سياسي مغربي يحذر من محاولة جديدة لإفشال إصلاح التعليم

TT

سياسي مغربي يحذر من محاولة جديدة لإفشال إصلاح التعليم

قلل نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية المغربي (الشيوعي سابقاً)، ووزير الإعلام والإسكان الأسبق، من أهمية الجدل الدائر حول لغة التدريس في مشروع قانون إصلاح التعليم، المعروض حالياً للتعديل والتصويت بمجلس النواب، واعتبره «كلاماً زائداً، ومزايدات سياسية»، محذراً من وجود محاولات جديدة لإفشال إصلاح التعليم في المغرب.
وقررت لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، صباح أمس، للمرة الثانية تأجيل التصويت على «مشروع قانون إطار رقم 51.17. المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي»، إلى اليوم (الأربعاء) بطلب من إدريس الأزمي الإدريسي، رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية، متزعم الائتلاف الحكومي، وذلك بهدف استكمال التشاور والتوصل إلى صيغة توافقية حول التعديلات المتعلقة بلغة التدريس.
ونصت التعديلات التي جرى التوافق عليها سابقاً على تدريس بعض المواد العلمية والتقنية باللغة الفرنسية في البداية، ثم اعتماد اللغات الأجنبية، ولا سيما الإنجليزية، بالتدرج، إلا أن الفريق النيابي لـ«العدالة والتنمية» تراجع عن تأييد هذا التوافق، بإيعاز من عبد الإله ابن كيران، أمينه العام السابق ورئيس الحكومة السابق، الذي حثّ نواب حزبه على رفض اعتماد الفرنسية في تدريس المواد العلمية، وإن أدى الأمر إلى سقوط الحكومة التي يرأسها الحزب، لأنه اعتبرها مخالفة للدستور ولمبادئ الحزب.
وفي هذا السياق، قال نبيل بن عبد الله إن «الكلام الرائج اليوم عن القانون الإطار كلام زائد لا يذهب إلى صلب الأمور، لأن ما يهمنا في القانون هو الإصلاح العميق لمنظومة التربية والتعليم في البلاد، وإصلاح المدرسة العمومية والمناهج، والارتقاء بجودة التعليم والموارد البشرية».
وأضاف ابن عبد الله، الذي كان يتحدث أمس، في لقاء نظمته وكالة الأنباء المغربية، أن «هناك انزلاقاً هوياتياً بين من يعتبر أن اللغة العربية هي التي تشكل الأرضية الصلبة للهوية الوطنية المغربية، ولا يمكن الخروج عنها، وبين من يذهب بعيداً وكأنه يقول إن هذه اللغة غير صالحة، ولا ينبغي أن تعتمد... والمخرج يكمن في الوسطية»، وتأسف ابن عبد الله على أنه «عوض مناقشة القضايا المرتبطة بالإصلاح الحقيقي للتعليم، نركز على اللغة، وكأن هناك محاولة جديدة لإحباط إصلاح التعليم، وجرّه مرة أخرى لمدة عقود نحو الفشل».
وشدد ابن عبد الله على أن حزبه غير منحاز لـ«التشنج الآيديولوجي المحافظ»، ويقصد بذلك دعاة اعتماد العربية، ولا لتيار «المغالاة في الاتجاه الآخر، الذي يعتقد أن اللغة العربية غير صالحة للعباد والبلاد». لافتاً إلى أن «القانون ينبغي أن يمر، لنمر إلى الإصلاح، ولا داعي للمزايدات من أي كان».
من جهة أخرى، ورداً على سؤال حول موقفه من الخلافات بين أحزاب الأغلبية ولا سيما بين حزبي العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار، قال ابن عبد الله: «نحن غير مرتاحين، ولا نعتقد أن هناك جواً سليماً داخل صفوف الأغلبية يمكّن الحكومة من الاشتغال في ظروف جيدة». وأضاف موضحاً: «اثنان (يقصد «العدالة والتنمية» و«التجمع») يتصارعان باستمرار، بخلفية انتخابية، على بعد عامين ونصف من موعدها، فكيف لهذه الحكومة أن تشتغل في هذه الظروف؟».
يذكر أن اللقاء كان مخصصاً للحديث عن «الشراكة كفلسفة للإصلاح في وسائل الإعلام»، وذلك بمناسبة الذكرى الـ60 لتأسيس وكالة الأنباء المغربية. ولذلك ركز ابن عبد الله في مداخلته على تطور قطاع الإعلام في المغرب، باعتباره كان وزيراً للإعلام. وفي هذا السياق، ناشد المسؤول المغربي وسائل الإعلام المغربية، ولا سيما الخاصة منها، بالكف عن التعامل مع الحقل السياسي وكأنه «عدو»، وخاطبها قائلاً: «كفى من التبخيس، لأن الفضاء السياسي لا يقضي وقته، وهو يواجه الإعلام. لقد أصبحت لدى بعض وسائل الإعلام هواية الطعن في الأحزاب السياسية من دون تمييز، وفي المؤسسات المنتخبة». وخلص إلى وجود «محاولات لتطويع جزء كبير من هذا القطاع لخدمة مشروع سياسي معين، في صيغته الأولى قبل سنوات، والآن في صيغته الثانية». ملمحاً إلى المشروع السياسي الذي كان يقوده حزب الأصالة المعاصرة المعارض، والمشروع الذي يقوده حالياً حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يرأسه عزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري. والحزبان يعدان من المقربين من السلطة.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.