فيرغسون تشهد أول ليلة من دون اعتقالات أو قنابل مسيلة للدموع

المحتجون قابلوا الشرطة بالشموع والبالونات والصلوات الداعية للسلام

عدد من سكان فيرغسون خلال المظاهرة السلمية التي نظمت أمس بالقرب من المكان الذي قتل فيه الشاب مايكل براون (أ.ف.ب)
عدد من سكان فيرغسون خلال المظاهرة السلمية التي نظمت أمس بالقرب من المكان الذي قتل فيه الشاب مايكل براون (أ.ف.ب)
TT

فيرغسون تشهد أول ليلة من دون اعتقالات أو قنابل مسيلة للدموع

عدد من سكان فيرغسون خلال المظاهرة السلمية التي نظمت أمس بالقرب من المكان الذي قتل فيه الشاب مايكل براون (أ.ف.ب)
عدد من سكان فيرغسون خلال المظاهرة السلمية التي نظمت أمس بالقرب من المكان الذي قتل فيه الشاب مايكل براون (أ.ف.ب)

خلال المؤتمر الصحافي الذي يعقده في منتصف كل ليلة، قال، أمس، الكابتن رونالد جونسون، قائد شرطة ولاية ميسوري التي تحرس فيرغسون (بعد سحب شرطة المدينة بسبب تشددها مع المتظاهرين) إنه، لأول مرة منذ بداية الاشتباكات قبل أسبوعين، لم تعتقل الشرطة أي شخص، ولم تلقِ الشرطة قنابل مسيلة للدموع لتفريق المحتجين. وفي الوقت نفسه، ركز المتظاهرون على حمل الشموع، وإطلاق البالونات، وترتيل الصلوات.
وبعد غروب الشمس، قال القس ماريون ستون لـ«الشرق الأوسط»، بعد أن قاد صلاة لمجموعة من المتظاهرين أمام مركز شرطة المدينة: «علمنا القس الزعيم مارتن لوثر كينغ أن نواجه العنف بالصلاة، وعلمنا ألا نرد على القنابل المسيلة للدموع بقنابل مولوتوف». وأضاف: «لا بد أنك شاهدت الصور القديمة في التلفزيون.. صور رجال الشرطة البيض يستعملون الكلاب التي كانت تعض المتظاهرين السود في ولاية ألاباما، وصورهم وهم يستعملون أنابيب الماء قوية الاندفاع لتفريق المتظاهرين السود. لكن كان كينغ يقول إننا يجب ألا نواجه العنف بالعنف».
وفي تجمع آخر، أمس، حمل المتظاهرون بالونات، وصلّت بهم قسيسة، ودعت لهم بالسلامة والأمان، ثم أطلقوا البالونات نحو السماء. وفي تجمع ثالث حمل المتظاهرون شموعا، أعدوها منذ قبل غروب الشمس. وتطوع حتى بعض البيض معهم، وأحضروا أعدادا كبيرة من الشموع، وكؤوسا من الورق، ووضعوا في كل كأس ورق شمعة، وسار المتظاهرون في صمت، ومن دون هتافات، ولافتات.
وليلة أمس، وعكس ما توقع كثير من الناس بأن عطلة نهاية الأسبوع ستجلب مزيدا من المتظاهرين، وستشهد تجدد أعمال العنف، لم تكن التجمعات كثيرة، وركزت على الشموع، والبالونات، والصلوات الداعية للسلام. وخلال هذه المظاهرة السلمية حمل متظاهر لافتة عبارة عن صورة عملاقة لرأس الكابتن توماس جاكسون، قائد شرطة المدينة الذي قاد عمليات عسكرية ضد المتظاهرين في البداية، مع دبابات ومصفحات. وقال أمام عدد من زملائه: «نطالب برأس جاكسون»، لكنه استدرك وقال: «لا نريد قتله انتقاما لقتل براون. بل نريده أن يستقيل على الأقل، وأن يُقدّم إلى المحاكمة».
وأضاف بعبارات غاضبة: «أنت لم تكن هنا عندما قاد جاكسون هذه الحملة العسكرية القاسية ضدنا. لكن، لا بد أنك شاهدتها في التلفزيون. كانت حربا حقيقية. لم نواجه شرطة، واجهنا جنودا مسلحين ببنادق أوتوماتيكية ميدانية وقنابل مسيلة للدموع».
وقالت متظاهرة كانت تحمل لافتة: «يقتلنا البيض صباحا ومساء، ولا يفكرون فيما يفعلون. بالنسبة لهم، كل شيء عادي». وانتقدت اللافتة التي كانت تحملها ما تسميها «وايت بريفيلدج» (ميزات البيض)، وكتبت عليها بخط كبير: «لم تقتل الشرطة البيضاء ميزات البيض، بل قتلت السود الضعفاء». وقالت المتظاهرة، التي تخرجت في كلية للسود تقع في المدينة نفسها، شارحة محتوى لافتتها: «ينكر البيض أنهم عنصريون، ويقولون إننا نحن السود نركز على العنصرية، وعلى اللون. حسنا، لنفترض أنهم ليسوا عنصريين، لكنهم يتمتعون بميزات بسبب قوتهم. إنهم يسيطرون على كل شيء؛ على الشرطة، على السياسة، على الشركات، على كل المجتمع. وظلوا يفعلون ذلك منذ أن جاءوا إلى هذه الدنيا الجديدة، ثم أحضرونا من أفريقيا إلى هنا».
وأضافت: «لكنهم ينكرون ذلك. اسأل أي شخص أبيض عن العنصرية، وسيقول لك إنه ليس عنصريا، حتى إذا كان عنصريا. واسأله عن سيطرة البيض على كل شيء وسيقول لك إن أميركا بلد الحرية، وكل شخص حر في أن يفعل ما يريد. هذه هي المشكلة؛ ينكرون قوتهم. لهذا، لا يفكرون فيما تفعل هذه القوة. يقتلوننا صباحا ومساء، ولا يفكرون في ذلك. بالنسبة لهم، نحن مجرد خارجين عن القانون، قانونهم هم، الذي تنفذه شرطتهم هم».
وعلى صعيد متصل بالأحداث العنصرية في فيرغسون، أوقف شرطي في ميسوري عن العمل أول من أمس، لأنه وصف على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» الأشخاص الذين يتظاهرون احتجاجا على ظروف إقدام شرطي أبيض على قتل شاب أسود في فيرغسون (وسط) بـ«الكلاب المسعورة».
وكتب مايكل رابرت، الشرطي في غليندايل: «شعرت بالاستياء من هؤلاء المتظاهرين. أنتم عبء على المجتمع وآفة في هذه المنطقة». وأضاف: «كان من الضروري ضرب هؤلاء المتظاهرين مثل الكلاب المسعورة في الليلة الأولى».
وتساءل: «أين هم المسلمون مع حقيبة ظهر عندما نحتاج إليهم؟»، ملمحا بذلك إلى منفذ الاعتداء في ماراثون بوسطن.
ويُعدّ مايكل الشرطي الثاني في منطقة سانت لويس (تقع فيرغسون في نطاقها الإداري) الذي يجري وقفه عن العمل بسبب تصرف غير لائق في إطار المظاهرات. وكتبت شرطة غليندايل في بيان: «أخذت هذه القضية على محمل الجد، وسيجري تحقيق داخلي».



بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.