العبادي يواجه أخطر أزمة سياسية ـ أمنية مع بدء العد التنازلي لمهلة تشكيل الحكومة

طمأن رئيس البرلمان إلى أن التحقيقات في مذبحة مسجد مصعب بن عمير ستكون جادة

حامد المطلك القيادي في ائتلاف «الوطنية» محاطا بقياديين آخرين في الائتلاف يتحدث عن مجزرة مسجد مصعب بن عمير في مؤتمر صحافي بمبنى البرلمان في بغداد أمس (رويترز)
حامد المطلك القيادي في ائتلاف «الوطنية» محاطا بقياديين آخرين في الائتلاف يتحدث عن مجزرة مسجد مصعب بن عمير في مؤتمر صحافي بمبنى البرلمان في بغداد أمس (رويترز)
TT

العبادي يواجه أخطر أزمة سياسية ـ أمنية مع بدء العد التنازلي لمهلة تشكيل الحكومة

حامد المطلك القيادي في ائتلاف «الوطنية» محاطا بقياديين آخرين في الائتلاف يتحدث عن مجزرة مسجد مصعب بن عمير في مؤتمر صحافي بمبنى البرلمان في بغداد أمس (رويترز)
حامد المطلك القيادي في ائتلاف «الوطنية» محاطا بقياديين آخرين في الائتلاف يتحدث عن مجزرة مسجد مصعب بن عمير في مؤتمر صحافي بمبنى البرلمان في بغداد أمس (رويترز)

مع بدء العد التنازلي للمهلة الدستورية الخاصة بتشكيل الحكومة العراقية المقبلة التي تنتهي في الـ10 من الشهر المقبل، يواجه رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي مشكلة مزدوجة، تتمثل فيما بات يعرف بالسقوف العالية لكل من الأكراد والعرب السنّة والتدهور الأمني اللافت.
بدوره، يجد البرلمان العراقي الذي تنتظره مهام كثيرة، من بينها قوانين ومشاريع قوانين موروثة من حقبة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، نفسه أمام مشاكل جديدة تتمثل في بحث تفاصيل مجزرة قاعدة «سبايكر» في تكريت التي راح ضحيتها أكثر من 1700 من طلبة الكلية الجوية من الشيعة، وغالبيتهم من محافظات الوسط والجنوب. وبينما كانت هذه المذبحة، التي وقعت في الحادي عشر من يونيو (حزيران) بعد دخول مسلحي «داعش» إلى تكريت، قد أدرجت في جدول أعمال جلسة أمس البرلمانية وقعت، أول من أمس، مذبحة مسجد مصعب بن عمير في محافظة ديالى التي قتل فيها أكثر من 80 مصليا، عير هجوم مسلحه شنه مسلحون لا تزال هويتهم غامضة.
الكتل السنية في البرلمان، التي يمثلها تحالف القوى العراقية، وجدت نفسها، وحيال الضغوط التي مورست عليها من قبل الشارع السني، مجبرة على اتخاذ موقف مما يجري. وتمثل هذا الموقف بتعليق مفاوضاتها الخاصة بتشكيل الحكومة المقبلة.
وأعلن رئيس البرلمان، سليم الجبوري، أن جريمة المسجد لن توقف مفاوضات تشكيل الحكومة.
وأضاف الجبوري الذي يتزعم كتلة «ديالى هويتنا»، التي علقت مشاركتها في المفاوضات، في مؤتمر صحافي: «لا يسعني إلا أن أقف موقف المدافع عن عملية تشكيل الحكومة، وإجراء المفاوضات ضمن السقف الزمني». وعبر عن اعتقاده أن «تشكيل الحكومة الجديدة واحدة من السبل التي نستطيع من خلالها أن ندرأ المشاكل الأمنية».
وأضاف، حسب وكالة الصحافة الفرنسية، أن «العملية التفاوضية، لها مجراها، من حق الكتل السياسية أن تعبر عن مواقفها؛ أن تجمد أو تعلق، لكن نعتقد بوصفنا مجلس نواب أن هناك سياقات دستورية يجب أن تحترم، ويقف مجلس النواب حريصا أمام احترام المدد الزمنية التي وُضعت في هذا الإطار».
وأعلن الجبوري تشكيل لجنة تحقيق يشارك فيها أعضاء من مجلس النواب ستقدم تقريرها في غضون 48 ساعة. وقال: «سيعقد مجلس النواب جلسة استثنائية تتعلق بالحوادث الأمنية التي وقعت في قاعدة سبايكر، والتي وقعت يوم أمس (الجمعة)، ونرى أنها بأيدٍ واحدة». وتابع: «لن نسمح بأن يستغلوا الظرف الأمني القلق، وأن يبثوا نوعا من الأجواء التي تحبط العملية السياسية (...)، الهدف الأكبر الذي يرومه البعض هو إجهاض كل الجهود التي تُبذل في هذا الاتجاه».
وحث الجبوري كل «الأطراف السياسية على التواصل، وإزالة كل العقبات من أجل وحدة الكلمة والموقف». وقال: «جميع الكتل عبرت يوم أمس عن مواقفها (...) كلهم أدانوا الأفعال الجريمة، وكلهم عبروا عن استيائهم مما حصل، ونحن ننتظر الإجراءات العملية لملاحقة المجرمين».
وشكل نوري المالكي، رئيس الوزراء المنتهية ولايته، لجنة رفيعة للتحقيق في الحادث. كما بعثت وزارة الداخلية كبار ضباطها لمعرفة ملابسات الحادث، الذي زاد الاحتقان الطائفي في البلاد.
وإضافة إلى كتلة «ديالى هويتنا»، فإن الكتل الأخرى التي أعلنت تعليق مشاركتها في مفاوضات تشكيل الحكومة هي «ائتلاف العربية» بزعامة صالح المطلك، و«متحدون» بزعامة أسامة النجيفي، و«كتلة الحل» بزعامة جمال الكربولي، و«الوفاء للأنبار» بزعامة قاسم الفهداوي، فضلا عن «ائتلاف الوطنية» الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي.
العبادي، وفي مسعى منه لتطويق الأزمة السياسية الناتجة عن هذا الخلل الأمني، التقى في مبنى البرلمان أمس رئيسه الجبوري. وفيما لم يصدر موقف نهائي عن الاجتماع، فإنه طبقا لمصادر مقربة من جو الاجتماع تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، فإن «العبادي طمأن الجبوري إلى أن التحقيقات التي ستجريها الجهات الأمنية ستكون جادة، وأن خيوط الجريمة تكشفت، وستُتخذ الإجراءات اللازمة لمنع حصول مثل هذه الجرائم مستقبلا».
وأضاف المصدر أن «تحالف القوى العراقية لا يزال عند موقفه بتعليق المشاركة ريثما يجري التوصل إما إلى الجناة الحقيقيين، وهم معروفون طبقا لما أفاد به شهود عيان في المنطقة، أو أن يتولى البرلمان اتخاذ موقف من شأنه ردع الميليشيات الخارجة على القانون».
وفي سياق المهمة التي باتت صعبة والتي يواجهها العبادي في تشكيل الحكومة، أكد وائل عبد اللطيف، وزير المحافظات الأسبق والقيادي في تحالف «أوفياء للوطن»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما نسمعه على صعيد المشاورات الجارية يفيد بأن هناك جانبين فيها؛ الأول يتمثل في المشاورات الجارية بين أطراف التحالف الوطني (الشيعي) نفسه، وهي مباحثات، وإن كانت صامتة حتى الآن، وليست معلنة، فإنها لا تخلو من المزيد من المشاكل بسبب عدم وجود ثقة داخل أطراف التحالف الشيعي نفسه، وهناك المفاوضات مع الشركاء الآخرين، وهم السنة والأكراد». وأضاف عبد اللطيف أنه «رغم ما يقال عن عقد وإشكالات، فإن الأمور على ما يبدو تسير بشكل طبيعي، لولا تعليق المشاركة السنية، وهذا التعليق لن يستمر في كل الأحوال، لأنني أرى أن ما تقوم به الميليشيات الآن والجماعات الإرهابية إنما هو عرقلة لجهود تشكيل الحكومة، لأن ذلك يصب في مصلحتها، لأنها لا تريد بناء دولة، وبالتالي فإن الحل الصحيح هو الإسراع بتشكيل الحكومة على أن لا تكون حكومة سياسيين فاشلين بل حكومة تكنوقراط وكفاءات».
وردا على سؤال بشأن ما يتسرب في بعض وسائل الإعلام من أن هناك جهات تساند المالكي، سياسية وإعلامية، بدأت بالتحرك لإفشال مهمة العبادي، قال عبد اللطيف: «على فرض أن ذلك حصل، فإن الأمور لن تعود إلى المالكي، لوجود قرار من قبل الجميع داخليا ودوليا، يُضاف إلى ذلك أن المرشح البديل هو مرشح عن دولة القانون وحزب الدعوة، وبالتالي لا أظن أن من مصلحة المالكي أو أي جهة يمكن أن تقف خلفه عرقلة جهود تشكيل الحكومة».
وبالعودة إلى «مجزرة سبياكر» فإنه في وقت عبر الكثير من نواب التحالف الوطني الشيعي عن غضبهم لعدم حضور وزير الدفاع وكالة سعدون الدليمي إلى الجلسة وقيامه بإرسال مبعوث عنه، فإن ممثل وزير الدفاع الفريق الركن محمد العسكري أكد خلال الجلسة المغلقة للبرلمان أن أعداد الضحايا الذين قيل إنهم قتلوا خلال العملية التي نفذتها جماعات تنتمي إلى تنظيم «داعش» أثناء احتلالها مدينة تكريت في 11 يونيو (حزيران) الماضي هي أقل بكثير من الرقم الذي جرى تداوله (1700 قتيل) بينما يجري الحديث حتى الآن عن أعداد أخرى ما زالوا محتجزين لدى أحد قادة تنظيم «داعش» من عشائر محافظة صلاح الدين.
من جهته، فجر قائد عمليات صلاح الدين الفريق الركن علي الفريجي، قنبلة من الوزن الثقيل عندما أعلن أمام أعضاء البرلمان إنه لا يوجد طلاب للقوة الجوية في قاعدة سبايكر.



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».