ذابحو الصحافي الأميركي طلبوا مبادلته بعالمة «القاعدة» الباكستانية صديقي

«داعش» عرض تبادل الأسرى بمسلمين في السجون الأميركية

الصحافي الأميركي جيمس فولي
الصحافي الأميركي جيمس فولي
TT

ذابحو الصحافي الأميركي طلبوا مبادلته بعالمة «القاعدة» الباكستانية صديقي

الصحافي الأميركي جيمس فولي
الصحافي الأميركي جيمس فولي

كشفت رسالة إلكترونية بعثها خاطفو الصحافي الأميركي جيمس فولي، إلى أسرته قبل أيام من ذبحه، عن أنّهم عرضوا مبادلته بمعتقلين لدى الولايات المتحدة. ومن بين الأسماء التي ذكرها الخاطفون، الدكتورة عافية صديقي، وهي عالمة باكستانية اعتقلتها القوات الأميركية في أفغانستان، وحُكم عليها في أميركا بالسجن 86 سنة.
ونشر موقع «غلوبال بوست» الذي كان فولي يرسل تقاريره إليه، النص الكامل للرسالة التي خاطب فيها الخاطفون الحكومة الأميركية: «لقد منحناكم الكثير من الفرص للتفاوض على إطلاق سراح مواطنيكم بافتدائهم بالمال مثلما قبلت ذلك حكومات أخرى. كما عرضنا عليكم أيضا تبادل الأسرى لتحرير المسلمين المأسورين لديكم من أمثال الدكتورة عافية صديقي، ولكن ثبت لنا أنّ تحرير مواطنيكم ليس من ضمن اهتماماتكم».
وكان مؤسس «غلوبال بوست» فيليب بالبوني، قد كشف أن الموقع تلقّى قبل أسبوع رسالة إلكترونية من الخاطفين، يعلنون فيها أنهم سيصفّون فولي، من دون أن يطلبوا أي تفاوض، «والبيت الأبيض علم بهذه الرسالة»، كما أكد بالبوني.
ونشرت صحيفه «إندبندنت» البريطانية نص الرسالة التي أرسلها تنظيم داعش إلى عائلة الصحافي الأميركي جيمس فولي، بعد أن نشرتها منظمة الصحافيين المستقلين بإذن من والدي فولي.
وذكرت الصحيفة أن الرسالة وصلت إلى عائلة فولي في 12 أغسطس (آب)، أي قبل أسبوع من نشر فيديو عملية القتل. وفي جزء من رسالتهم عرض «داعش» تبادل الأسرى الأميركيين بمسلمين في السجون الأميركية.
وقالت الرسالة: «أعطينا حكومتكم الكثير من الفرص للإفراج عن مواطنيها الرهائن، عبر دفع فدية نقدية، كما فعلت حكومات الدول الأخرى، وقدمنا أيضا عرضا بتبادل الرهائن الأميركيين مقابل الإفراج عن مسلمين في السجون الأميركية، مثل الأخت الدكتورة عافية صديقي، لكن بسرعة ثبت لنا أنكم لم تكونوا مهتمين بالأمر، ولكن ظل السؤال بعد نص الرسالة، من هي الدكتورة عافية صديقي؟».
وفاوض «داعش» «غلوبال بوست» الموقع الإلكتروني الذي كان متعاقدا مع فولي لطلب فدية 100 مليون أو التواصل مع الجهات الأميركية لإطلاق سراح «سيدة القاعدة» الباكستانية المحكوم عليها بالسجن 86 سنة بعد إدانتها بالتخطيط لعدد من العمليات الإرهابية تشمل القضاء على عسكريين أميركيين في باكستان وأفغانستان.
وعافية صديقي الباكستانية باحثة مختصة بعلم الأعصاب، درست في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا المرموق في الولايات المتحدة قبل زواجها من قريب لخالد شيخ محمد، المتهم بأنه العقل المدبر لهجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001 ومن ثم عودتها إلى باكستان.
وولدت صديقي في باكستان في 1972 وتحولت في آخر التسعينات من القرن الماضي إلى الولايات المتحدة لدراسة علوم الخلايا العصبية، وبعد تميزها في دراستها العلمية انخرطت الباحثة الشابة في العمل الإرهابي بدفع من زوجها الذي يعدّ من العقول المدبرة لعملية 11 سبتمبر إلى جانب خالد الشيخ محمد، الذي تحدث مطولا عنها وعن بعض العمليات الكبرى التي خططت لها في اعترافاته بعد القبض عليه.
وتعد صديقي من أبرز الوجوه النسائية في «القاعدة»، ورغم أنها لم تعرف شهرة إعلامية تضاهي شهرة رجال «القاعدة»، فإنها حظيت باهتمام كبير من قبل المخابرات ومقاومة الإرهاب الأميركي منذ 2003.
وألقت القوات الأميركية القبض على صديقي في أفغانستان في يوليو (تموز) 2008 وزعمت أنه عثر بحوزتها على مواد كيميائية وملاحظات مكتوبة تحتوي على بعض معالم نيويورك، وبينما كان المحققون يستجوبونها بشأن هذه المواد، أمسكت صديقي ببندقية كانت بالقرب منها وأطلقت النار على الجنود، لكن محامي صديقي قال إن موكلته «تعاني مرضا عقليا»، فحكم عليها بالسجن 86 عاما لمحاولة قتل عسكريين أميركيين.
وجاء في بيان أصدره المدعي العام الأميركي بريت بهارارا: «توصلت لجنة محلفين لم يُعلن أسماء أعضاؤها، وبما لا يدع مجالا للشك، أن عافية صديقي سعت لقتل أميركيين كانوا يؤدون الخدمة العسكرية في أفغانستان، إضافة إلى زملاء أفغان لهم»، حسب تعبيره.
ويحاول «داعش» استعادة صديقي واستقطاب كل قيادات وعقول «القاعدة» السجينة والطليقة في إشارة لحرصه عليها وعدم استعداده للتفريط فيها، واستعداده لإعادة الحياة للشبكات والخلايا النائمة في الغرب خاصة، وإعطائه الضوء الأخضر لها باستئناف نشاطها تحت راية «داعش».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.