مادورو يضيق الخناق على المعارضة الفنزويلية وزعيمها غوايدو

TT

مادورو يضيق الخناق على المعارضة الفنزويلية وزعيمها غوايدو

اقترب النظام الفنزويلي خطوة أخرى متقدمة في الحصار الذي يضربه حول زعيم المعارضة خوان غوايدو، وأصبح قاب قوسين من إحالته إلى المحاكمة تمهيداً لسجنه أسوة بمعظم القياديين المعارضين الذين قرّروا البقاء في البلاد أو تعذّر عليهم الهرب إلى الخارج، وذلك بعد أن قررت الجمعية التأسيسية، وهي البرلمان الآخر الموازي الموالي لمادورو، رفع الحصانة النيابية عنه تجاوباً مع طلب المحكمة العليا التي طلبت التحقيق معه في سلسلة من الاتهامات الجنائية.
لكن بعد الإعلان عن هذا القرار واصل غوايدو برنامجه كالمعتاد وصرّح قائلاً إنه تلقّى اتصالات مؤيدة من وزراء خارجية دول مجموعة ليما ورؤساء دول أخرى، مضيفاً: «إن ما يحصل خطير جداً ويستدعي من المواطنين مواصلة التحرّك في الشارع. نحن الأغلبية وعلينا أن نظهر ذلك للنظام وللعالم». وقال: «عندما بدأت النضال ضد الديكتاتورية كنت على مقاعد الدراسة ولم أكن أتمتع بالحصانة البرلمانية، وإذا تجرّأ النظام اليوم على اختطافي، أو إذا قام أحد في القوات المسلحة بانقلاب، فإنه سيرتكب اعتداء على الدستور وعلى البلاد». وكان غوايدو الذي أعلن تولّيه رئاسة الجمهورية بالوكالة أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي واعترفت به أكثر من 50 دولة، قد دعا المواطنين إلى مظاهرة أخرى حاشدة يوم السبت المقبل ومواصلة الاحتجاجات حتى إخراج مادورو من الرئاسة. وتأتي خطوة رفع الحصانة عن غوايدو ضمن خطة ينفّذها النظام ببطء مدروس، بعد أن قرر في نهاية يناير (كانون الثاني) تجميد أصوله ومنعه من مغادرة البلاد، ثم كلّف ديوان المحاسبة إعلانه غير مؤهل لتولّي مناصب عامة لمدة خمسة عشر عاماً قبل أن تستدعيه المحكمة العليا يوم الاثنين الماضي للتحقيق في انتهاكه قرار حظر السفر إلى الخارج وتوافق الجمعية التأسيسية على طلبها. وقد تحرّكت حكومات أوروبية وأميركية لاتينية عدة رافضة خطوة النظام، فيما أعلن وزير الخارجية الإسباني جوزيب بورّيل «أن الاتحاد الأوروبي يطالب باحترام حرّيات الرئيس المكلّف والحفاظ على سلامته الشخصية، وباستعادة صلاحيات الجمعية الوطنية الشرعيّة وصون حصانة أعضائها». وكان مادورو قد حمّل غوايدو مسؤولية الأزمة الكهربائية الخانقة التي تعاني منها البلاد منذ مطلع الشهر الماضي، واتهمه بالمشاركة في المخطط التخريبي الذي يدّعي النظام أن الولايات المتحدة تقف وراءه، والذي أجبر الحكومة على تقنين الكهرباء وأدّى إلى إقالة وزير الطاقة. وطالب ممثّلو الجناح المتشدد في النظام بإحالة غوايدو لمحكمة شعبية بعد اتهامه بالخيانة، ودعوا إلى إنزال أشد العقوبات في حق من «يمنع الماء والكهرباء عن المواطنين».
ويلاحظ أن تعقيدات الأزمة الفنزويلية، وصمود نظام مادورو في وجه الاحتجاجات والمظاهرات الشعبية، إلى جانب القمع الذي تمارسه الأجهزة الأمنية والمعاناة اليومية التي تواجه المواطنين، قد أدّت إلى تراجع الزخم في صفوف المعارضة التي تراقب عاجزة كيف راحت تتفكك استراتيجيتها لإسقاط النظام. ويتعرّض غوايدو منذ فترة لضغوط متزايدة من الجماعات الراديكالية في صفوف المعارضة تطالبه بتفعيل المادة 187 من الدستور التي تجيز للجمعية الوطنية «اللجوء إلى التدخّل العسكري الفنزويلي في الخارج، أو التدخّل العسكري الأجنبي داخل البلاد». ومن شأن ذلك توفير الأساس القانوني الذي يتيح التدخّل العسكري الخارجي الذي لمح إليه غوايدو في مناسبات عدة، وأعرب منذ أيام عن استعداده للجوء إليه، لكنه ذكّر بأن تفعيل المادة المذكورة من الدستور وطلب المساعدة الخارجية «ليس وقفاً على المعارضة فحسب، بل يقتضي تجاوباً من الأسرة الدولية».
في غضون ذلك، بدأت تظهر على وسائل التواصل الاجتماعي الفنزويلية في الأيام الأخيرة مؤشرات على التشكيك في قيادة غوايدو وحصافة استراتيجيته، فيما تتسّع دائرة اليأس في صفوف المواطنين الذين تعبوا من التظاهر يومياً والاضطرار لتكريس وقتهم وجهودهم لتلبية الاحتياجات الأساسية. أما النظام من جهته، فهو يواصل مدّ شبكته القانونية لمحاصرة غوايدو الذي أصبح مدير مكتبه في السجن بعد اتهامه بالتواطؤ مع جهات خارجية، فيما تشنّ وسائل الإعلام الرسمية حملة واسعة على زعيم المعارضة الذي تصوّره كعميل أجنبي يخدم مصالح أعداء البلاد ويساهم في تنفيذ المخططات التخريبية. ويؤكد الفريق السياسي الذي يشكّل الحلقة الضيّقة حول غوايدو أن اللجوء إلى طلب التدخل الخارجي ما زال مطروحاً «لكنه آخر الدواء نظراً لعدم التوافق الكافي حوله على الصعيدين الداخلي والخارجي». وما زال المعترضون على التدخل الخارجي حول غوايدو يراهنون على انتقال سلمي للسلطة لا يستبعدون أن يساهم فيه قطاع من القوات المسلحة بعد أن تشتدّ وطأة العقوبات الاقتصادية التي تحتاج لبعض الوقت قبل أن تظهر فاعليتها.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.