تل أبيب تُسرب معلومات جديدة حول رفات الجندي باومل

مصدر إعلامي سوري: ما جرى دليل يؤكد تعاون الإرهابيين مع الموساد

صورة وزعتها الحكومة الإسرائيلية لنقل رفات الجندي الإسرائيلي من موسكو إلى تل أبيب أمس
صورة وزعتها الحكومة الإسرائيلية لنقل رفات الجندي الإسرائيلي من موسكو إلى تل أبيب أمس
TT

تل أبيب تُسرب معلومات جديدة حول رفات الجندي باومل

صورة وزعتها الحكومة الإسرائيلية لنقل رفات الجندي الإسرائيلي من موسكو إلى تل أبيب أمس
صورة وزعتها الحكومة الإسرائيلية لنقل رفات الجندي الإسرائيلي من موسكو إلى تل أبيب أمس

في الوقت الذي كان فيه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يستقبل في الكرملين رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي جاء يشكره على جهوده في العثور على رفات الجندي الإسرائيلي، زخاريا باومل، وجلبه من دمشق إلى إسرائيل، كشف النقاب في تل أبيب عن مزيد من المعلومات حول تفاصيل العملية ولكن ضمن القيود التي فرضتها الرقابة العسكرية للجيش.
فقد تبين أن جنودا سوريين شاركوا في عملية نبش القبور وأن رفات نحو 20 شخصا نقلت من مخيم اليرموك إلى معهد التشريح الطبي في يافا، عبر موسكو، لفحصها، وأن هناك احتمالا بأن يكون بينها رفات جندي إسرائيل آخر من قتلى الجيش الإسرائيلي في معركة سلطان يعقوب، المعركة الوحيدة التي وقعت بين الجيشين السوري والإسرائيلي خلال حرب لبنان في سنة 1982.
وحسب مصادر إسرائيلية متقاطعة مع مصادر من روسيا، فإن الرئيس الروسي تجاوب مع طلب نتنياهو قبل سنتين وأعطى أوامره ببدء البحث عن رفات الجنود الثلاثة، بالتنسيق والتعاون الكاملين مع النظام السوري.
وقد امتدت منطقة البحث من دمشق حتى دير الزور، بما في ذلك في مناطق كانت ما زالت تحت سيطرة تنظيم (داعش). وفي مرحلة ما أصيب بعض الضباط الروس بجراح خلال البحث. ولكن، قبل أربعة شهور حدث انعطاف في القضية، إذ قدمت إسرائيل للروس تقريرا، قالت فيه، إن المعلومات الواردة فيه جمعت بعملية كوماندو استخبارية دقيقة، تفيد بأن قبور الثلاثة موجودة في مقبرة مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين تحت أسماء مموهة. وعرضت خريطة تبين منطقة محددة في المقبرة تضم أكثر من مائة قبر.
وقد حول الروس جهودهم لهذه المقبرة، بالعمل يدا بيد مع الجنود السوريين، كي لا يقال إنهم نبشوا قبور المسلمين. وبعد فحص جميع هذه القبور، وإجراء اختبارات الحمض، تم تحديد رفات 20 تبدو الأقرب إلى الحمض النووي للجنود الإسرائيليين الثلاثة. فنقلت وسط تعتيم كامل إلى تل أبيب عبر موسكو. وهي ما زالت موجودة في معهد التشريح الإسرائيلي. ويعتقد أنه ثبت بشكل مؤكد أن 18 منها، ليست للإسرائيليين، وأن أحدها هو بشكل مؤكد رفات الجندي باومل، والأخير توجد شكوك كبيرة بأنه رفات جندي آخر.
وقد أراد الجيش الإسرائيلي أن ينتظر قليلا حتى ينتهي الفحص، خصوصا أن نشر الموضوع الآن، قبل 5 أيام من الانتخابات الإسرائيلية، سيظهر كدعم لنتنياهو ضد منافسه، حزب الجنرالات بقيادة بيني غانتس.
ولكن نتنياهو حسم الأمر، بوصفه وزير دفاع ورئيس حكومة، وقرر النشر فورا، بدعوى أن والدة باومل بلغت التسعين من العمر وتحتاج كل يوم لمعرفة حقيقة جلب ابنها.
ومع أن غانتس هاجم نتنياهو على اختيار هذا التوقيت واعتبره «استغلالا لقضية الجنود المفقودين في سبيل المصلحة الانتخابية»، إلا أن نتنياهو لم يكترث. وراح يهاجم غانتس لأنه «يخلو من المشاعر الإنسانية ويجير قضية قيمية كهذه إلى الصراع الانتخابي». وحظي نتنياهو، في ذلك، بدعم كامل من الرئيس بوتين.
فعندما طلب نتنياهو، يوم الاثنين الماضي، القدوم إلى موسكو للقائه وتقديم الشكر له، رحب به ورتب له الزيارة لمدة 24 ساعة، أمس الخميس. ونظم له استقبالا حافلا في الكرملين. وطقوسا رسمية في وزارة الدفاع الروسية، تسلم خلالها نتنياهو تابوتا يحتوي على عدد من أغراض الجندي باومل، التي كان الجيش السوري يحتفظ بها، ومنها حذاؤه العسكري ورباط الحذاء وعلم إسرائيل صغير كان يحتفظ به. كما يحتوي على أغراض أخرى تم جمعها من القبور تتعلق بالجنود الإسرائيليين العشرين، الذين قتلوا في تلك المعركة قبل 37 عاما.
وقد قامت فرقة الطقوس العسكرية في رئاسة هيئة الأركان الروسية بتنظيم استعراض مهيب، بحضور رئيس أركان الجيش، فليري جرسيموف، وكبار الجنرالات كما لو أنه جندي روسي. وحضر الحفل إضافة إلى نتنياهو، مرافقوه في الزيارة، وهم: رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، تمير هايمن، وهي التي كانت قد نفذت الجهود الاستخبارية، وجنود الكوماندوز التابعون لها هم الذين قاموا بالجهود العملية لمعرفة مسار نقل الجثث من لبنان وحتى مخيم اليرموك في سوريا، ورئيس الموساد، يوسي كوهن، الذي كان شريكا في جهود الاستخبارات العسكرية، ورئيس مجلس الأمن القومي في مكتب رئيس الوزراء، مئيربن شباط، ورئيس دائرة الأسرى والمفقودين في رئاسة الوزراء، يارون بلوم، والسكرتير العسكري، آفي بلوط.
وقد حرص نتنياهو على متابعة كل تفاصيل هذه القضية كما لو أنه مخرج يشرف على مهرجان دولي، لكي يستفيد منها إلى أقصى حد في معركته الانتخابية. ولم يكتف بالمجد الذي جرفه من وراء هذه الهدية الروسية الثمينة، فقرر اختصار زيارته إلى موسكو لكي يشارك في تشييع الجندي زخاريا باومل، إلى مثواه الأخير، مساء أمس الخميس.
إلى ذلك، قال مصدر إعلامي في سوريا لوكالة الأنباء الرسمية (سانا) إنه «لا علم لسوريا بموضوع رفات الجندي الإسرائيلي، وما جرى دليل جديد يؤكد تعاون الإرهابيين مع الموساد».
وقال المصدر: «لا توجد لدينا أي معلومات حول موضوع الرفات برمته ولا وجوده من عدمه».
وقد رأى المراقبون في إسرائيل أن نتنياهو حقق مكسبا هائلا من هذه القضية، واعتبروها «هدية ثمينة من بوتين تضاف إلى الهدايا الثمينة التي قدمها لنتنياهو الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، من الاعتراف بالقدس ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس الغربية، وحتى الاعتراف الرسمي بضم الجولان إلى السيادة الإسرائيلية». في المقابل، يرون أن بوتين حقق بهذا الإهداء عدة مطالب ورغبات، منها تليين العلاقات بين حكومة إسرائيل والنظام في سوريا، لذلك ركز كثيرا في كلمته أمس أمام نتنياهو، على دور الجنود السوريين الذين عملوا يدا بيد مع أقرانهم الروس في اليرموك وغيره.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.