أزمة المهاجرين تهدد اقتصادَي الولايات المتحدة والمكسيك

التلويح بإغلاق الحدود يضع العلاقات التجارية على حافة الهاوية

صورة أرشيفية من الحدود الأميركية - المكسيكية (أ.ب)
صورة أرشيفية من الحدود الأميركية - المكسيكية (أ.ب)
TT

أزمة المهاجرين تهدد اقتصادَي الولايات المتحدة والمكسيك

صورة أرشيفية من الحدود الأميركية - المكسيكية (أ.ب)
صورة أرشيفية من الحدود الأميركية - المكسيكية (أ.ب)

حديث الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن إغلاق الحدود مع المكسيك يهدد تجارة بين البلدين قوامها 611 مليار دولار سنوياً. وذلك الحديث المتكرر يأتي على خلفية قضية الهجرة والمهاجرين التي باتت شغلاً شاغلاً في واشنطن منذ تولي ترمب الرئاسة. وتفاقم الأمر في الأيام القليلة الماضية بعدما طلب ترمب من المكسيكيين إطالة أمد تواجد المهاجرين الآتين من أميركا الوسطى على أراضيها إلى حين الانتهاء من دارسة ملفاتهم من قِبل الإدارات الأميركية المختصة. وهدد ترمب بإلغاء المساعدات المالية الأميركية للسلفادور وغواتيمالا والهندوراس؛ لأن هذه الدول، بنظره، لا تفعل شيئاً للحد من تدفقات المهاجرين.
ولم يكتفِ ترمب بالتهديد العابر، بل قال إنه سيمنح المكسيك فترة من الزمن، ثم بعدها سيفرض رسوماً جمركية على البضائع والسيارات إذا لم يتوقف ذلك التدفق، وإذا استمر الوضع كما هو عليه الآن فإن ترمب سيغلق الحدود.
وتفاعل ذلك التهديد على أكثر من صعيد حتى داخل الفريق الجمهوري الأميركي، حيث قال السيناتور ميتش ماكنويل: «أتمنى ألا نفعل ذلك؛ لأنه سيحدث كارثة اقتصادية لبلدنا». فرد عليه ترمب بالتأكيد على أن الأمن في هذه الحالة أهم من الاقتصاد.
وتعتبر المكسيك الشريك التجاري الثالث للولايات المتحدة الأميركية، وتتزاحم مع الصين وكندا على التصدير إلى أميركا. وحجم التبادل بين الطرفين بلغ العام الماضي 611 مليار دولار، معظمه يمر بطرق برية عبر الحدود التي يهدد ترمب بإغلاقها. وهذا الواقع دفع بالمستشار الاقتصادي في البيت الأبيض، لاري كودلو، إلى الإدلاء بتصريحات تهدئ من روع المخاوف؛ حتى لا تؤخذ التهديدات على محمل الجد أو التنفيذ الفوري.
لكن على الصعيد التجاري، تشير المصادر إلى أن التهديدات بدأت تؤثر بالفعل على أنشطة التصدير والاستيراد. فالإجراءات الصارمة على الحدود وإعلان حالة الطوارئ حولت 5 في المائة من الأشخاص المسؤولين عن مراقبة وفحص وتسهيل عبور البضائع إلى فرق لمراقبة وتفتيش الأفراد الراغبين في عبور الحدود. وهناك نحو ألفي رجل أمن إضافي خصصوا لمهمة الإجراءات الصارمة، وهذا يمثل 12 في المائة من إجمالي رجال الجمارك عند تلك الحدود.
والنتيجة بدأت تظهر في صفوف طويلة من الشاحنات المنتظرة على الحدود في إل باسو وسان دياغو. ويقول أحد التجار «للوقت ثمن»؛ لأن الاستيراد والتصدير بين البلدين قيمته مليون دولار في الدقيقة الواحدة، فلكل دقيقة تأخير ثمن بالتأكيد. وقال وزير خارجية المكسيك مارشيلو ابرارد: «إذا لم نستطع تطبيع العلاقات لتعود هادئة كما كانت في السابق، فإن الأثمان ستتراكم وستظهر الخسائر لدى الطرفين».
وتضيف المصادر المتابعة أن إغلاق الحدود كلياً وجزئياً سيعرقل انتقال العمال العابرين يومياً للعمل ثم العودة. لكن حتى الآن يبقى الأثر مقتصراً على المنتجات الزراعية، ولن يطول الوقت حتى تتأثر تجارة السيارات، ويتأثر قطاع الطاقة والمكونات الإلكترونية التي ستتلقى ضربة أيضاً.
إلى ذلك، ستتأثر دول في أميركا الوسطى إذا تأزمت علاقاتها مع واشنطن؛ لأن بضائعها المصدرة إلى الولايات المتحدة عبر المكسيك ستواجه العراقيل أيضاً. فتلك الدول وإن كانت صادراتها ليست بأهمية صادرات المكسيك، لكنها تطورت كثيراً خلال السنوات الماضية. وتشير الإحصاءات إلى نمو كبير في صادرات دول أميركا الوسطى باتجاه الولايات المتحدة، وهذا لا يخص فقط بنما وقناتها، بل أيضاً يشمل غواتيمالا ونيكاراغوا. ومن مظاهر القلق من إمكانية وصول الأزمة إلى طريق مسدودة، ارتفاع أسعار «الأفوكاتو» في نيويورك وسان فرانسيسكو. فالمستهلكون والتجار والموزعون يتدفقون على الشراء والتخزين؛ مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بنسبة زادت على 40 في المائة خلال أسابيع قليلة، ولا سيما بعد تصاعد لهجة ترمب المهددة بإغلاق الحدود. فالولايات المتحدة تستورد هذا المنتج الزراعي بنسبة 86 في المائة من استهلاكها، ولا سيما من المكسيك ودول أميركا الجنوبية.
على صعيد آخر، وبعد أشهر عدة على انتخابات الكونغرس الأميركي ما زالت اتفاقية التبادل بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك في أجندة خارج الأولويات. وتلك الاتفاقية الجديدة وقّعت العام الماضي لتأخذ مكان اتفاقية سابقة يعود توقيعها إلى عام 1994 كان وصفها ترمب بأنها أسوأ اتفاقية تجارية في تاريخ الولايات المتحدة.
وتقول مصادر في واشنطن: إن الأغلبية الديمقراطية في الكونغرس تريد ضمانات إضافية لتوافق على الاتفاقية الجديدة، بل إن البعض يريد تعديلها. وفي البرلمان أصوات أيضاً تنادي بتأجيل الموافقة حتى تقبل المكسيك تعديل قانون العمل فيها، ولا سيما لجهة الحقوق النقابية ورفع الحد الأدنى للأجور. والهدف هو تقريب التشريعات ذات الصلة بين واشنطن وأوتاوا ومكسيكو للحؤول دون تفاقم انتقال المصانع الأميركية باتجاه كندا أو المكسيك. وفي الاجتماعات التي تحصل بين الديمقراطيين والجمهوريين حول تلك الاتفاقية تظهر تباينات حول قضايا عدة، مثل أسعار الأدوية وحقوق الملكية الفكرية الخاصة بالصناعات الدوائية التي يعتقد البعض أن المكسيك تنتهكها. لكن صبر الرئيس الأميركي بدأ ينفد؛ إذ حدد ترمب الصيف المقبل لإنهاء النقاش وتشريع الاتفاقية، وهذا ما لا يريد سماعه الديمقراطيون غير المعنيين بتلك المواعيد التي يضربها ترمب. وفي الأثناء، تتفاقم الأوضاع بما يهدد العلاقة التجارية بين البلدين ويضعها على حافة هاوية لا تحمد عقباها، وفقاً لتعابير مصادر اقتصادية في البلدين.



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».