توتر في سجن النقب يسبق إضراباً مرتقباً

TT

توتر في سجن النقب يسبق إضراباً مرتقباً

قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، أمس: «إن حالة من التوتر والاستنفار تسود القسم رقم 1 في سجن (النقب الصحراوي)، نتيجة الاستفزازات المستمرة من قبل الإدارة للأسرى، في مختلف أقسام المعتقل منذ نحو شهرين».
وأكدت الهيئة في بيان، أن «قوات القمع في السجن قامت بالاعتداء على أحد الأسرى وإخراجه من القسم رقم 1 إلى جهة غير معلومة، بادعاء قيامه برشق إحدى السجانات في القسم بالماء الساخن». وأضافت أن «إدارة السجن قامت بسحب كافة الأجهزة الكهربائية من داخل القسم، وأن المعتقل بحالة من الترقب والتوتر والاستنفار».
وجاء هذا التصعيد في ظل توتر كبير يسود السجون منذ نحو شهرين، بسبب إجراءات إدارة السجون، وما قابلها كذلك من تهديدات وطعن أحد السجانين.
ويفكر الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلية، ببدء إضراب مفتوح عن الطعام، الأسبوع القادم، احتجاجاً على تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية بحقهم.
وقال حسن عبد ربه، الناطق الرسمي باسم هيئة شؤون الأسرى، إن المعتقلين في السجون الإسرائيلية «قرروا البدء في خطوات احتجاجية رداً على استمرار الانتهاكات الإسرائيلية بحقهم». وأضاف عبد ربه «في يوم 7 أبريل (نيسان) الجاري، تبدأ المجموعة الأولى من المعتقلين في الإضراب المفتوح عن الطعام، على أن تلحق بهم مجموعة ثانية يوم 17 من الشهر ذاته». وتابع بأن «أعداداً أخرى ستدخل في الإضراب تباعاً، من بينها قيادات من مختلف الفصائل الفلسطينية».
ويطالب الأسرى بوقف التصعيد الإسرائيلي بحقهم، وتحديداً إزالة أجهزة التشويش على الهواتف النقالة، التي ركبتها مصلحة السجون قبل نحو شهر. وأكدت هيئة شؤون الأسرى أن أجهزة التشويش تشكل خطراً كبيراً على حياة السجناء، وقد تسبب أمراضاً خطيرة. ولا يوجد دليل طبي حتى الآن على الاتهامات الفلسطينية؛ لكن ثمة تخوفات طبية.
وفتحت الشرطة الإسرائيلية تحقيقاً في شكاوى قدمها الأسرى الفلسطينيون بالاعتداء عليهم من قبل السجانين وهم مقيدون، بعد طعن حراس السجن في سجن النقب «كتسيعوت»، وفق ما ذكرت صحيفة «هآرتس»، أمس.
ووفقاً للشكاوى، فإنه بعد اعتقال منفذي عملية طعن حارسي السجن، وصل حراس سجون من المنطقة الجنوبية إلى سجن النقب، وبدأوا في ضرب الأسرى الذين كانوا مقيدين. وطبقاً للأسرى، فقد تعرضوا للضرب بالهراوات على جميع أنحاء أجسادهم، بعد نحو عشرين دقيقة من طعن الحراس. وقالت مصادر إنه تم تسجيل الحادث بالكامل بواسطة كاميرات مصلحة السجون، وأشار أحد المصادر إلى أن قادة مصلحة السجون شاهدوا التوثيق.
يشار إلى أنه في اليوم الذي تعرض فيه حراس السجن للطعن، أصيب 11 أسيراً، اثنان منهم في حالة خطيرة.
إلى ذلك، نقلت صحيفة «هآرتس» العبرية، أمس، عن مسؤول فلسطيني وصفته بالبارز والمرتبط بقيادة «حماس» في السجون الإسرائيلية، أن الإضراب عن الطعام الذي يعتزم الأسرى إعلانه في السجون الإسرائيلية، يهدف أيضاً إلى الضغط على إسرائيل لتشجيع صفقة لتبادل الأسرى مع «حماس».
ووفقاً للمسؤول، فإن الأسرى ينتظرون تلقي رسالة من زعيم «حماس» إسماعيل هنية، يسمح لهم فيها ببدء الإضراب عن الطعام. وقال المسؤول: «من سيحدد لهجة الإضراب هي غزة».
وتستعد مصلحة السجون الإسرائيلية للإضراب ابتداء من يوم الأحد المقبل. ولن يكون الإضراب محدوداً من حيث الوقت، وسيمتنع المضربون خلاله عن احتساء الماء أيضاً.
وبحسب الخطة، ستبدأ قيادة المنظمات الإضراب أولاً، ومن ثم سينضم إليهم بقية الأسرى. ومن غير المتوقع انضمام أسرى «فتح» إلى الإضراب رسمياً؛ لكن يعتقد أن مجموعات صغيرة من أسرى الحركة ستنضم إليه كتضامن غير رسمي. ويخشى كبار المسؤولين في مصلحة السجون من اضطرارهم إلى إجلاء عدد كبير من الأسرى إلى المستشفيات.
وحسب المعلومات، سيشترط الأسرى لإنهاء الإضراب عن الطعام، إزالة أجهزة تشويش البث التي تم تركيبها في أجنحة الأسرى. بالإضافة إلى ذلك، تطالب المنظمة بإلغاء الأحكام التي فرضت على الأسرى الذين شاركوا في «أعمال شغب» في السجون، بعد طعن حراس السجن، في الأسبوع الماضي، وإعادة الأسرى الذين تم نقلهم من «كتسيعوت» إلى سجون أخرى، والمصادقة على الزيارات العائلية لأسرى غزة، وإضافة مواد استهلاكية جديدة إلى المقصف، وكذلك فتح قنوات تلفزيونية أخرى. ولا تنوي المؤسسة الأمنية الإسرائيلية الاستجابة لمطالب «حماس».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».