بعد موجة انتقادات.. حماس تتراجع عن الإعدامات العلنية

السلطة ترفض «الممارسات المستفزة».. ومصدر لـ «الشرق الأوسط»: لا يقتل العملاء قبل التحقيق معهم

بعد موجة انتقادات.. حماس تتراجع عن الإعدامات العلنية
TT
20

بعد موجة انتقادات.. حماس تتراجع عن الإعدامات العلنية

بعد موجة انتقادات.. حماس تتراجع عن الإعدامات العلنية

أدانت الرئاسة الفلسطينية ما وصفته بـ«الإعدامات العشوائية» في قطاع غزة على يد حماس، بعد إقدام الحركة على إعدام 18 «متعاونا» مع إسرائيل. واستغلت إسرائيل صور هذه الإعدامات وشبهت حماس بـ«داعش»، واتهمتها بارتكاب «جرائم حرب مزدوجة» ضد المدنيين الإسرائيليين والفلسطينيين معا. ولم تعقب حماس على الأمر، لكن مصادر في الحركة قالت إن «الإعدامات العلنية» كان لدواع تقدرها الحركة.
وبعد 24 ساعة من الضجة الكبيرة والانتقادات الخارجية والداخلية على إعدام العملاء، صدرت أوامر من المستوى السياسي في حماس بمنع إعدام العملاء علنا في الساحات والشوارع العامة.
وقال خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي للحركة، في حديث لموقع الأخبار الخاص بشبكة «ياهو» الإلكترونية، إن «حماس لا تعتمد العنف الديني ولا تستهدف المدنيين». وأكد أن حركة حماس «ضد قتل المدنيين والصحافيين، متهما إسرائيل، في المقابل، بأنها هي التي تقتل المدنيين». وتعقيبا على تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بأن «حماس هي (داعش)»، قال مشعل إن «هذه المعادلة من قبيل الكذب بهدف تضليل الجمهور الأميركي». وأضاف «حماس ليست تنظيما دينيا أو عنيفا، وأن (داعش) ظاهرة مختلفة تماما، فحماس تقاتل الغزاة على أراضينا».
وكانت الحكومة الإسرائيلية شنت حملة منظمة ضد حماس تستند إلى صور الإعدامات، وشبهت عناصرها وهم يعدمون «عملاء» بمقاتلي «داعش» وهم يقطعون رؤوس العراقيين والسوريين.
واتصل نتنياهو بسكرتير عام الأمم المتحدة بان كي مون، وقال له إن «حماس ترتكب جرائم حرب مزدوجة ضد مواطني إسرائيل وضد المدنيين في قطاع غزة». وأضاف أن «آخر تعبير على ذلك تمثّل بمقتل الطفل (الإسرائيلي) في الرابعة من العمر دانيال تريغرمان بقذيفة هاون أطلقت من القطاع الليلة الماضية وتنفيذها إعدامات جماعية بحق مدنيين في غزة». وتابع «العالم بأسره شهد على الإعدامات الجماعية التي نفّذتها حماس وهي أشبه بالنهج الدموي لتنظيم (داعش) الإرهابي. لقد قاموا بعمليات إعدام ميدانية وجماعية لعشرات الفلسطينيين في عملية إرهابية للأقليات بتهمة أنهم يتعاملون مع إسرائيل». وأردف «المنظمتان (حماس وداعش) تدعوان إلى إقامة الخلافة الإسلامية وتستخدمان ذات الأساليب الإجرامية، لذلك حماس و(داعش) وجها عملة واحدة». ونشر مكتب نتنياهو صورا لعمليات الإعدام في غزة وصورا أخرى لعمليات الإعدام في العراق من بينها عملية إعدام الصحافي الأميركي جيمس فولي، كتب عليها «حماس = داعش». وكتب نتنياهو في تغريدة على حسابه في «تويتر»: «هؤلاء هم أعداء الدول المتنورة والمتحضرة».
وفي المقابل، رد عضو المكتب السياسي لحركة حماس عزت الرشق قائلا إن «محاولة نتنياهو والمتحدث باسمه أوفير جندلمان ربط وتشبيه حماس بجماعات أخرى، تضليل إعلامي لن ينطلي على أحد، ونرفض بشدة استخدام جندلمان والإعلام الإسرائيلي صورة الصحافي الأميركي فولي، الذي أعدم بطريقة وحشية نستنكرها بشكل كامل، لمثل هذه الأغراض. ونستنكر الأسلوب الرخيص للإعلام الإسرائيلي لاستخدام هذه الصورة دون أي احترام لحرمة الميت».
ورد جندلمان على «فيسبوك» بالقول «حماس تقول إنها ليست شبيهة بـ(داعش) وتدين إعدام فولي وتقول إنه عمل وحشي. فكيف أعدمتم 24 فلسطينيا في غزة وعشرات آخرين في الأسابيع الأخيرة؟».
وكان ملثمون تابعون لحماس شوهدوا الجمعة يرتدون ملابس سوداء ويقتادون «العملاء» الذين غطت رؤوسهم حفاظا على سمعة عائلاتهم، أمام حشد من الناس إلى موقع تنفيذ الإعدام، ويضعونهم في صف ويطلقون عليهم الرصاص مباشرة. وجاء ذلك بعد يوم من تمكن إسرائيل من استهداف ثلاثة من كبار قادة كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، في غزة.
وتستخدم إسرائيل العملاء على الأرض منذ عقود، وقد بنت «جيشا» منهم. وقدم هؤلاء للإسرائيليين خدمات كبيرة ساعدت في تعقب مطلوبين وتسهيل عمليات اغتيالهم في السابق. وكشفت تحقيقات مستفيضة أجرتها السلطة وفصائل فلسطينية في السنوات القليلة الماضية أن كل عملية اغتيال في الضفة أو غزة شارك فيها بصورة أو بأخرى عملاء فلسطينيون، حتى إن بعضهم شاركوا في تنفيذ هذه الاغتيالات. ودافع مصدر أمني فلسطيني عن الإعدامات بقوله لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يقتل العملاء قبل التحقيق معهم وسحب معلومات دقيقة منهم يجري مطابقتها عادة مع اعترافات أخرى وحقائق على الأرض».
وفي غضون ذلك، انتقدت السلطة الفلسطينية ومؤسسات حقوقية الإعدامات العلنية، وقال الطيب عبد الرحيم، أمين عام الرئاسة الفلسطينية، إن «هذه الإعدامات المطعون في أسبابها تنفذ خارج القانون وخارج المحاكم التي تكفل ضمانات المحاكمات العادلة، وبالتالي فهي مرفوضة ومدانة من شعبنا، وتذكرنا بما تقوم به تنظيمات تكفيرية نرى وقائعها على شاشات التلفزة». وأضاف أن «حركة حماس حاولت الترويج بأن هذه الإعدامات تمت وفق القانون، وزعمت أن الفصائل في غزة على علم بذلك.. إن هذا ليس صحيحا بالمطلق، فقد تمت هذه الإعدامات بدم بارد على أساس قانون حماس، وهو أن من ليس معها فهو ضدها».
وجاء بيان عبد الرحيم بعد ساعات من طلب أعضاء في المجلس الثوري في حركة فتح من الرئيس الفلسطيني محمود عباس التحقيق في «أخبار تعرض كوادر في حركة فتح لاعتداءات جسيمة من بعض المعادين للوحدة الوطنية في غزة». وقال أربعة من أعضاء المجلس الثوري في رسالة لعباس «نقترح التنويه للوفد في القاهرة بأن يعمل على إيقاف مثل هذه الممارسات إن حصلت وتقديم الفاعلين للعدالة في محكمة مرجعيتها الشرعية برام الله تعزيزا للوحدة الوطنية ولجم الساعين للفتنة والفرقة».
من جهة أخرى، أقر مشعل للمرة الأولى بأن حركة حماس هي التي خطفت وقتلت المستوطنين الإسرائيليين الثلاثة قرب الخليل في الضفة الغربية، قبل شهرين، وقال إن «العملية تأتي في إطار مقاومة الاحتلال». وأضاف في مقابلة أن «الحركة لم تعرف بداية أن العملية نفذت من قبل عناصر حماس، لكني أعرف أن الذين يعانون من الاحتلال والقمع قد يلجأون إلى أعمال شتى».



تنسيق المواقف قبيل زيارة ترمب للمنطقة ضمن أهداف جولة السيسي الخليجية

أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني يستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمطار حمد الدولي في الدوحة (الرئاسة المصرية)
أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني يستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمطار حمد الدولي في الدوحة (الرئاسة المصرية)
TT
20

تنسيق المواقف قبيل زيارة ترمب للمنطقة ضمن أهداف جولة السيسي الخليجية

أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني يستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمطار حمد الدولي في الدوحة (الرئاسة المصرية)
أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني يستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمطار حمد الدولي في الدوحة (الرئاسة المصرية)

بدأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد، جولة خليجية تشمل قطر والكويت، اعتبرها خبراء تأتي في إطار «الجهود المصرية العربية الخليجية لتوحيد المواقف بشأن قضايا المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية»، قبيل زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى المنطقة الشهر المقبل.

ومن المقرر أن يعقد السيسي والأمير تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، مباحثات ثنائية، الاثنين، بالعاصمة الدوحة، تعقبها مباحثات موسعة لمسؤولي البلدين، بمشاركة الرئيس المصري وأمير دولة قطر، بحسب ما نقلت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية المصرية.

وبحسب بيان للرئاسة المصرية، تركز المباحثات بين الزعيمين المصري والقطري على «سبل تعزيز التعاون الثنائي في شتى المجالات، ومناقشة التطورات الإقليمية، وخاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، والجهود المبذولة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة».

ويعقد السيسي بالدوحة، مساء الأحد، لقاءً مع ممثلي مجتمع الأعمال القطري لبحث فرص التعاون الاقتصادي.

وكان الرئيس المصري قد وصل، صباح الأحد، إلى العاصمة القطرية الدوحة، في مستهل جولته الخليجية، حيث كان الأمير تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، في مقدمة مستقبلي السيسي بمطار حمد الدولي.

وتأتي زيارة السيسي إلى قطر تتويجاً لما شهدته العلاقات بين مصر وقطر من تنامٍ مطرد منذ عام 2021، حيث قام أمير قطر بزيارة القاهرة في يونيو (حزيران) 2022، ثم قام الرئيس المصري بزيارة الدوحة في سبتمبر (أيلول) 2022، حيث تم التوقيع على ثلاث مذكرات تفاهم في مجالي الموانئ والشؤون الاجتماعية، بالإضافة إلى مذكرة تفاهم للتعاون بين صندوق مصر السيادي وجهاز قطر للاستثمار.

وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين بنهاية عام 2024 نحو 205 ملايين دولار، بينما بلغ إجمالي الاستثمارات القطرية في مصر نحو 5.5 مليار دولار.

كما يتوجه السيسي عقب زيارته لقطر إلى الكويت، المحطة الثانية في جولته الخليجية، حيث تأتي هذه الزيارة تأكيداً على عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وحرصهما المشترك على توسيع آفاق التعاون الاقتصادي والاستثماري، بحسب بيان الرئاسة المصرية.

ومن المقرر أن يلتقي السيسي في الكويت بالشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، بالإضافة إلى الشيخ صباح خالد الحمد الصباح ولي العهد، والشيخ فهد يوسف سعود الصباح النائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الداخلية ورئيس مجلس الوزراء بالإنابة.

ويرى الخبير الاستراتيجي المصري سمير راغب لـ«الشرق الأوسط» أن الجولة الخليجية للسيسي تأتي في وقت حساس وفارق؛ في ظل ما تمر به المنطقة من أوضاع بالغة الصعوبة. «فالعلاقات المصرية الخليجية عموماً، والمصرية - القطرية على وجه الخصوص، عنصر مهم في جهود المساعي العربية لإنهاء الصراع في غزة؛ حيث إن جهود الوساطة المصرية - القطرية مستمرة ولن تتوقف، سواء بالوساطة بين (حماس) والطرف الإسرائيلي من جانب، والطرف الأميركي من جانب آخر».

ونوه راغب إلى أن هذه الزيارة «تأتي ضمن جهود مصر للتنسيق مع الدول العربية، وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي والأردن؛ فالوساطة تدار على المستوى الوزاري، وأجهزة المخابرات في الدول محل الوساطة، لكن اللقاءات على المستوى الرئاسي تلعب دوراً كبيراً في دفع جهود الوساطة، وما يميز الجهود المصرية - القطرية في الوساطة هو التنسيق وتكامل الجهود، والقدرة على التأثير على أطراف الصراع، والتنسيق مع القوى العربية والإقليمية والدولية الفاعلة، لصالح التسوية السلمية للحرب في غزة».

كما قال راغب أيضاً إن «التنسيق العربي الخليجي يشمل جميع الملفات الإقليمية، والعلاقات مع الجانب الأميركي هي محور ضمن ملفات التنسيق فيما يتعلق بقضايا المنطقة، والتحضير لزيارة ترمب بدأ من القمة الأخوية بالرياض، بحضور قادة وممثلي دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة لزعيمي مصر والأردن؛ إذ إن الزيارة الحالية واللقاءات الثنائية للرئيس المصري في قطر والكويت مكملة للتنسيق حول الملفات الإقليمية والدولية وزيارة ترمب، بالإضافة للعلاقات الثنائية».

وأعلن الرئيس الأميركي بداية الشهر الجاري أنه قد يزور السعودية وقطر والإمارات «في المستقبل القريب، أو الشهر المقبل، أو بعد ذلك بقليل»، بحسب ما قال للصحافيين في البيت الأبيض.

فيما قال المحلل السياسي القطري، عبد الله الخاطر لـ«الشرق الأوسط» إن «جولة السيسي الخليجية حالياً تعد من أهم الزيارات التي يقوم بها، في إطار تنسيق الجهود العربية الخليجية لتكون موحدة ومتناسقة ومؤثرة في القرار العالمي فيما يخص كل قضايا المنطقة المشتعلة، سواء في فلسطين أو السودان أو ليبيا وسوريا أو لبنان».

وأوضح: «هذه الزيارة خصوصاً لقطر بالقطع ستشهد تنسيقاً للمواقف المصرية والعربية والخليجية بشأن قضية فلسطين ومستقبل غزة قبيل زيارة الرئيس الأميركي للمنطقة في مايو (أيار) المقبل».

ونوه إلى أن «القيادات العربية والخليجية من الواضح في تحركاتها الفترة الماضية الإصرار على أن تكون دول المنطقة وشعوبها لها تأثير وقرار فاعل فيما يحدث بالمنطقة والعالم، ولا تكتفي بدور المتفرج».