شاشة الناقد: Glass

شاشة الناقد: Glass
TT

شاشة الناقد: Glass

شاشة الناقد: Glass

Glass
> إخراج: م. نايت شيامالان
> تقييم: (وسط)
شيامالان ما زال في مكانه
هناك ثلاثية قام بتحقيقها المخرج م. نايت شيامالان، قبل تسع عشرة سنة، عندما أنجز فيلماً من بطولة سامويل ل. جاكسون، عنوانه «غير قابل للكسر» (Unbreakable). بعد ست سنوات استكمل الحكاية بفيلم آخر هو «انقسام» (Split)، وها هو الآن يكمل الحكاية في جزء ثالث بعنوان «زجاج»، أي بعد مرور 13 سنة على ذلك الجزء الثاني.
ما زال بالإمكان العودة إلى الفيلمين السابقين، كما فعلت أنا، ومشاهدتهما لأجل الربط فعلياً بين الحكايات الواردة، واستذكار ما مر من أحداث سابقة تؤدي إلى ما يمر في «زجاج»، ولاكتشاف الرابط (المفترض به أن يكون عضوياً) بين هذه الأفلام الثلاثة؛ لكن السؤال الكبير هو: لماذا علينا أن نفعل ذلك؟
جمال الأجزاء هي في أن تعرض متقاربة قدر الإمكان؛ بحيث ينجز كل جزء متابعة تلقائية لما تقدّم، وتحضيراً طبيعياً لما سيلي. في «غلاس» (اسم إحدى الشخصيات) حكاية يراد منها أن تلي ما سبق، ولو أنها تستطيع، وبفاعلية أفضل، أن تُطرح منفردة. ثلاث شخصيات هي، من دون ترتيب، كَفن (جيمس ماكفوي) ذو القدرات الخارقة، وديفيد (بروس ويليس) الباحث عن طريقة لاحتوائها، وغلاس (جاكسون) الذي يبدو كما لو أنه قادر على إدارة مهمة ديفيد وواقع كَفن في لعبة متوالية، تجمع ما بين الخيال الجانح والتشويق وكثير من عدم الإقناع.
الخيط الرابط بين هذه الشخصيات الثلاث، هو قدراتها غير الطبيعية، والخيط الأثخن الرابط بين تلك الأفلام الثلاثة هو البحث عما يكوّن «سوبرهيرو» مختلف عن حكايات الكوميكس، وهو بحث مدفوع باتجاه فلسفة «السوبرهيرو» وتحليله بعيداً - قدر الإمكان - عن الفانتازيا السهلة. لكن هذه الطموحات تصطدم بعراقيل شتى، من بينها وأهمها، أن المخرج يريد أن يطرح أكثر من حكاية في قصة واحدة. يضخّـم أحداثه ويمنح كلاً منها وجوداً على حساب أخرى. لديه كثير مما يريد طرحه، ولا يتوقف عند حد يستطيع فيه المشاهد البقاء على وتيرة واحدة.
ما عند شيامالان مما يمكن له أن يفتخر به، نجاحه في إبقاء ذهن المشاهد وقاداً، ولو أن ذلك لا يفيد كثيراً حال تنجلي الحكاية عن مفاداتها المتعددة. بصورة آلية كان لا بد له من الاستعانة بالممثلين الثلاثة الذين ظهروا في الجزأين السابقين، وهذا قد يساعد على إنعاش الذاكرة؛ لكن هذا لا يضمن المستوى من الانحدار، لمجرد إيجاد مبررات لبداية جديدة أو عودة إلى الأصول؛ لكن هذه العودة تكشف عن شيء معاكس لما هو مقترح، وهو أن شيامالان بعد أكثر من عشرين سنة من العمل، ما زال في محله. ليس بالنظر إلى مواضيعه وتكرار ما سبق لها، وإن بحثت فيه، بقدر ما يفرضه النظر إلى قدراته الفنية التي هي أقل إنجازاً من طموحاته العالية.



أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
TT

أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)

بعد أكثر من سنة على عرضه في مهرجاني «ڤينيسيا» و«تورونتو»، وصل فيلم المخرجة البولندية أغنييشكا هولاند «حدود خضراء» إلى عروض خاصّة في متحف (MoMA) في نيويورك. «لا يهم»، تقول: «على الأفلام التي تعني لنا شيئاً أن تشقّ طريقاً للعروض ولو على مدى سنة أو أكثر».

فيلمها الأخير «حدود خضراء» نال 24 جائزة صغيرة وكبيرة واجتاز حدود نحو 30 دولة حول العالم. ترك تأثيراً قوياً منذ افتتاحه في المهرجان الإيطالي، حيث نال جائزةَ لجنة التحكيم الخاصة وفوقها 8 جوائز فرعية.

مردّ ذلك التأثير يعود إلى أن الفيلم (بالأبيض والأسود) تحدّث عن مهاجرين سوريين (ومهاجرة من أفغانستان) علِقوا على الحدود بين بروسيا وبولندا، وكلّ حرس حدود كان يسلبهم شيئاً ومن ثمّ يعيدهم إلى حيث أتوا. الحالة لفتت نظر جمعية بولندية أرادت مساعدة هؤلاء الذين تناقص عددهم بعدما اختفى بعضهم وسُجن آخرون. الدراما كما قدّمتها هولاند (75 سنة حالياً) نابعة من مواقف ونماذج حقيقية وأحداثٍ وقعت عالجتها المخرجة بأسلوب تقريري غير محايد.

نقطة حياة: «حدود خضراء» (مترو فيلمز)

لحظات إنسانية

> حال مشاهدتي لفيلم «حدود خضراء» في «مهرجان ڤينيسيا» خطر لي أنه يلتقي مع أفلام سابقة لكِ تناولت قضايا مهمّة وحادّة مثل «يوروبا، يوروبا» و«الحديقة السّرية» و«أثر» (Spoor) الذي عُرض في «برلين». كيف تُصنّفين أفلامك؟ وكيف تختارين قضاياها؟

- أفلامي السابقة تنوّعت كثيراً في موضوعاتها باستثناء أنني قصدت دوماً تناول ما اعتقدت أنه أجدى للمعالجة. والأفلام التي ذكرتها هي بالنسبة لي من بين أهم ما أخرجته. اخترتها لجانبها الإنساني أو، أُصحّح، لقضاياها الإنسانية. اخترتها لأن الأحداث وقعت في لحظات تاريخية ليست فقط مهمّة، بل هي لحظاتٌ بدت فيها الإنسانية بمنحدرٍ. هناك كثيرٌ ممّا يحدث في هذا العالم، وما حدث سابقاً يشكّل صدمة لي ولملايين الناس والفيلم هو صلتي مع هذه الأحداث. رأيي فيها.

«حدود خضراء» الفرار صوب المجهول (مترو فيلمز)

> «حدودٌ خضراء» هو واحد من أفلام أوروبية تناولت موضوع المهاجرين، لكن القليل منها انتقد السّلطات على النحو الذي ورد في فيلمك.

- أنا لست في وارد تجميل الأحداث. ولا أريد الكذب على المشاهد وأقول له إن ما تعرّض له مهاجرون مساكين على الحدود التي لجأوا إليها بحثاً عن الأمان غير صحيح، أو أنه حدث في شكل محصور. ومهنتي هذه استخدمها لقول الحقيقة، ولأفيد المشاهد بما أصوّره ولا يمكنني الكذّب عليه أو خداعه. ما شاهدته أنتَ على الشّاشة حصل وربما لا يزال يحصل في دول أوروبية أخرى.

نحو المجهول

> كيف كان رد فعل الجمهور البولندي حيال فيلمك؟

- إنها تجربة مهمّة جداً بالنسبة لي. سابقاً كان هناك حذرٌ من قبول ما أقدّمه لهم من حكايات. كثيرون قالوا إن هذا لا يمكن أن يحدث. نحن في أوروبا والعالم تغيّر عمّا كان عليه. والآن، مع هذا الفيلم، وجدتُ أن غالبية النّقاد وقراء «السوشيال ميديا» يوافقون على أن هذا يحدث. هناك من يأسف وهناك من يستنكر.

> نقدُك لحرس الحدود البولندي والبروسي في هذا الفيلم يؤكّد أن المعاملة العنصرية لا تزال حاضرة وربما نشطة. اليمين في أوروبا يجد أن طرد اللاجئين الشرعيين أو غير الشرعيين بات أولوية. صحيح؟

- نعم صحيح، لكن الاكتفاء بالقول إنه موقف عنصريّ ليس دقيقاً. نعم العنصرية موجودة ولطالما كانت، وعانت منها شعوب كثيرة في كل مكان، ولكن العنصرية هنا هي نتاج رفض بعضهم لقاء غريبٍ على أرض واحدة، هذا رفض للإنسانية التي تجمعنا. للأسف معظمنا لا يستطيع أن يمدّ يده إلى الآخر في معاملة متساوية. الحروب تقع وتزيد من انفصال البشر عن بعضهم بعضاً. ثم لديك هذا العالم الذي يسير بخطوات سريعة نحو المجهول في كل مجالاته.

> هل تقصدين بذلك التقدم العلمي؟

- بالتأكيد، لكني لست واثقة من أنه تقدّمَ حقاً. الذكاء الاصطناعي؟ هذا وحده قد يذهب بما بقي من ضوابط أخلاقية ومجتمعية. أعتقد أن التأثير الأول لذلك أننا نعيش في زمن نعجِز عن فهم تغيّراته، والنتيجة أننا بتنا نهرب إلى حيث نعتقده ملجأً آمناً لنا. نهرب من التّحديات ونصبح أكثر تقوقعاً معتقدين أن ذلك خير وسيلة للدفاع عن مجتمعاتنا.

ضحايا

> عمَدتِ في «حدود خضراء» إلى تقسيم الفيلم إلى فصول. هذا ليس جديداً لكنه يطرح هنا وضعاً مختلفاً لأننا ننتقل من وضع ماثلٍ ومن ثَمّ نعود إليه لنجده ما زال على حاله. ما الذي حاولتِ تحقيقه من خلال ذلك؟

- هذه ملاحظة مهمّة. في الواقع هناك قصصٌ عدة في هذا الفيلم، وكل شخصية تقريباً هي قصّة قابلة للتطوّر أو التوقف. وهناك 3 فرقاء هم الضحايا والمسعفون ورجال السُّلطة. بعضُ هذا الأسلوب المطروح في الفيلم مشتقٌ من العمل الذي مارسته للتلفزيون وهو يختلف عن أسلوب السّرد السينمائي، وقد اعتمدت عليه هنا لأنني وجدته مناسباً لفيلمٍ يريد تقديم الأحداث في شكلٍ ليس بعيداً عن التقريرية.

> هناك أيضاً حربٌ أوروبية دائرة على حدود بولندا في أوكرانيا. هل يختلف الوضع فيما لو كان أبطال فيلمك أوكرانيين هاربين؟

- نعم. يختلف لأنّ الرموز السياسية للوضع مختلفة. البولنديون يشعرون بالعاطفة حيال الأوكرانيين. السلطات لديها أوامر بحسن المعاملة. لكن هذا لم يكن متوفراً وليس متوفراً الآن للاجئين غير أوروبيين.