضاً للعقوبات الأوروبية التي فرضت على روسيا بعد ضمها القرم، وهي أراضٍ أوكرانية، إليها عام 2014. وقد زار القرم مرات كثيرة في السابق، وقام أيضاً برحلات إلى أوكرانيا الشرقية ممولة من روسيا.
وتعود الوثائق التي تم الكشف عنها إلى أبريل (نيسان) 2017، أي قبل نحو 5 أشهر من الانتخابات العامة التي أوصلت فرونماير وحزبه إلى البوندستاغ، ليصبح أول حزب متطرف يدخل البرلمان منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وحصلت وسائل الإعلام على الرسائل من «مركز الوثائق»، وهي منظمة ممولة من ميخائيل خدوركوفسكي، وهو معارض للكرملين سجن 10 أعوام في روسيا لمعارضته بوتين.
ويستند التقرير إلى «ورقة عمل» مكتوبة باللغة الروسية، أرسلت من إيميل تابع لنائب روسي سابق وضابط مخابرات سابق يدعى بيتر برمياك إلى سيرغي سوكولوف، أحد كبار المسؤولين في إدارة بوتين. وتذكر «ورقة العمل» هذه، التي أرسلت قبل الانتخابات الألمانية العامة، ماركوس فرونماير بالاسم، وتقول إن «حظوظه بالفوز بالانتخابات جيدة»، وإنه «يجب تقديم الدعم له في حملته الانتخابية». وتضيف الورقة أن فوز فرونماير بالانتخابات يعني «أنه سيصبح لدينا نائب في البوندستاغ واقع بشكل كلي تحت سيطرتنا». ونقلت قناة «إي آر دي» تأكيد برمياك أنه هو من بعث بالرسالة، ولكنه نفى أن يكون هو من كتب «ورقة العمل».
وكشفت «بي بي سي» عن ورقة ثانية، قالت إنها كانت بحوزتها منذ مدة، تظهر رسالة من حملة فرونماير أرسلت أيضاً في أبريل من عام 2017، يطلب فيها دعماً لحملته الانتخابية من موسكو. وتقول الرسالة التي لم يعرف مرسلها ولا متلقيها، المكتوبة باللغة الإنجليزية تحت عنوان «خطة عمل - حملة فرونماير الانتخابية»: «نحن بحاجة إلى بعض الدعم بشكل عاجل في حملتنا الانتخابية... بالإضافة إلى الدعم المادي، نحتاج إلى دعم في الإعلام أيضاً…».
ويتعهد كاتب الرسالة بأن فرونماير سيركز في حملته الانتخابية على مواضيع تتعلق بضرورة إقامة «علاقات جيدة مع روسيا، من بينها (إزالة) العقوبات والتدخلات الأوروبية في الشؤون الداخلية الروسية». ويضيف كاتب الرسالة أن فرونماير «سيبدأ العمل في السياسة الخارجية على الفور»، في حال فوزه بالانتخابات.
ونفى فرونماير وجود هذه الرسالة، كما نفى علمه بـ«ورقة العمل» الروسية التي تدعو لدعمه، وقال في رسالة من محاميه: «إن موكلنا يشدد على أنه لم يكن يوماً تحت تأثير طرف ثالث، وهو لم يطلب دعماً مادياً مباشراً أو عبر طرف ثالث».
وكان فرونماير يشغل منصب المتحدث باسم زعيمة كتلة حزب «البديل لألمانيا» في البوندستاغ، أليسيا فيدل. وقبل بضعة أيام، نشر موقع «تي أونلاين» الألماني أن فرونماير «كثف من تورطه في أزمة القرم، وأصبح عضواً في الهيئة المنظمة لمنتدى يالطا الاقتصادي الدولي». ويضم المنتدى، بحسب الموقع، نقلاً عن المنظمين، عضوان رفيعا المستوى من المخابرات الروسية.
وقبل أسابيع، تسبب خبر آخر مرتبط بفرونماير جدلاً، عندما كشف لقناة «إي آر دي» أنه يوظف لاجئاً سورياً، يدعى كريكور ألماسيان، ويعد مدافعاً شرساً عن بشار الأسد. وتساءل تحقيق القناة الألمانية عن سبب منح اللجوء لألماسيان كونه «لاجئاً اقتصادياً، ويمكنه العودة إلى سوريا متى ما شاء». وأشار التحقيق إلى أن الأسباب الاقتصادية ليست كافية للحصول على اللجوء. ويقول ألماسيان إنه ملاحق «من المتطرفين» في سوريا، ولا يمكنه العودة. وأشار تحقيق «إي آر دي» حينها إلى أن ألماسيان كان يعرف فرونماير مسبقاً، ولذلك اختار ألمانيا ليقدم فيها اللجوء، مضيفاً أنه سعى للعمل مع حزب «البديل لألمانيا»، بهدف «الدعاية للأسد، والتحريض ضد اللاجئين». وبالإضافة إلى دفاع فرونماير عن سياسة روسيا في أوكرانيا، يدافع كذلك عن تورطها في سوريا. وفي العام الماضي، سافر عدد من أعضاء حزب «البديل لألمانيا» إلى سوريا، والتقوا بوزير خارجية النظام وليد المعلم، ونفذوا زيارات ميدانية، وعادوا يتحدثون مستندين إلى صور أخذوها لجولاتهم هناك عن أن «سوريا آمنة»، ويمكن إعادة اللاجئين إليها.
وفي فبراير (شباط) عام 2017، أثارت كذلك زيارة لوفد من حزب «البديل لألمانيا» إلى موسكو على متن طائرة روسية خاصة جدلاً كبيراً في ألمانيا. وكشفت حينها صحيفة «فرانكفورتر ألغماينه تزايتونغ» أن الرحلة كلفت ٢٥ ألف يورو، دفعتها موسكو لنقل أعضاء الحزب الثلاثة إلى موسكو.
ويأتي الكشف عن ارتباط النائب الألماني بموسكو قبل أسابيع من الانتخابات الأوروبية التي من المتوقع إجراؤها في نهاية مايو (أيار) المقبل، والتي يتخوف كثيرون من تدخل روسيا فيها، دعماً للأحزاب اليمينية المتطرفة. وكانت زعيمة حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، أنغريت كرامب كارنباور، التي خلفت أنجيلا ميركل، قد حذرت قبل أيام من أن الحكومة الروسية «تبذل الكثير لإضعاف وزعزعة استقرار دول الاتحاد الأوروبي وجوارها».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».