وسائل النقل بين مدينتي غزة ورفح.. خطورة وغلاء أسعار

سائق لـ «الشرق الأوسط» : المصاعب التي نواجهها في الطريق لا حصر لها

حافلات «سيرفيس» في مدينة غزة بانتظار ركاب للتوجه الى مدينة رفح جنوبا («الشرق الأوسط»)
حافلات «سيرفيس» في مدينة غزة بانتظار ركاب للتوجه الى مدينة رفح جنوبا («الشرق الأوسط»)
TT

وسائل النقل بين مدينتي غزة ورفح.. خطورة وغلاء أسعار

حافلات «سيرفيس» في مدينة غزة بانتظار ركاب للتوجه الى مدينة رفح جنوبا («الشرق الأوسط»)
حافلات «سيرفيس» في مدينة غزة بانتظار ركاب للتوجه الى مدينة رفح جنوبا («الشرق الأوسط»)

غادر مؤمن مقداد (23 سنة) منزله في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة على متن سيارة أجرة متجها إلى موقف سيارات الجنوب، بالقرب من مستشفى الشفاء، ليستقل من هناك حافلة صغيرة (سيرفيس) للذهاب إلى مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة. انتظر مؤمن طويلا تحرك الحافلة دون جدوى، فالسائق لن ينطلق برحلته ما لم تمتلئ الحافلة بالعدد الكامل من الركاب.
عندها غادر مقداد الحافلة، واضطر لطلب سيارة خاصة من مكاتب السيارات للتوجه بها إلى رفح، فهو على عجلة من أمره.
وفي ظل الحرب الإسرائيلية المستمرة، أصبح عدد السيارات والمواطنين الذين يتنقلون من مدينة غزة إلى جنوب القطاع أقل بكثير من تلك الأعداد التي كانت تتنقل يوميا في الظروف العادية، وباتوا حاليا لا يتخطون 50 راكبا في اليوم، بعدما كانوا يتجاوزون المئات.
ويقول مقداد لـ«الشرق الأوسط» إن المواطنين في غزة يعانون الأمرّين من موضوع التنقل في غزة، واستخدام وسائل المواصلات خلال الحرب، وكثير منهم يتخوفون من استقلال سياراتهم أو حتى التنقل من مكان إلى مكان عبر سيارات الأجرة خشية من استهدافها، بعد أن أصبح كثير منها هدفا للغارات الإسرائيلية.
ويشير مقداد إلى أنه اضطر للبقاء في الـ«سيرفيس» أكثر من 40 دقيقة، ولم يكن على متنه إلا ثلاثة، مما يعني أنه كان عليه انتظار تسعة ركاب آخرين على الأقل كي تتحرك الحافلة التي تستوعب ما بين 12 إلى 14 راكبا.
وأضاف: «ذلك يعني أنني سأضطر للانتظار أكثر من ساعة، وربما أكثر، حتى يستطيع صاحب الـ(سيرفيس) أن يملأه ويذهب إلى رفح، ناهيك عن أن بعض الركاب ربما تكون وجهتهم عبر الطريق العام باتجاه مدينة خان يونس المجاورة لرفح، مما يعني أن السائق سيسلك طريقا أطول». وتبلغ تكلفة التنقل من غزة إلى رفح عبر «سيرفيس» نحو 10 إلى 12 شيقل إسرائيليا، في أوقات غلاء أسعار الوقود، أي ما يعادل نحو 4 دولارات، في حين تبلغ قيمة الرحلة عبر سيارة من مكتب خاص قرابة 50 شيقل، أي ما يعادل 14.5 دولار.
ويقول أحمد صبح، سائق على ما يُعرف بخط غزة - الجنوب، لـ«الشرق الأوسط»، إنه كسائق «سيرفيس» مضطر للانتظار حتى يأتي دوره، ثم ينتظر كي يملأ حافلته بالركاب للتوجه بهم إلى رفح.
وأشار إلى أنه لا يمكن له أن يتحرك من مكانه، حتى وإن كان ينقصه راكب واحد فقط، فذلك يشكل له خسارة في تعويض ما يضعه من وقود للتحرك به إلى رفح. ويضيف: «نحن لا نربح سوى شيقل أو اثنين فقط من كل رحلة، أي ما يعادل أقل من دولار واحد، في حين تكلفنا الرحلة نحو 8 دولارات، بحكم المسافة التي تصل إلى 40 كيلومترا».
ولفت صبح، وهو جالس داخل سيارته بانتظار امتلائها بالركاب، إلى أن المسافة معقدة، وليست مفتوحة، وتستغرق وقتا ليس بالقصير، مرجعا ذلك لمساحات غزة الضيقة والتعرجات في الطرق. والمعيقات التي تواجه السائقين بهذا الصدد لا حصر لها. وأضاف أن سعر النقل والمواصلات مرتبط بغلاء أسعار الوقود التي ترتفع من حين لآخر، إذ يصل سعر اللتر الواحد إلى سبعة شواقل، أي ما يعادل دولارين، في حين كان يصل سعره إبان تهريبه من الأنفاق التجارية مع مصر إلى أقل من نصف دولار، مشيرا إلى أن المسافة من غزة إلى رفح تحتاج إلى أكثر من 7 لترات ذهابا، ومثلها إيابا.
وكانت سيدة فلسطينية وثلاثة من أحفادها من عائلة أبو دقة قتلوا في 16 يوليو (حزيران) الماضي، بعد أن كانوا على متن سيارة أجرة «هيونداي» استهدفتها طائرة بلا طيار بعدة صواريخ، فيما أصيب 7 آخرون بجروح مختلفة، بعد أن غادروا مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة متجهين إلى مستشفى الشفاء بمدينة غزة لزيارة أحد أبنائهم الذي أصيب بجروح في قصف إسرائيلي استهدفه أثناء عمله سائق سيارة كانت استُهدفت أيضا في وقت سابق من اليوم ذاته. وتقول المواطنة هنادي أبو حسين لـ«الشرق الأوسط» إنها تضطر يوميا للمجيء من مدينة رفح إلى غزة لزيارة شقيقتها المصابة، التي ترقد في مستشفى الشفاء لتلقي العلاج، بعد أن أصيبت في قصف سابق.
وأوضحت أنها حين تستقل الـ«سيرفيس» تتخوف كثيرا وتعد الدقيقة تلو الدقيقة حتى تصل لمنزلها بأمان، خوفا من استهدافها.
وأشارت إلى أنها لا تستطيع البقاء طويلا في مدينة غزة، وذلك لأن الحافلات التي تتنقل من غزة للجنوب لا تستمر طويلا بالمواقف؛ فعند حلول الساعة الخامسة عصرا تقريبا يعود جميع السائقين لمنازلهم خوفا من استهداف سياراتهم، بينما يزيد الخطر حين تغرب الشمس.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.